إعادة نظر في ذات الملف.. علي جل آغا
“ لا ضير أن يكون الكرد رأس رمح حاد لاستراتيجية أمريكية وأوربية واضحة المعالم بعد ما أثبتت حليفاتها من العرب فشلها إذا قارننا تطورات الوضع الراهن بسابقه من التحالفات التي خلت, ولا شك أن الكرد ماضون في مسيرة حافلة بالامتيازات والنصر والمكاسب كانوا قد خسروها سابقا ً “
لا شك أن تركيا مستاءة كثيراً من التطورات الجارية في المنطقة عموما وفي المناطق الكردية خاصةً, لذا أبدت مخاوفها بشتى الوسائل والطرق في أجزاء كردستان الأربعة وتجلت في عدة صيغ وممارسات, لأنها ممتعضة من قيام أي كيان كردي سيعلن عنه مستقبلاً, فدعمها للحركات الإرهابية مثل داعش ومثيلاتها خير دليل على ذلك, وبتأكيد أكثر من مرة من طرف الإدارة الأمريكية واتهامها لتركيا بالتورط في هكذا مسائل, ناهيك عن وعودها الفارغة بعملية السلام مع حزب العمال الكردستاني وإطلاق سراح زعيمه المحتجز لديها في جزيرة (إمرالي) دون أن تفضي تلك الوعود إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع, ولا تزال تمارس نفس السياسة القديمة الجديدة مع حزب العمال الكردستاني على أنه تنظيم إرهابي لا يمكن التعامل معه, بل وبالعكس يجب قمعه وضربه في الصميم دون الأخذ بعين الاعتبار الشريحة التي يمثلها هذا الحزب وأدائها الفعال مؤخرا ً في الانتخابات التركية, سواء في البلديات أو الانتخابات النيابية, وما إلحاح تركيا التدخل في سوريا إلا لتمنع قيام كيان كردي والذي تسعى تركيا جاهدة لمنعه وهي تدرك مدى خطورة سيطرة مقاتلي الـ(YPG) على المناطق الكردية وإقامة إدارة ذاتية فيها, كما أنها دعت أكثر من مرة صالح مسلم الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي الـ(PYD) إلى العدول عن ذلك وقوبل طلبها بالرفض, فتركيا بين نارين أَضعفهما جحيم بالنسبة لها , فهل تعيد النظر في مواقفها تجاه القضية الكردية ؟ أو تتجه نحو العزلة و التهميش من حلفائها الأمريكان والأوربيين. فتصول وتجول في فضاءات خيالها بين تشجيع وتهليل وتهديدات خلبية بالتدخل في سوريا دون نتيجة تذكر, فتضرب وعودها عرض الحائط، والملفت أكثر والذي أجهض طموحات تركيا هو الطلب الأمريكي الملح لدخول قوات كردية إضافية إلى مدينة كوباني الكوردية من المقاتلين البيشمركة لدعم القوات الكردية الموجودة من الـ(YPG) والأهالي وإرغام تركيا على فتح المعابر إلى كوباني, فكان ذلك تهديدا ً مباشرا ً من الولايات المتحدة الأمريكية لحليفتها تركيا والتي تتباهى بعضويتها في أكبر حلف عسكري ألا وهو (الناتو), ناهيك عن وجود أكبر قاعدة عسكرية أمريكية جوية على أراضيها (انجرليك), فاعتبار الولايات المتحدة والدول الأوربية القوات الكردية ركيزة أساسية يعتمد عليها مستقبلا ً ضد الإرهاب كبرى الصفعات اللي تلقتها تركيا, ولست مبالغا ً في القول إن قلت أكبر من صفعة خروجها من الحرب وخسارتها بعد الحرب العالمية الأولى لأن الكرد أثبتوا أنّهم الوحيدون القادرون على مواجهة أخطر تنظيم إرهابي على العالم عامة والمنطقة خاصة, ولا ضير أن يكون الكرد رأس رمح حاد لاستراتيجية أمريكية وأوربية واضحة المعالم بعد ما أثبتت حليفاتها من العرب فشلها إذا قارننا تطورات الوضع الراهن بسابقه من التحالفات التي خلت , ولا شك أن الكرد ماضون في مسيرة حافلة بالامتيازات والنصر والمكاسب كانوا قد خسروها سابقا ً وفق مؤامرات و تحالفات أنجبت اتفاقيات ظالمة بحق هذا الشعب العظيم, فتصريح المنسق الأمريكي للتحالف الدولي دليل تدون أبجدية جديدة في عصر جديد عندما قال بأن: ” تنظيم الدولة الإسلامية في العراق و الشام ( داعش ) وضع نفسه في مأزق باجتياحه مدينة كوباني الكردية”, كما أردف القول بأنهم “ماضون في دعم القوات الكردية المقاتلة” وسيستمرون على هذا النهج لأن سقوط كوباني يعتبر سقوط مشروع استراتيجي أمريكي بامتياز, وإضافة إلى ذلك تصريح السيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان بإرسال قوات إضافية من البيشمركة إلى كوباني إذا اقتضت الحاجة لذلك, لم يكن إلا دليلا ً إضافيا ً على أن الكرد باتوا حجر زاوية في معادلة دولية لهم فيها القسط اليسير من تحقيق أهدافهم المنشودة وأنهم على استعداد لهذا التعاون مع قوى التحالف الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية, فهلا تكرمت تركيا بالرضوخ وذلك خير لها من أن تذل و تلطخ أكثر فأكثر و تخسر ما تبقى لها من حلفاء الغرب والأوربيين.
نشر في هذا المقال في صحيفة Buyerpress في العدد 15 بتاريخ 2015/3/15
التعليقات مغلقة.