هل نسيَ العالم جمهورية إفريقيا الوسطى؟ جايك فلاناجين

18

التقاط«أزمة منسيّة». هكذا يُعرّف «مجلس العلاقات الخارجية» الأميركي الوضع في جمهورية إفريقيا الوسطى المكوّنة من شريط من الأدغال والغابات الجافّة الممتدّة بين التشاد وبين جمهورية الكونغو الديموقراطية.
ويكتب الباحث في برنامج الدراسات الإفريقية في «مجلس العلاقات الخارجية» توماس زوبر إن «أزمة «إيبولا» حوّلت الانتباه الدولي عن التطوّرات في أجزاء أخرى من إفريقيا خصوصاً في جمهورية إفريقيا الوسطى. ومنذ السابع من  (أكتوبر) تصاعد العنف في العاصمة بانغي. وأدى التجدد الأخير للعنف إلى نزوح 65 ألف شخص. وفي التاســع من أكتوبر، هوجمت قافلة تابعة للأمم المتحدة في ضواحي بانغي. وصدّت (قوات الأمم المتحدة) هجوماً على منزل الرئيس الانتقالي في 11 تشرين الأول.
ويوضح زوبر «أن هذه التطورات تفيد التذكير بالعقبات التي تواجه مهمة (مونيسكا)»، الاسم المختصر لبعثة الأمم المتحدة المتكاملة لاستقرار جمهورية إفريقيا الوسطى: الصراع المستمرّ بين مسلمي السيليكا («التحالف») وبين متمرّدي «مناهضي بالاكا» («مناهضو المديات») الذي يضمّ أساساً المسيحيين، وحكومة انتقالية ضعيفة إلى جانب «واحدة من أسوأ أزمات الغذاء في تاريخ البلاد».
وتصف أماندا توب في مقال على موقع «فوكس» الوضع في جمهورية إفريقيا الوسطى «بواحدة من أقل الأزمات العالمية قابلية للفهم». ومن غير المرجح توقف القتال، بسبب حكومة «ضعيفة أو عديمة الحيلة كلياً». وتقول إن «التطورات العسكرية باتت سبيلاً ليكسب بها المقاتلون كل شيء من السلع المادية إلى السلطة السياسية. ونظراً إلى افتقار الدولة وقوات حفظ السلام إلى القوة اللازمة لحماية المدنيين، فإن العنف ضد المسيحيين والمسلمين يستدعي ردود فعل مقابلة، التي تستدعي بدورها المزيد من العنف». تضيف «بكلمات ثانية، إلى أن يكون للسلام ما يقدمه أكثر (من الحرب)، فسيستمر القتال».
والصراع الطائفي في جمهورية إفريقيا الوسطى مميّز لأن المسلمين والمسيحيين عاشوا إلى فترة قريبة في سلام. وتقول توب إن «سيليكا» تشكّلت في 2012 من زعماء سياسيين وعسكريين مسلمين ساخطين شعروا أنهم تعرّضوا إلى الإقصاء بسبب دينهم. واستطاعوا اقتحام العاصمة بسهولة وفرض زعيم السيليكا ميشال دجوتوديا على رأس السلطة. لكن الحملة سرعان ما تردّت إلى عمليات قتل طائفي، حيث راح المتمرّدون يقتلون مدنيين من جماعات لم تخضع لهم، مستخدمين في أكثر الأحيان أساليب نشر الرعب كإحراق ضحاياهم أحياء».
تشكّلت حركة «مناهضي بالاكا» رداً على ذلك وتضمّ مزيجاً من «قوات الأمن في النظام القديم» ومن شبان مسيحيين يسعون إلى الانتقام. وتقول توب إن «مهمّة مناهضي بالاكا اتسعت على الفور تقريباً لتشمل شنّ حملات قتل انتقامية من المدنيين المسلمين وفي نهاية المطاف رمت إلى طرد المسلمين نهائياً».
واحد من الأسباب المرجّحة لنسيان العالم جمهورية إفريقيا الوسطى هو صعوبة الوصول إليها والتحرّك فيها. وتقول مادلين لوغان في تدوينة لصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة «اليونيسف»، «لإعطائكم مثلاً: قبل أسبوع ونصف أسبوع، توجّهت قافلة من مقرّ اليونيسف في بانغي لإنشاء مكتب ميداني جديد في أقصى شرق البلاد، وفي بلدة تُسمى زيميو تبعد أكثر من ألف كيلومتر عن العاصمة. كانت الطرقات في حالة سيّئة وخطرة. واستغرق وصول سائقينا إلى هناك أربعة أيام وسط مرافقة عسكرية».
وتكتب نتالي باتيست في تقرير لمجلتَي «ذي نايشن» و»فورين بوليسي إن فوكاس»، «القوا نظرة على قسم الأخبار الدولية في أقرب وسيلة إعلامية رئيسة وسيكون الخبر الأول عن العراق أو سورية أو أوكرانيا أو غزة. وفي وقت تكثر فيه المصائب حول العالم، يصبح من السهل أن تقع الدول الصغيرة التي لا تملك فيها الولايات المتحدة مصالح واضحة في هوّة النسيان. وهذا بالضبط ما حصل في جمهورية إفريقيا الوسطى».
ومقارنة بأزمة اللاجئين في سورية «فإن المجتمع الدولي لم يقم تقريباً بما يكفي لتخفيف المعاناة في جمهورية إفريقيا الوسطى». وتقول باتيست إن «المجتمع الدولي لم يخذل جمهورية إفريقيا الوسطى فقط، بل إن تغطية وسائل الإعلام الشحيحة للأزمة تعني أن المواطن الغربي العادي غافل تماماً عما يجري في البلاد. وخلافاً لغزة، لم تجرَ أي تظاهرات أو احتجاجات لدعم تقديم المساعدة الإنسانية للمدنييين في جمهورية إفريقيا الوسطى».

الحياة

التعليقات مغلقة.