حكايات تؤجج الحنين

24

3533307277على الرغم من الجهود العظيمة المبذولة من المتاحف العالمية وجامعي الأعمال الفنية، إلا أن العديد من اللوحات والتماثيل الأكثر أهمية في العالم لم تعد موجودة، ولها حكايات كثيرة جاذبة تؤجج فينا الحنين والتحدي إزاء ما لحق بها، حيث فُقد البعض منها أثناء الحروب، وبعضها الآخر أحرق أو دمر، بواسطة محتجين غاضبين على الحكومات، في حين أن الكثير منها أيضاً سرقه لصوص محترفون، أو بكل بساطة اختفت مع مرور الوقت.
من الكنز القومي الروسي الذي نهبه النازيون، إلى لوحة دافنشي التي لم يرها أحد على الاطلاق، سنتعرف على ثمانٍ من الروائع المفقودة في تاريخ الفن.
تمثال رودس
هو واحد من عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، هذا التمثال البرونزي الضخم لما يعرف بإله الشمس هيليوس، الذي تم نصبه فوق مدينة رودس اليونانية، حوالي القرن الثالث قبل الميلاد، كان ضخماً جداً، حيث بلغ طوله 110 أقدام، ويُقال إن العمل فيه استغرق من النحات « تشاريز» 12 سنة لإكماله، وكان بالفعل مشهداً لا يصدق، فحين تم تثبيته في المدينة الصاخبة، كان لافتاً لأنظار كل زوار المرفأ.
لم يتمكن التمثال من الصمود لأكثر من 56 عاماً، حيث أطاح به زلزال مدمر ضرب المنطقة في العام 226 قبل الميلاد، ومن بعد هذه الكارثة البيئية تم وضع التمثال العظيم من جديد، وهو في حالة الخراب التي لحقت به، وبقي في مكانه عدة قرون، إلى أن أثار مطامع التجار الذين قاموا ببيع بقاياه كخردة.
لا توجد أي رسوم لتمثال رودس استطاعت أن تصل إلى زمننا هذا، ولكن تشير المصادر القديمة إلى أن هيليوس كان يقف وهو يحمل شعلة في يده الممدودة نحو الأعلى وكانت هذه الأوصاف فيما بعد مصدر إلهام لفريدريك بارتولدي الذي قام بتصميم تمثال الحرية.
غوستاف كوربيه «كسارات الحجر»
رسمت هذه اللوحــة في عام 1849م، وتعتبر مثالاً كلاسيكياً من الواقعية الاجتمـــــاعية للتصوير غير العاطفي للعمال الفقراء الــــذين كانوا يعمـــلون على إزالة الصخور من علــــى جانب الطريق، وهي مستوحاة من لقـــاء تم بالصدفة بين كوربيه واثنين من العمال المضطهدين يرتديان ملابس بالية وقذرة، وعلامات الإجهاد تبدو على جسديهما ووجهيهما.
كسارات الحجر كان مصيرها في نهاية المطاف أنها واحدة من الضحايا الثقافية العديدة للحرب العالمية الثانية ففي عام 1945، تم تدمير هذه اللوحة خلال قصف قوات التحالف بالقرب من مدينة دريسدن في ألمانيا.
دييغو ريفيرا «رجل في مفترق الطرق»
رسم دييغو ريفييرا العديد من الجداريات الشعبية واللوحات الجدارية، ولكن عمله الأكثر شهرة لم يعد موجوداً الأن، والتحفة المفقودة لريفييرا هي جدارية «رجل في مفترق الطريق» التي رسمها في عام 1932م، بطلب من الرأسمالي الشهير نيلسون روكفر لتزيين جدران أحد مراكزه وتحتوي على جميع رموز الاشتراكية…
وهذه الرموز كانت السبب الذي دفع روكفلر إلى تدميرها، بعدما رفض ريفييرا حذف جزءاً يحمل وجه فلاديمير لينين زعيم الثورة البلشفية، ولم يكن مقر روكفلر هو الرمز الرأسمالى الوحيد الذي زينـــــه فن ريفييرا، بل رسم الرجل جدارية ضخمة في مدخل بورصة نيويورك كذلك، ولكن بعد أن تم تدمير جداريته أعاد ريفييرا رسمها عندما عاد للمكسيك.
ساذرلاند «بورتريه السير ونستون تشرشل»
في عام 1954م، وبتكليف من أعضاء البرلمان البريطاني، قام الفنان غراهام ساذرلاند برسم صورة بورتريه قُدمت إلى ونستون تشرشل كهدية، بمناسبة عيد ميلاده الثمانين، في لفتة كان الغرض منها تكريمه، ولكن في الواقع فإن رئيس الوزراء احتقر الصورة الشخصية..
