كستوريادس..مفاهيم مفكر القرن الـ20

21

كورنيليوسالتقاط كاستوريادس هو أحد أشهر المفكرين الغربيين في القرن العشرين. يوناني الأصل وحائز على الجنسية الفرنسية عام 1970 حيث عاش وأنجز دراساته وقدّم كتاباته في فرنسا وباللغة الفرنسية. هكذا يتم اعتباره عامّة كفيلسوف ومفكر فرنسي من أصول يونانية.
من الصفات العديدة التي يتم تعريفه بها هو أنه أيضا أخصائي بعلم النفس وبالاقتصاد السياسي وبالنقد الاجتماعي . للإشارة كان العديد من الكتّاب والمفكرين قد أطلقوا على كاستوريادس توصيف «الموسوعة» على خلفية سعة معارفه وتنوّع ميادينها.
وإذا كانت سيرة حياته وأفكاره في مختلف المجالات قد شكّلت موضوع العديد من الكتب، فإن الكتاب الجماعي الذي صدر عن «المفاهيم الأساسية» لديه، كما جاء في عنوانه، وأشرفت عليه «سوزي ادامس»، أستاذة النظرية الاجتماعية وعلم الاجتماع في جامعة «فلندرز» الأسترالية، يتميّز عن غيره ..
حيث يتم التركيز على تقديم «الأدوات» التي تسمح بفهم أفكار كاستوريادس من قبل الجمهور العريض. يتم التعرّض في هذا الكتاب الجماعي بالتحديد إلى محاولة «تبسيط» تسعة عشر مفهوما من قبل أخصائيين عالميين في فكره.
تحتوي الصفحات الأولى من هذا الكتاب على توصيف المحطات الأساسية في سيرة حياة كورنيليوس كاستوريادس منذ سنوات طفولته ومنذ اهتماماته بالقضايا العامّة وبالمسائل السياسية منذ سن الثالثة عشرة حيث كان يقيم مع أهله في العاصمة اليونانية اثينا وحيث انضوى مثل الكثير من أبناء جيله تحت لواء الحركات اليسارية التي كانت تستقطب آنذاك الشبيبة بصورة خاصّة. بل أنه مال نحو اليسار المتطرّف الذي كانوا يطلقون عليه آنذاك «اليسار التروتسكي»، نسبة إلى أحد قادة الثورة البلشفية في روسيا لعام 1917،أي ليون تروتسكي.
في سن العشرين بدأ كاستوريادس بالكتابة والنشر. كانت نشاطاته في باريس التي هاجر إليها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية قد تركزت حول مساهمته المركزية في تأسيس المجلة الشهيرة باسم «اشتراكية أم بربرية» التي استمرّت في الصدور خلال سنوات 1949 ــ 1966 وكان لها تأثير فكري كبير في فرنسا على جيل كامل من المثقفين.
هكذا كانت، كما يتم توصيفها، بمثابة «لحظة فاصلة وحاسمة في مناهضة الفكر الشمولي»، أي الشيوعي ــ الستاليني في سياقها. ويعتبر بعض المساهمين في هذا الكتاب كاستوريادس أنه كان «مناضلا حقيقيا من أجل التحرر»، ومن هنا يمكن التأكيد على أن أفكاره لم تفقد ابدا راهنيتها ومعاصرتها. هذا بالتحديد من خلال التأكيد على إمكانية النهوض و« محاولة فتـــــح سبيل نحو الأمـل في الأفق الحالي المسدود بالنسبة لمعسكر اليسار خاصّة في البلدان الغربية الرأسمالية».
وبعد اتخاذ كاستوريادس مواقف نقدية حيال اليسار وابتعاده الصريح عن الفكر اليساري والماركسي. وبعد أن كتب لسنوات طويلة تحت أسماء مستعارة عديدة منها «بيير شوليو» و« بول كاردان»، قدّم العديد من الدراسات في المجال الاقتصادي.
ولم يتردد آنذاك في توجيهه بتلك الدراسات النقد الشديد لـ «علاقات الإنتاج في روسيا»، كما جاء في عنوان دراسة له تعود إلى عام 1949.
ويؤكّد كاستوريادس أهمية التحليل النفساني بالنسبة لأحد المحاور الأساسية التي طوّرها في مساره الفكري وفي كتاباته، أي «الاستقلال الذاتي».
ويرى أن «التحليل النفساني يمكنه، ومن واجبه، أن يقدّم مساهمة اساسية لسياسة ترمي للاستقلال الذاتي. ذلك أن فهم الذات بالنسبة لكل إنسان هو شرط ضروري من أجل الوصول إلى الاستقلال الذاتي»، ويشرح أن الأمر نفسه صحيح بالنسبة للمجتمعات. لكن تبقى الخطوة الأولى في كل الحالات هي «وضع الذات موضع الشك»عبر طرح الأسئلة حولها وبالتالي حول المستقبل.
في المحصّلة يمكن القول ان هذا الكتاب المقدّم من خلال عدّة أصوات يرسم صورة من زوايا مختلفة لكورنيوس كاستوريادس ويوضّح ما يعتبره المساهمون بمثابة «المفاهيم الأساسية» في فكره. ومن تلك التي يتم التركيز عليها هو أنه كان من بين المفكرين النادرين الذين «ناضلوا» ضد الاتحاد السوفييتي السابق باسم «التحرر».
إن هذا العمل يشكّل نوعا من «خارطة الطريق» من أجل فهم فكر كاستوريادس، كما جاء في مقدمة الكتاب.

بيان الإمارتيّة

التعليقات مغلقة.