حكاية «صبية» تغازل جميع الأجيال «قصة الحي الغربي»

51

4142060527

تربعّت مسرحية «قصة الحي الغربي»، على منصة المسرح العالمي، بعد النجاح الساحق الذي أحرزته في العرض الأول في برودواي 1957، ثم حققت نجاحاً عالمياً مدوياً على الشاشة سنة 1961. وبعد ذلك لم يجرؤ واحد من عمالقة المسرح والسينما على بعثها بلون جديد، خوفاً من الفشل في تحقيق نجاح مماثل. ها هو المخرج الكبير، ستيفن سبيلبيرغ يحاول تقديمها برؤية جديدة في فيلم جديد.
هذا ما صرح به لوسائل الإعلام في شهر أغسطس2014، وقال في مقابلة مع برنامج «صباح الخير يا أميركا»، إنها من مسرحياته المفضلة، وهي دوماً في عقله وضمن مشاريعه المقبلة، ثم أعرب عن إعجابه بنصها وأغانيها ووصفها بأجمل ما كتب للمسرح.
«شيء غير مألوف»
لم يحمل تصريح سبيلبيرغ مفاجأة للجمهور، فهذه المسرحية عزيزة على القلوب، صبية تغازل كل جيل، وتتألق بالحسن كالذهب العتيق. إنها قصة روميو وجولييت في دثار القرن العشرين. قصة الحب البريء والحقد الدنيء.
الحقد الذي تدثر بالإقطاعية العائلية في فيرونا وتدثر بالعنصرية في الحي الغربي الفقير في منتصف القرن العشرين. لكن هل يكفي إحياء هذا الحب الكلاسيكي وتحديثه لصنع عمل خالد؟ عندما ارتفعت الستارة في أول عرض لها، 26 سبتمبر1957، انذهل الجمهور وهو يرى شيئا جديدا غير مألوف:
وجد ذلك الحب ينطق باللغة العامية وليس بأشعار شكسبير، وقصائده الخالدة تحولت الى أغنيات محلية. روميو أبيض اللون وجولييت ملونة، ومشهد الشرفة الشهير غدا منصة في سلم الحريق! ومع ذلك، لم يتمالك المشاهدون أنفسهم وصفقوا واقفين بحرارة وحماس. ما السبب؟
رقص وعصابتان
تبدأ المسرحية بعرض راقص لعصابتين تتنافسان على زعامة الحي. الأولى من البيض، عصابة النفاثات، ويتزعمها ريف.
والثانية من الملونين المهاجرين من بورتوريكو، عصابة القرش، ويتزعمها برناردو. ويخطط ريف لجر عصابة القرش الى القتال وتصفية زعيمها ويدعو الى حفلة راقصة في الجوار. ثم يذهب لمقابلة صديقه الحميم طوني الذي يعمل في صيدلية دوك. ويحاول إقناعه بالعودة الى العصابة والمشاركة في الشجار الراقص. يرفض طوني ثم يوافق على مضض.
الحب من أول نظرة
قبل ذلك بوقت قصير، تأتي ماريا، أخت برناردو، من بورتو ريكو الى نيويورك لتتزوج الشاب تشينو وتعمل مع آنيتا، صديقة أخيها، في متجر لتجهيز العرائس. تخبرها ماريا بأنها لا تحب تشينو وأن أخاها رتب ذلك الزواج. تذهب الفتاتان الى المباراة الراقصة ولا تشارك ماريا بالرقص. واذ يلمحها طوني، تبرق عيناه وترشقها بالغزل..
فتبتسم وتدعوه بعينيها الى الرقص. يرقص معها رقصا حماسيا لافتا للنظر. فيغتاظ برناردو ويسحبها من الرقص ويرسلها الى المنزل. بعد ذلك يتفق مع ريف على الاجتماع في المنطقة المحايدة لتحديد نوع السلاح في المعركة الحاسمة. يهيم طوني مفتونا بـها في أزقة الحي. وعندما يجد منزلها، يغني تحت نافذة غرفتها «ماريا». تلبي ماريا نداءه وتقابله على سلم النجاة من الحريق. وهناك يعترفان بالحب.
أول الضحايا
يوافق الزعيمان، عملا باقتراح طوني، على التسوية بمصارعة ثنائية بالأيدي بين أقوى شخصين في العصابتين، وهما برناردو وديزل. في اليوم التالي، يعرج طوني على متجر العرائس ويطلع ماريا على ما جرى. فتطلب منه العمل على إنهاء العداء بين جماعتها وجماعته، ويعدها بذلك. ثم يغنيان أغنية« يد واحدة، قلب واحد» وهما يسيران بين فساتين الزفاف في المتجر. تلتقي العصابتان في مكان مهجور..
