صانعو آسيا الحديثة.. 11 شخصية تاريخية
بعد أن قدّم الكاتب والمؤرّخ الهندي «راماشاندرا غوها» سلسلة من الكتب عن الهند في تاريخها الحديث، يكرّس كتابه الأخير لأولئك الذين تركوا بصماتهم على القارّة الآسيوية كلّها، في نضالها من أجل التحرر وفي تاريخها الحديث. يحمل الكتاب عنوان «صانعو آسيا الحديثة». ويشارك معه في هذا العمل عدد من الباحثين الآخرين الآسيويين والغربيين الذين قدّم كل منهم مساهمة عن شخصيّة آسيوية «تاريخية». .
يبدأ الكتاب بمقدّمة كتبها المؤلف والمشرف الرئيسي عليه «راماشاندرا غوها» ويشرح فيها كيف أن «السياسة هي التي دفعت الاقتصاد في ازدهار آسيا» وأن صانعي آسيا (ويحدد 11 شخصية بكتابه)، كانوا هم من رجال القرارات السياسية الكبرى التي أحدثت منعطفات كبرى في بلدانها وليس أقلّهم شهرة «المهاتما غاندي» الصانع الرئيسي للهند الحديثة.
ويركز المؤرخ الهندي في هذه المقدمة على القول إنه ينبغي لأولئك الذين يصبّون اهتمامهم على محاولة شرح الازدهار الاقتصادي الكبير، الذي حققته بلدان آسيوية عدة في العقود الأخيرة، ألا يهملوا دراسة التطورات الوطنية التي سبقت ذلك الازدهار وما يعني بالوقت نفسه، تجاهل فهم السمات الكبرى التي تتصف بها الأمم المعنية.
بشكل عام يطالب راماشاندرا غوها بضرورة عدم الوقوف عند الشعار الذي يتم رفعه غالباً تحت عنوان «القرن الآسيوي» للدلالة على آسيا من بوّابة النهوض الاقتصادي تحديداً، وإهمال البعد السياسي. وهذا ما يعبّر عنه بكتابة أن «السياسة لعبت دوراً بمقدار الدور الذي لعبه الاقتصاد» في النهوض الآسيوي. ذلك أن آسيا المعاصرة، الصاعدة، هي برأيه أيضاً نتاج «حركات النضال ضد الاستعمار والحروب والثورات التي عرفها القرن الماضي».
ثم يحدد القول، إنه ترتسم وراء كل نهوض حديث العهد ملامح ما قام به رجال ونساء صاغوا مسارات بلدانهم وتركوا بصماتهم على عصرهم تبعاً للقناعات الثابتة التي رسخت في أذهانهم في حقبة النضال ضد الاستعمار ثم من أجل ترسيخ مبادئهم فيما يتعلّق بمسيرة التحرر والتقدّم.
وتكفي نظرة سريعة على أسماء الذين يتم تقديم نبذة من سيرة حياتهم في هذا الكتاب على أساس أنهم من بناة آسيا الحديثة مثل غاندي الهندي وماوتسي تونغ الصيني وهوشي منَه الفيتنامي وليي كوان يو السنغافوري وسوكارنو الأندونيسي لمعرفة أنهم كانوا في عداد الثوريين الكبار الذين عرفهم القرن العشرون.
السمة المشتركة لأولئك الذين امتزجت سيرة حياتهم مع «التاريخ السياسي لآسيا الحديثة»، هي أنهم كانوا جميعهم تقريباً من اللاعبين السياسيين الكبار في فترات النضال القومي والثوري من بدايات القرن العشرين حتى أواسطه ضد أشكال الهيمنة الإمبريالية التي ولّدتها بالدرجة الأولى مشاريع توسعية استعمارية.
وفي هذا للسياق يشير مثلاً إلى اختيار شخصية ذو الفقار علي بوتو في باكستان واستثناء «محمد علي جناح» الذي يتم الإقرار أنه لعب دوراً حاسماً في تأسيس باكستان بل إنه مؤسسها وكان قد ناضل من أجل ذلك منذ أن تولّى رئاسة «عصبة مسلمي الهند» منذ عام 1913 حتى استقلال باكستان عام 1947. لكن مؤلف الكتاب يبرر استبعاده من قائمة الشخصيات التي «صنعت» آسيا الحديثة بأنه «هناك القليل من الأثر المنظور لإرثه في بلاده اليوم»، كما نقرأ.
ومن الملاحظ أيضاً الغياب الكامل للقادة اليابانيين عن هذا الكتاب. هنا أيضاً يشير «غوها» مبرراً ذلك على خلفية أنه من الصعب «عزل قائد ياباني واحد في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية».
ويقدّم الكاتب من خلال البحث في سيرة حياة انديرا غاندي تأريخاً للهند في سنوات السبعينات من القرن الماضي.
وكتاب يذكّر المساهمون فيه أن أولئك القادة الآسيويين الكبار الذين يخصونهم بمساهماتهم شاركوا في «صناعة آسيا الحديثة» وعرفوا، كما تدلّ السمات التي تبرزها سير حياتهم، مسارات مختلفة ولكن اشتركوا في امتلاك الإرادة والتصميم على دفع عجلة التقدّم في بلدانهم إلى الأمام. وفي جميع الحالات بعيداً عن «وهم» وجود أية «هوية آسيوية» جامعة.
بيات الإمارتيّة
التعليقات مغلقة.