هيلاري مانتل: كره حد الغليان ينتابني تجاه تاتشر
لم يكن مستغرباً أن تثير قصة «اغتيال مارغريت تاتشر» للأديبة الإنجليزية هيلاري مانتل، كل هذه الضجة في بريطانيا، فمانتل الحائزة على جائزة «مان بوكر»، مرتين، كانت شديدة الصراحة، عندما أفادت بأنها تخيلت قتلها رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر في شهر أغسطس 1983، بعد أن وجدت نفسها على مسافة طلقات نارية منها..
وقالت وهي تشير بيدها على شكل مسدس أثناء المقابلة التي أجرتها معها صحيفة «غارديان البريطانية أخيراً: «تقيس عينك المسافة على الفور، واعتقدت انه لو لم أكن ما أنا عليه، لو كنت شخصاً آخر..
لكانت (تاتشر) حالياً، في عداد الموتى»، وتستذكر خلالها تلك اللحظة التي رأت فيها زعيمة حزب المحافظين تسير في حديقة مستشفى خاص، من دون حراسة، أمام شقتها في وندسور، حيث كانت تتعافى من عملية جراحية في عينها. كما تؤكد أنها لا تزال تشعر بكره حد الغليان تجاه مارغريت تاتشر.
ومانتل، بعد مرور 30 عاماً، حولت لحظات الرغبة بالقتل تلك، إلى قصة قصيرة، نشرت ضمن مجموعة قصص قصيرة للكاتبة صدرت تحت العنوان نفسه، وهي تقول: «كنت سأطلق على المجموعة (عشر حكايات آثمة) لكن بعد 30 عاماً تقريباً، انتهيت أخيراً من قصة تاتشر».
اتفاق باهظ
القصة تتحدث عن امرأة ميسورة الحال، تسمح، عن طريق الخطأ، لرجل بالدخول إلى شقتها، ليتبين لها انه قاتل من الجيش الجمهوري الايرلندي، يقصد اغتيال تاتشر من غرفة نومها التي تشرف على مستشفى في وندسور. وتدور أحاديث مرحة في الشقة تتناول الأساطير التي تحاك حول مارغريت، وتبدو المرأة في حالة تواطؤ مع القاتل.
نشرت القصة صحيفة «غارديان» بعد انسحاب صحيفة «ديلي تلغراف» من اتفاق باهظ التكلفة، يقضي بنشر مقتطفات منها، لأن القصة، حسب أقوال كبير محرريها، لا تناسب قراء الصحيفة من مؤيدي حزب المحافظين.
أما نشرها في الوقت الحالي، فلا علاقة له بوفاة تاتشر، وتقول مانتل الحائزة على جائزة مان بوكر، مرتين، عن روايتها التاريخية بجزئيها «قاعة الذئب» و«اجلبوا موتاكم»: «لم أتمكن من رؤية كيف بإمكاني أن أجعل شخصيات القصة تعمل معاً». وتضيف: «إن الشخصيتين الرئيسيتين، كان يفترض بهما أن تمعنا النظر في أساطيرهما وأساطير مجتمعاتهما.
فكل واحدة تتواطأ لأسبابها الخاصة». وتضيف: «يعنيني الاحترام، ولا يعنيني الذوق. كان يمكن أن استكمل القصة بكل سرور، خلال حياة تاتشر، لكن لم أتمكن من ذلك، كان الأمر يتعلق بصعوبة في التقنية ولا علاقة له برهافتي.. لا ينبغي أن تكون كثير التخوف من أن تخطئ في المجازفة».
شخصيتان
ومانتل صريحة في التعبير عن رأيها برئيسة الوزراء البريطانية السابقة. وهي تتحدث عن كره شديد تشعر به تجاه المرأة التي تعتقد أنها أعادت قضية النساء سنوات طويلة إلى الوراء. وتقول: «لا يزال ينتابني هذا الكره الذي يصل إلى حد الغليان عندما أفكر فيها. سببت دماراً سيدوم طويلاً في مجالات عدة من الحياة الوطنية، لكنني لست هذين الشخصين الموجودين في تلك الغرفة (شخصيتي القصة). فأنا أقف بجانب النافذة وفي يدي دفتر ملاحظاتي».
وهي ترى تاتشر من صنف الدراما، وتصفها بالشخصية الرائعة، تقول: «لم يسبق لي أن اقترعت لصالحها، لكن بإمكاني أن اقدرها كظاهرة من بعيد. وأنا عانيت منها كمواطنة، لكنني استفدت منها ككاتبة». فهل هوس مانتل بالشخصية العصامية لتوماس كرومويل، المستشار الأول لهنري الثامن ورئيس وزرائه، يعد السبب وراء انجذابها لتاتشر، تقر مانتل: «الإبداع في السياسة أمر نادر..
لكن أعتقد أنه كان لديها هذا الإبداع». وتضيف: «كذلك كرومويل. لكنه كان رجل تفاوض، فيما كانت تاتشر تمقت التوافق في الآراء، ونظرت إلى نفسها كرسول من كتاب التوراة، إذ تدلي بالحقيقة من عليائها. وفيما استخدم كرومويل التاريخ متظاهراً بأن الأشياء الجديدة التي كان يقوم بها كانت أشياء قديمة، على سبيل تهدئة المزاج الإنجليزي، فإن تاتشر كانت تمقت التاريخ بوصفه معيقاً».
