المجلس الوطني الكردي ومنغّصات اتفاقية دهوك / نايف جبيرو

29

لقد بدون عنوان-1_NRكان اللغط والتشويش سيد الموقف بين الجماهير الكردية في تحديد ومعرفة الجهة المسؤولة في عرقلة تنفيذ اتفاقيات هولير1 وهولير2, وفي هذا الشأن لم تختلف اتفاقية دهوك عن سابقاتها من حيث الأطراف الموقعة عليها, إلّا في مسألتين: الأولى, أنّ الاتفاقيات السابقة هولير1 وهولير2 تمت بإشرافٍ كردستاني, أما اتفاقية دهوك فقد أشيع عنها عبر وسائل الإعلام أنها تمت بإشرافٍ أمريكي إلى جانب الإشراف الكردستاني.
لكن المسألة الثانية والأهم أن في اتفاقات هولير كان الاتفاق حول التمثيل في الهيئة الكردية العليا وآلية التنفيذ 50% / لكلا الطرفين, المجلس الوطني الكردي ومجلس غربي كردستان, وتمثّل ذلك في حينها بخمسة أعضاء لكل طرف وهذا الرقم لم يكن من الصعب لدى المجلس الوطني الكردي التقيد به من حيث تحديد وتعيين ممثليه في الهيئة الكردية العليا وبالتناوب بين ممثلي أحزاب المجلس الوطني الكردي, حيث كان حين ذاك عدد الاحزاب في المجلس الوطني الكردي يقارب ستة عشرة حزباً, ومن هنا ضاعت حقيقة معرفة الطرف المعرقل لتنفيذ اتفاقات هولير بين عامة الناس, على اعتبار أن موضوع التنفيذ كان محصوراً في حوارات الطرفين, وكلٌ منهما يدّعي أن الطرف الآخر هو السبب المباشر لعدم التنفيذ, لكن في اتفاقية دهوك الوضع مختلف تماماً, وكأن المجلس الوطني الكردي قد وقع في الفخ من دون أن يحسب حساباته بصورة دقيقة, خاصة عندما تم الاتفاق على عدد ممن يمثلون من كلا الطرفين في المرجعية السياسية / 12+ 12/ من كلا الطرفين /+6/من خارج المجلسين, والمشكلة هنا تكمن في الرقم 12 بالنسبة للمجلس الوطني, وهنا هذا الرقم كأنه جاء بشكل مدروس من الطرف الآخر /Tev- Dem/ ليكشف لعامة الناس عجز المجلس الوطني الكردي وعدم فعاليته في تنفيذ الاتفاقات, أو قدرتهم في التخلي عن مصالحهم الشخصية والحزبوية.
وصعوبة تنفيذ هذا الرقم وهذا التمثيل من قبل المجلس يكمن في أن التمثيل في المجلس الوطني الكردي فيما بينهم يتم بـ/ 12/ ممثل على اعتبار أن المجلس كان مكوناً من /12/ حزباً وكان هذا الاتفاق قد تم قبل توحيد أحزاب الاتحاد السياسي وبقي مستمراً فيما بعدَ, وحدة تلك الاحزاب الأربعة في الحزب الديمقراطي الكردستاني-سوريا, وبهذا أصبح عدد أحزاب المجلس الوطني الكردي فعلياً /9/ أحزاب وبـ/12/ ممثلٍ ضمن المجلس, لكن هذا الأمر أوقعهم في الفخ, حيث مضى على اتفاقية دهوك أكثر من شهر ولا يزال الحزب الوليد من أربعة أحزاب /الحزب الديمقراطي الكردستاني-سوريا/ يطالب بحق تمثيله في المرجعية السياسية بـ/4/ ممثلين والأحزاب الأخرى ترفض هذا الطلب, والنتيجة لم يتمكن المجلس الوطني الكردي من تحديد وتعيين من يمثله في المرجعية السياسية ليبدأ بعد ذلك حواراته مع الطرف الآخر, حركة المجتمع الديمقراطي بغية تنفيذ بنود اتفاقية دهوك, وبالتالي ليبدأ مرحلة الاتهامات المتبادلة بعدم التنفيذ, حيث المقرر أن يتم تنفيذ هذه الاتفاقية خلال فترة شهرين من تاريخ التوقيع.
هذا الأمر أظهر للناس جميعاً وحتى لأتباع ومؤيدي أحزاب المجلس الوطني أن عدم تنفيذ أية خطوة من خطوات اتفاقية دهوك حتى الآن سببه أحزاب المجلس الوطني الكردي وعجزهم في التخلي عن مصالحهم الشخصية والحزبوية.
لكن المعروف عن الأحزاب الكردية وعبر تاريخها لعشرات السنين, أنها تتقن فنّ السياسة والمراوغة مع الجماهير – وبصورة خاصة المؤيدين لها- في عملية إبعاد الأنظار عن مواضع فشلهم وعجزهم, باختلاق أمورٍ وأحداثٍ جديدة تلقي بظلالها في الأجواء الشعبية وتشغل أفكارهم عن المسائل الجوهرية, ولهذا عندما وجدت الأحزاب الكردية نفسها عاجزة في حسم أمورها داخل المجلس حول المرجعية السياسية, عمدت إلى القفز عن أولويات اتفاقية دهوك والمتمثلة بتكوين المرجعية السياسية أولاً ومن ثم البحث في تنفيذ بقية ما تتضمنه الاتفاقية من بنود, ومنها المسألة العسكرية, عمدت وأثارت مسألة محاولة إرسالهم مجموعة من البيشمركة التابعة لهم حسب زعمهم إلى كوباني عن طريق الأراضي التركية مع علمهم المسبق بأن قبول هذه القوة من البيشمركة التابعة لهم سيلقى الرفض من قبل قوات الحماية الشعبية الكردية في كوباني, وهذا ما من شأنه خلق بلبلة بين الناس وإبعاد الأنظار عن فشلهم في المجلس الوطني والقول بأن الآبوجية يرفضون الشركاء معهم في الدفاع عن روجآفا وإدارتها وبالتالي الحكم بين الناس بأنهم السبب في عدم تنفيذ اتفاقية دهوك.
وضمن هذا الإطار أيضاً جاءت تصريحات عبد الحكيم بشار في معرض حديثه عن رفض دخول القوة التابعة لمجلسه إلى كوباني حين صرح بأن حزب الاتحاد الديمقراطي لا يسعى إلى حماية كوباني بل يسعى إلى حماية سلطته ونفوذه وموارد تمويله, في محاولةٍ منه إبعاد الأنظار عن عجز المجلس الوطني الكردي بحل مشاكله وإبعاد الأنظار عن حزبه الذي يعتبر السبب الرئيس عن هذا الفشل, ومن ناحية أخرى إرضاء قادة الائتلاف السوري المعارض الذي هو نائب لرئيسها.

التعليقات مغلقة.