ومنع ساذرلاند من حضور حفل عيد الميلاد، مما دفع الأخير لكتابة رسالة إلى تشرشل أعرب فيها عن خيبة أمله برد فعله تجاه لوحته التي مُنعت من الظهور علناً، وبقيت مخفية عن المشهد العام لعدة سنوات، بعد أن رفض تشرشل وزوجته جميع الطلبات المقدمة لهما والتي تدعوهما لإظهار اللوحة.
عند وفاة السيدة تشرشل في عام 1977م، تم الكشف عن أنها حطمت بنفسها تلك اللوحة الشخصية، وقامت بحرقها، بعد أقل من عام على رسمها، والسبب هو حالة الكره التي شعرت بها تجاهها.
ليوناردو دافينشي «درع ميدوسا»
العديد من أعمال ليوناردو دا فينشي فُقدت لفترة من الزمن، ومنها ما تم استعادته ومنها ما بقى مختفياً، ولكن «درع ميدوسا» ربما كانت السر الأكثر غموضاً.
رسم فنان عصر النهضة الإيطالي هذه اللوحة في بداية شبابه، وكانت على شكل درع في داخله رسم لشخص يغطي رأسه الثعابين بدل الشعر، وهو كما تقول الدراسات نوع من الرمزية المستوحاة من وحش ميدوسا اليونانية ووفقاً لحسابات قام بها مؤرخ الفن جورجيو فاسار فقد كانت هذه اللوحة واقعية، وهي تعبر عن حالة من الخوف كان يشعر بها دافنشي تجاه والده الصارم..
وهي تحفة تعبر عن الشر تم بيعها بشكل سري عام 1550م لمجموعة من تجار فلورنسا واختفت منذ ذلك الحين، ولكن خبراء الفن المعاصرين يعتقدون حالياً أن حسابات فاساري أقرب إلى أن تكون أسطورة بحد ذاتها.
كارافاجيو «الميلاد مع القديسين فرنسيس ولورانس»
سرقت لوحة الرسام الإيطالي كارافاجيو «الميلاد مع القديسين فرانسيس ولورانس» عام 1969 م من كنيسة القديس لورينزو، وينظر إليها حالياً باعتبارها واحدة من اللوحات المسروقة الأكثر شهرة في العالم.
من أهم المشتبه بهم في سرقتها ممثلون عن المافيا الصقلية وفي عام 2009 م أعلن غاسباري سبتوتسا أن اللوحة كانت محفوظة في حظيرة حيوانات لعائلة بولارا، وأتلفتها الجرذان والخنازير ليحرقها مالكها لاحقاً. هذه اللوحة احتلت المرتبة الرابعة في قائمة فوربس لأغلى عشر لوحات فنية ضائعة وقُدرت قيمتها بنحو 20 مليون دولار.
غرفة كهرمان
غالباً ما تسمى «الأعجوبة الثامنة في العالم»، واعتبرت الغرفة المزخرفة تحفة من الفن الباروكي وتقدر قيمتها اليوم بأكثر من 140 مليون دولار في حال كانت موجودة.
بنيت هذه الغرفة على يد أفضل المــواهب الأوروبية التي قامـــت بتحــــويل 8 أطنان من ألواح الكهـــرمان المتــــلألئة إلى لوحات أنيقة مزينة بماء الذهب والفسيـــــفساء والأحجار الكريمة وعندما هاجم هتلر الاتحاد السوفييتي في عام 1941 لم يتمكن الأخصائيون والخبراء من إخلاء غرفة الكهرمان في الوقت المناسب، ولهذا استولى الألمان على الغرفة ونقلوها إلى مدينة كيونيغ سبيرغ والتي تسمى الآن بمدينة كالينيغراد الروسية.
تم وضع الغرفة المسروقة في إحدى قاعات القصر الملكي، ولكن مع اقتراب الحرب من كيونيغ سبيرغ، وفي شهر أغسطس من عام 1944م وبعد الغارة التي شنتها الطــــائرات الألمانية أضرمت النار في القصر، وقام الأخصائيون على الفور بتفكيك الغرفة وتعبئتها في صناديق خاصة، ونقلت إلى أقبية القصر. ولكن في شهر أبريل من عام 1945م عندما تمكنت القوات السوفييتية من السيطرة على المدينة، اختفت صناديق غرفة الكهرمان دون أثر.
تماثيل باميان
كانت باميان، الواقعة في وسط أفغانستان سابقاً، أحد أهم مراكز البوذية الواقعة على طريق الحرير، الذي كان في العصور القديمة همزة الوصل التجارية بين آسيا وأوروبا، وكان في وادي باميان ستة تماثيل لبوذا، ثلاثة منها كبيرة والأخرى صغيرة، وكان بعضها داخل مغارات.
هذه التماثيل الأسطورية التي يرجع تاريخها إلى الفترة بين القرن الرابع والخامس الميلادي تعرضت لعملية تطهير ثقافي من قبل جماعة طالبان في مارس 2001م

بيان الإمارتيّة

التعليقات مغلقة.