«أعاقت قضية المرأة»
ومانتل تعتقد أن تاتشر كرهت التحول الذي أصابها، تقول: «لم تتمكن من تغيير نفسها إلى فتاة متفاخرة تنطق بحروف العلة الصحيحة. وعندما تكون غير راض عن نفسك إلى هذا الحد، فإنك تحاول أن تصلح الآخرين، وإذا لم يجرِ إصلاحهم فإنك تصبح شخصاً عقابياً».
وتضيف: «صحيح أن لا أحد يمكنه أن يقول بعد الآن، إن البلاد لا يمكن أن تديرها امرأة، لكنني أعتقد أنها أعاقت قضية المرأة في الحياة العامة. إذ تشبهت بالصفات الرجولية إلى حد أنه كان عليها أن تحصل على حرب جيدة. وكانت جزر فوكلاند موضوعاً عظيماً، فالإصابات محدودة والتأثير على الجبهة الداخلية قليل والدعاية الرائعة واضحة للعيان.
وأنا لا أشير إلى أن ما قامت به كان أمراً واعياً. وأعتقد أنها كانت الشخص الأخير في العالم القادر على التمعن بحياته الشخصية، لكن كان بإمكانها أن تبيعك أسطورة. وفكرة أن النساء عليهن أن يقلدن الرجال للوصول للنجاح، هي فكرة ضد نزعة المساواة في الحقوق مع الرجل. وهي لم تولد امرأة، بل كانت مخنثة نفسياً».
انتقادات جارحة
أثارت القصة ردود أفعال عنيفة في بريطانيا، وعرضت الكاتبة لانتقادات جارحة. وهذه ليست المرة الأولى التي تجذب فيها مانتل عناوين الصحف بآرائها المستفزة. ففي السنة الماضية، انقلبت الدنيا على رأسها، عندما وجهت انتقادات جارحة لدوقة كامبردج، لكن مانتل لا تذعن أمام احتمال إثارة المزيد من «الضجة». وتقول: «بوصفك كاتباً، فأنت أمام خيار تقوم به، هل ستقبل بالرقابة أم لا»؟
إضاءة
تعتبر الأديبة هيلاري مانتل من أهم الكتاب الإنجليز المعاصرين. فالروايتان الأخيرتان لها فازتا بجائزة «مان بوكر» للرواية. وقد أشاد بها رئيس لجنة حكام الجائزة سير بيتر ستزارد في عام 2012 قائلاً: «إنها أعظم كاتبة نثر باللغة الإنجليزية في العصر الحديث».
ولدت في ديربيشاير عام 1952 لعائلة فقيرة. درست القانون، وعملت لفترة اختصاصية اجتماعية في مستشفى للمسنين. وأقامت لفترة في بوتسوانا وجدة. نشر أول كتاب لها عام 1985، وقد فازت رواياتها بجوائز عدة.
رشحت روايتها «ما وراء السواد» لجائزة الأورانج، قبل أن تفوز روايتان لها عن توماس كرومويل بعنوان «قاعة الذئب» و«واجلبوا موتاكم» بجائزة «مان بوكر» عامي 2009 و2012 على التوالي.
«اغتيال مارغريت تاتشر» كتاب سوداوي بحس فكاهي
الصدمة تشكل مفتاح معظم قصص كتاب الأديبة الإنجليزية هيلاري مانتل الأخير بعنوان «اغتيال مارغريت تاتشر»، والذي يتألف من 10 قصص قصيرة، كتبتها على مدى 11 عاماً. هناك أولاً قصة اغتيال رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، التي سمي الكتاب باسمها، تدور أحداثها في عام 1983، حيث تعيش امرأة ميسورة الحال في شقة في شارع «أنيق» في وندسور، يشرف على مستشفى،..
حيث كانت تتعافى تاتشر من عملية جراحية في عينها. وعن طريق الخطأ، تسمح المرأة لرجل من «الجيش الجمهوري الايرلندي» يخبئ بندقية قنص، بالدخول إلى شقتها، لتجد نفسها بعد ذلك، تتطلع لمشاركته في عملية القتل. والقصة تنتهي بكلمة: «افرحوا». وعلى الرغم من موضوع القصة، فإنها مرحة. وتقول مانتل، إن كتابتها استغرقت منها 30 عاماً، ونشرها متأخراً لا علاقة له بوفاة تاتشر.
تجسس
ثم هناك قصة «الفراشة» حيث تتجسس فتاتان على منزل كبير في قريتهما، تقطنه شخصية مشوهة بشكل مريع، ملفوفة ببطانية، وبالنسبة للفتاتين، تبدو تلك الشخصية أشبه بفراشة أكثر منها بإنسان. وفي قصة «يتوقف القلب من دون تحذير» يظهر سارد القصة وهو يضحك، فيما اخته المصابة بمرض فقدان الشهية، تتضور جوعاً حتى الموت.
وهناك قصة «عطلة الشتاء» عن بداية ما يفترض أنه عطلة في اليونان. وكذا بضعة قصص أقل قساوة، مثل «آسفة على الإزعاج» حول صداقة بين زوجة وافدة حبيسة شقتها في جدة ورجل أعمال باكستاني.
ما وراء الواجهة
تصف مانتل في قصصها الرعب المحتجب ما
بيان الإمارتيّة
التعليقات مغلقة.