سوريا تتحدث.. الثقافة والفن من أجل الحرية

36

التقاط

يضم كتاب «سوريا تتحدّث – الثقافة والفن من أجل الحرية» أعمالاً مُنتخبة لأكثر من خمسين كاتباً وفناناً، تُراوح بين المقالة والقصيدة والقصة والسيرة والأغنية والملصق السياسي والرسم الكاريكاتوري. وجلّها يتناول بالنقد والتحليل الثورة السورية والتغيرات التي أعقبت انطلاق شرارتها في ربيع 2011، تاركة ً بصماتها على المشهد الثقافي الراهن.

بعد التوطئة التي تستعرض محتوى الكتاب استهلال عن مجزرة حماة، التي ارتكبت عام 1982، حيث عمل النظام جاهداً لطمس نتائجها، وإخفاء معالم الجريمة التي أودت بالآلاف من أبرياء المدينة، مُجبراً «شعباً بكامله على التظاهر بنسيانها طوعاً أو كرهاً».

العنف المتواصل في سوريا خرج من الخفاء إلى العلن مع بداية الثورة، فالمحظور صار متاحاً، وما كان من المحرمات تداوله أصبح حديث الناس اليومي، وكثر هم الكتاب الذين عايشوا الماضي الدموي لحكم الأسد ورأوا في الثورة الثورية قبل أن تتحول إلى العسكرة، بداية انتقال من الاستبداد إلى الحرية. هذا قبل أن تلقى الثورة تحولاً في كيانها، أرسته التنظيمات الإسلامية المتشددة،..

وقطفت تضحيات الشهداء الذين افتدوا الوطن بدمائهم. سمر يزبك تكتب نصاً كانت قد نشرته في «الحياة»، تستعيد فيه مذكراتها حول الثورة السورية، فتنقل لنا تحدّي الثوار للنظام، كما تستعرض الفنانة التشكيلية سُلافة حجازي في رسوماتها التشكيلية ملامح العنف في المجتمع السوري وردة فعل الناس العنيفة على أداء النظام القمعي. ويرسم خالد خليفة في «حقول الخس »،.

وهو أحد عناوين المقاطع المأخوذة من رواية له ذكريات قاسية ومؤلمة، كان مسكوتاً عنها، عن طبيعة العيش في متاهة الحياة القائمة على المخاوف والأكاذيب.

ويرصد ابن دير الزور الباحث حسّان عباس، في دراسة له تحت عنوان «بين ثقافة المواطنة والثقافة الطائفية» ولادة النزعات العميقة، التي قادت إلى الانقسام داخل المجتمع، ومن جهتها تعتبر الباحثة شارلوت بانك في بحثها «فن الإيقاع» أن الملصقات السياسية التي تناولها المتظاهرون ورواد الإنترنت هي بمثابة استمرارية للتاريخ الفني للملصقات السياسية.

وتتخذ المدونات التي عبر فيها أصحابها عن تجربتهم في سجون الأسد ومعتقلاته منحى تأثيرياً خالصاً، استُعيدت فيها مرارة تلك المرحلة وقساوتها وعنفها. هذا ما نقرأه في نصوص فاديا لاذقاني ودارا عبد الله. «وإن كان نص عبد الله.. يحمل نظرة واقعية، وشجاعة ومرعبة، من داخل الزنزانات الجماعية في فرع سجن الخطيب في دمشق، فإن نص لاذقاني يعرض بمزاج كافكاوي جارح، رحلة استغرقت سبع سنوات في بحث فتاة عن أخيها في أحد سجون النظام السوري».

في حديثه له يقول المفكر ياسين الحاج صالح الذي أمضى في سجون النظام 16 سنة، رداً على سؤال حول أثر الاعتقال والاضطهاد السياسي على بلورة هوية الثقافة السورية أن هناك قضيتان يمكن سوقهما في هذا الشأن؛ أولاهما انقطاع تأثير الثقافة على المجتمع والحياة السياسية العامة بفعل ما ضُرب عليها من حصار واحتواء مديدين، داما جيلين كاملين وتسببا في عزل المثقفين وعيشهم.

وثانيهما يتمثل في انقسام المثقفين السوريين وبروز محورين مختلفين: ديني وسياسي. في الكتاب مساهمات لرسام الكاريكاتور الشهير علي فرزات وآخرين من كتاب السيناريو والفنانين والقصاصين والشعراء . الذين استلهموا في أعمالهم الفنية ومدوناتهم النثرية والشعرية الثورة السورية، بكل تجلياتها وتحولاتها.

عن البيان الاماراتيَّة

التعليقات مغلقة.