ويستعد برناردو وديزل للقتال. يتدخل طوني ويرجوهما التوقف وحل الخلاف بالحوار. فيسخر منه برناردو ويهينه وهو لا ينبس ببنت شفة. يستاء ريف منه، وعندما يدفع برناردو طوني بازدراء، يلكمه ريف، فيستل برناردو مديته ويطعن ريف طعنة قاتلة. عندئذ يفقد طوني السيطرة على نفسه ويعارك برناردو ويقتله. يتقاتل أفراد العصابتين ثم يهربون حين تلعلع صفارات سيارات البوليس، تاركين الجثتين على الأرض.
نهاية الحقد
أثناء ذلك، تنتظر ماريا طوني بلهفة وفرح لتعرف ماذا فعل لإيقاف القتال. يقتحم تشينو غرفتها ويخبرها بأن حبيبها قتل أخاها ثم يخرج حانقاً ليبحث عنه. يصعقها الخبر فتصلي وتطلب من الله أن يكون كلامه غير صحيح. يتسلل طوني غرفتها عن طريق سلم الحريق، فتضربه بعنف وغضب على صدره. ثم تهدأ حين تجده مستسلماً وحزيناً.
يصممان على الهروب من ذلك الحي الى مكان آمن، ويتفقان على أن تلحق به الى الصيدلية. تدق آنيتا على باب الغرفة، فيهرب طوني من النافذة ويختبئ في قبو الصيدلية.
فجأة يزورها الملازم الأول شرانك ويستجوبها. ترسل ماريا آنيتا الى الصيدلية لتطمئن طوني وتخبره بأنها ستتأخر رغما عنها. وقرب الصيدلية يعترض آنيتا أفراد من عصابة النفاثات، فيعيّرونها بلونها ويقذفونها بالألفاظ البذيئة، ثم يهمون باغتصابها، يصل دوك ويوقفهم.
عندئد تصب آنيتا جام غضبها عليهم وتقول إن برناردو كان على حق حين وصفهم بالحثالة، وحتى تغيظهم تخبرهم أن تشينو أطلق النار على ماريا وقتلها. ينقل دوك خبر موت ماريا الى طوني، فيجن جنونه ويخرج من القبو ويركض في الأزقة مناديا تشينو.. طالبا منه أن يقتله أيضا. يلمح ماريا في الملعب المجاور للصيدلية، فيركض اليها وتركض اليه. في تلك اللحظة يظهر تشينو ويطلق النار على طوني من الخلف.
فيسقط بين ذراعي ماريا ويلفظ أنفاسه وهي تغني له «مكان ما(مكان آمن)». يجتمع أفراد العصابتين حول طوني، وعندما يهم البيض بحمل جثته، يساعدهم الملونون ويسيرون كلهم في جنازته.
أوبرا الشعب
تشكل هذه المسرحية نقطة تحول في المسرح الموسيقي الأميركي، وبداية نهج جديد في فن المسرح العالمي. لنتصور عصابتين تتقاتلان، لكن ليس بالشتائم والسكاكين واللكمات..
وإنما بالأغاني والرقصات! وهذه الرقصات باهرة تجعل المشاهد يهتز لا إراديا معها. وهذه الأغنيات رائعة لدرجة أن الذي لا يعرف الانجليزية ينتشي طربا عند سماعها- وتعد حاليا، من الكلاسيك، لكن لا تزال رائجة ومطلوبة. وهذه الأغاني والرقصات ليست دخيلة أو مقحمة، وهي تأتي في سياق تطور الحدث المسرحي لتكمله وتهيء لما سيحدث لاحقا.
كما تنوب عن المونولوج والحوار بالكشف عن مكنونات النفوس والتعبير عن مشاعر الفرح والحزن والحب والكره. بأغنية «ماريا» يختصر طوني المراحل ويضعنا في صميم الحب. وبأغنية «يد واحدة، قلب واحد»، يعبران عن أحلامهما بالمستقبل والزفاف. وأدى توظيف هذين الفنين لخدمة العمل المسرحي الى ظهور ما سماه النقاد «الأوبرا الشعبية»، وبها لم تعد الأوبرا حكرا على النخبة وإنما للنخبة والعامة.
وتدين هذه الأوبرا بالفضل الى أربعة فنانين موهوبين: آرثر لوريتس الذي كتب النص المسرحي، ستيفن سوندهيم الذي كتب الأغاني، ليوناردو برينستين مؤلف الموسيقى، جيروم روبنس مصمم الرقصات. وجدير ذكره هنا، أن العمل فاز في عام 2013 بالمرتبة الثانية في الاستبيان الذي أجرته صحيفة الغارديان البريطانية حول أشهر20 مسرحية موسيقية عالمية.
1957
عرض العمل 732 مرة على منصات مسارح برودواي
1958
عرض في مسرح ويست إند في لندن
1959
جولة استعراضية على المسارح الأميركية
1960
عادت الى برودواي
1979
فيلم «قصة الحي الغربي». إخراج عادل صادق. تمثيل: حسين فهمي- سهير رمزي- سعيد صالح- مظهر أبو النجا

1996

مسرحية« قصة الحي الغربي» الكوميدية. في مسرح الفن. إخراج جلال الشرقاوي. تمثيل: محمد سعد- رانيا فريد شوقي- عبير الشرقاوي- وائل نور

بيان الإمارتيّة

التعليقات مغلقة.