الإرهاب أولاً

23

حسين عمر

 

 

 

 

 

 

حسين عمر

هكذا نادى ممثل النظام في مؤتمر جنيف الثاني الذي انعقد بتاريخ 5-1-2014 من أجل وضع نهاية للازمة السورية العنيفة, لكن المصالح الدولية وعدم كشف الأوراق السرية لتركيا وقطر ومن خلفهم جماعة الإخوان المسلمين أحبط هذا الاقتراح الذي كان يمكن حينها أن يكون الخطوة الأولى نحو حل سلمي وإنهاء العنف والقضاء على المجموعات الإرهابية, أمريكا لم تكن تريد فرض قرارها في ذلك الحين على المعارضة التي تتسلط وتتحكم بقراراتها جماعة الإخوان بالرغم من مساعي السعودية الجدية من أجل إبعادهم لأسباب تتعلق بالخلاف العقائدي بين الوهابية والإخوان, هذه المساعي التي لم تتكلل حتى هذه اللحظة بالنجاح لأسباب عدة أهمها السيطرة التركية الاردوغانية على الائتلاف الوطني السوري ومن خلفه التنظيمات المسلحة الموجودة على الأرض والتي تشكل بأغلبيتها العظمى تنظيمات سلفية أو أصولية إرهابية.

لم يتم الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية تكون وظيفتها الأولى محاربة الإرهاب كما كان يحاجج النظام والحقيقة كان النظام يعرف بان المعارضة لن توافق لهذا رمى الكرة في ملعبهم دون تحقيق أية نتائج من المفاوضات التي دامت أكثر من ثلاثة أيام.

بعد المؤتمر مباشرة خرجت المعارضة أضعف واكثر تفككا “وبدأت الحروب الداخلية بين أجنحتها المسلحة تظهر للعلن لا بل جعل هذا الصراع الدموي بينهم يؤسس لحالة جديدة على الساحة السورية يكون فيها الصراع للأقوى وظهرت القاعدة كأقوى التنظيمات المسلحة بعدة تسميات أهمها داعش وجبهة النصرة والجبهة الإسلامية بكافة فصائلها.

ازداد التوحش لدى الفصيل الأقوى “داعش” وازداد معه مخاوف العالم بعد تقاطر العناصر ذي الميول الإرهابية من كل أرجاء العالم نحو سوريا من البوابة التركية المفتوحة من خلال تقديم تسهيلات العبور من المعابر التي تتحكم بها تلك القوى الإرهابية ويتم إدارتها بالتعاون والاتفاق مع الجانب التركي.

سيطرت داعش على مساحات واسعة من المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة وخاصة في المنطقة التي لها ميول عراقية كالرقة ودير الزور والمناطق التابعة لها أو القريبة منها, استفاد من تعاظم قوته العسكرية والعددية فقد كانت تحصل على حصة الأسد من الأسلحة التي يتم تسليمها للائتلاف السوري, وتوجه مرة أخرى نحو العراق بغزو مدينة الموصل والسيطرة عليها دون مقاومة.

إلى هنا لم تفكر الدول الغربية بالقيام باي إجراء عملي ضد هذا التنظيم المتوحش الذي ينمو ويتضخم بسرعة إلى حين سيطرته على منطقة شنكال الكردية والتوجه نحو هولير عاصمة جنوبي كوردستان, مما دفع أمريكا للقيام بغارات جوية لمنع تقدمها.

باختصار بعد ذلك أصبحت قضية الإرهاب أولا” على رأس أولويات الإدارة الأمريكية ومن خلفها الدول الأوربية الأخرى في محاولة للحد من توسع سيطرة هذا التنظيم المتوحش الجاهلي وأعلن ممثل الأمم المتحدة في دمشق بان قضية الإرهاب هي لها الأولية الآن اكثر من أي موضوع أخر, وهذا ما كان يقوله النظام قبل سنة من الآن.

“الإرهاب أولا ” بدأ يأخذ حيز التنفيذ من خلال الضربات الجوية على مواقع التنظيمات الإرهابية في سوريا التي بدأت بعد إن قام داعش بالهجوم بتاريخ 15-9-2014 في محاولة للسيطرة على منطقة كوباني الكردية وتصدي مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية لها وما زالت المعارك مستمرة.

في مرحلة “الإرهاب أولا ” ظهرت اصطفافات جديدة على الساحة السورية والإقليمية ومنها التأكيد وعبر وسائل الإعلام التركية على دعم اردوغان وحكومته لداعش ووقوف الأغلبية من السياسيين والعسكرين والمقاتلين ( المعارضين لنظام الأسد ضد الضربات الجوية على التنظيم الجاهلي المتوحش داعش وربيباتها. مما يعني أن المستقبل ينذر بانهيار بفترة غامضة من مصير سوريا لحين ظهور معارضة عربية حقيقية تقود الحراك السلمي قبل العسكري للوصول إلى تغير وديمقراطية, إلى ذلك الحين سيكون هناك حاجة دولية لاستمرار النظام في الحكم وحتى التعاون معه ولو بشكل سري في محاربة الإرهاب ومحاولة تحجيمه وحصره في سوريا والعراق.

 

 

 

التعليقات مغلقة.