المغمور من أديان الشرق الأوسط..

25

يميط التقاطكتاب «المغمور من أديان الشرق الأوسط»، لمؤلفه د.محمد الدعمي، اللثام عن ثلاثة من أكثر الأنظمة الدينية المغمورة، وهي: أهل الحق والمندائية واليزيدية، هذه الأديان التي لم تزل تُدمغ من قبل البعض بنعوت من نوع: الغموض والروحية والتركيبية المترسبة عن أديان قديمة سبقتها.
الكتاب يلقي الضوء على بقايا راسبة من أنظمة دينية وعبادات غائرة في القِدم؛ بل ومنسية نسبيا؛ كانت قد اعتنقتها أقوامٌ وسلالاتٌ لم تترك الكثير من الشواخص للأجيال التالية سوى بقايا من معتقدات روحية وطقوس لم تزل حيَّة اليوم، ليس كأجزاء من الأديان الأصلية كما كانت معتنقة في قديم الأزمنة، ولكن كأجزاء ضُمت لعدد من الأديان «التوفيقية» أو التركيبية.
يقودنا المؤلف نحو غياهب الروحانيات لمعتقدات أتباع هذه الأديان وتيقناتهم التي خدمت عناصر بقاء وديمومة مهمة تشترك بها الأديان الثلاثة، على سبيل استخلاص مجموعة من أنماط السلوك الجماعي المشتركة.
أما فيما إذا كانت هذه الأديان التي تعتنقها أقليات صغيرة عدديا، ذات دلالة ما بالنسبة للقارئ المعاصر، فإن الأمر يبقى مرتهنا بكيفية مباشرته هذه الأديان ودوافع تعمقه في تفحص جوانبها المتنوعة، تلك الجوانب التي تتموضع في قلب هذا العمل وتستحث المزيد من البحث والاستقصاء، ليس بهدف الوصف المجرَّد فقط..
ولكن كذلك غاية إلقاء الضوء على دلالاتها بالنسبة لقضايا اجتماعية وسياسية معاصرة ترتبط بأزمات الشرق الأوسط، الذي، للأسف، يغرقه العنف الطائفي والضغائن الدينية. ودليل ذلك، واضح في ما جرى، أخيرا، للأقلية اليزيدية من فظائع وفضائح على أيدي ما يسمى بــ«الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام»، داعش.
يذهب د.الدعمي إلى القول بأنه لابد لمن يحلق عالياً عبر فضاءات الروحانيات والأساطير التي يتيحها «المغمور من أديان الشرق الأوسط»، أن يلاحظ تشكل «هالة» من الانطباعات حيال إقليم الشرق الأوسط الذي يفوح برائحة التاريخ، خاصة تاريخ الحياة الروحية لنوعنا الآدمي الممتد وجوده إلى أزمنة غابرة في القدم. إنه إقليم سكنته أكثر الأقوام خيالاً وخصوبة روحية..
حيث دراما بحث الإنسان عن أساس للتيقن، تلك الدراما نصف المأساوية ونصف الكوميدية. هي الدراما التي تلتصق بالقدرة الربانية ومسألة الوجود والكلية، العلم والكلية التي ترى ما لا يراه الإنسان من الملكوت ومن استحالات الوجود وطبيعة البشر. ويشدد المؤلف على أنه ينبغي للمرء أن يتوخى الحذر في بحث قضايا الأصول والجذور الخاصة بهذه الأديان.

بيان الإمارتيّة

التعليقات مغلقة.