على الخطوط الأمامية في الرقة.. مقاتلون يتوقون للحظة إعلان النصر

26

فرانس برس- Buyerpress

على مدى ثلاث سنوات، قاتل الشاب الكردي شفكر هيمو تنظيم الدولة الإسلامية على جبهات عدة، لكن لا شيء يعادل فخره اليوم بالتصدي للجهاديين في عقر دارهم، في مدينة الرقة السورية.

 

وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية المؤلفة من فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن أن معاركها الهادفة لطرد مقاتلي التنظيم من وسط مدينة الرقة، دخلت “مراحلها الاخيرة”. وتعمل في الوقت الراهن على مطاردة فلول مقاتلي التنظيم في شوارع تدمرت أبنيتها وتناثر فيها الركام في وسط المدينة.

 

ويقول هيمو المنضوي في صفوف وحدات حماية الشعب الكردي، أبرز مكونات قوات سوريا الديموقراطية، لوكالة فرانس برس “عندما كنا نقاتل داعش منذ ثلاث سنوات في كوباني، كنا نقول إن عاصمة الخلافة هي الرقة”، مضيفاً “الآن أصبحنا في وسط الرقة والاحساس مختلف تماماً”.

 

ومنذ سيطرته عليها في العام 2014، كانت مدينة الرقة تعد أبرز معقل للتنظيم في سوريا. وأعلن التنظيم المتطرف منتصف العام ذاته إقامة “الخلافة الإسلامية” على مناطق واسعة احتلها في سوريا والعراق المجاور.

 

ويؤكد هيمو، بينما يجلس على سطح مبنى في حي الرميلة المتضرر بشدة في شمال شرق المدينة، أن لديه غاية شخصية في رؤية هذه المعركة الشرسة تصل إلى خواتيمها.

 

وطردت الوحدات الكردية بدعم من التحالف الدولي، تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة كوباني (عين العرب) في شمال سوريا الحدودية مع تركيا نهاية العام 2014. كما شاركت في إطار قوات سوريا الديموقراطية في طرد التنظيم من مدينة منبج في آب/أغسطس 2016. وتخوض منذ حوالى عشرة أشهر معركة الرقة.

 

ويروي هيمو أنه خلال المعارك السابقة التي شارك فيها ضد التنظيم “كنا نتحدث كيف أن داعش يرسل مساعدات (عسكرية) وأرتالا من الرقة” إلى الجبهات التي كان يقاتل عليها.

 

– “داعش انهار” –

 

وتحولت الرقة منذ سيطرة التنظيم عليها إلى مركز ثقله في سوريا، وشهدت ساحاتها وحدائقها العامة عمليات إعدام وانتهاكات وحشية نفذها عناصره.

 

ولكن منذ بدء قوات سوريا الديموقراطية هجومها بدعم من التحالف الدولي، تقلصت مساحات سيطرة التنظيم تدريجياً في محافظة الرقة ثم في المدينة التي يوشك على خسارتها بالكامل.

 

وألحقت المعارك والغارات أضراراً كبيرة بالأبنية التي تدمر بعضها بالكامل أو تصدعت واجهاتها، فيما بقيت بعض الأواني المنزلية أو البرادات المتضررة شاهدة على حياة احتضنتها.

 

على جانب أحد الشوارع، يمكن رؤية جثة بلا رأس مكسوة بالغبار تعود لمقاتل من التنظيم قتل على الأرجح خلال المعارك.

 

ويقول هيمو بحزم في وقت مستقطع أثناء إرساله أوامر عبر جهاز اللاسلكي “داعش انهار. في كل معركة نخوضها نكتسب تجربة” جديدة.

 

وشهد هيمو مقتل عدد من رفاقه أو إصابتهم خلال المواجهات. وفيما يتوق اليوم للحظة إعلان النصر في الرقة، يقول “الرفاق الذين خسرناهم في المعركة الأخيرة يشكلون ديناً علينا، ونريد أن نسدد هذا الدين” بطرد الجهاديين، معتبراً أن “الرقة هي أساس كل شيء”.

 

على بعد أمتار منه، يقول المقاتل في قوات سوريا الديموقراطية عبدالله وهو في الخمسينات من العمر، بحماس لفرانس برس “نريد أن نخلص رفاقنا وأهالينا من هذا الدنس الأسود”.

 

ويتابع “عشت تحت حكم داعش وسجنت واتهمت بالعمالة وجلدوني أمام المسجد”.

 

– “فرح لا يوصف” –

 

وانضم عبدالله إلى قوات سوريا الديموقراطية في آذار/مارس بعد طردها مقاتلي التنظيم من مسقط رأسه قرية الكرامة، الواقعة على بعد نحو مئة كيلومتر جنوب شرق الرقة.

 

ويقول “نحن نتقدم ولا رجوع. يستخدمون الدين كدرع لكن ذلك لن ينفع”.

 

وكان عبدالله الأحد في عداد قوة تقدمت على حساب مقاتلي التنظيم في منطقة مزروعة بالألغام تقع على بعد 500 متر غرب مقبرة في وسط مدينة الرقة.

 

ويضع كل من عبدالله وهيمو الوصول إلى دوار النعيم نصب أعينهم، وهي مستديرة واسعة نفذ فيها التنظيم عمليات إعدام جماعية.

 

ويقول عبدالله ذو الشارب الأسود لزميله “سأسابقك على الوصول إليها ومن يصل أولاً يزرع العلم”، مضيفاً “في الأيام المقبلة سترون إن شاء الله الفرح والأغاني. سيكون هناك فرح لا يوصف”.

 

وسط شارع قريب مكسو بالركام، يستعد مقاتلون من مجلس منبج العسكري المنضوي في صفوف قوات سوريا الديموقراطية لشن هجوم جديد على مواقع التنظيم حول المقبرة.

 

ويقول القائد الميداني في المجلس أبو عبدو الشيخ لفرانس برس بثقة “خلال أيام قريبة سوف نعلن تحرير الرقة”، موضحاً أن “المرحلة المقبلة ستكون صعبة، لكن معنوياتنا ممتازة”.

 

وسبق للعديد من مقاتلي مجلس منبج العسكري أن شاركوا في معارك ضد قوات النظام منذ اندلاع النزاع الذي بدأ منتصف آذار/مارس 2011 باحتجاجات سلمية ما لبثت أن تحولت حرباً مدمرة متعددة الأطراف، تسببت بمقتل أكثر من 330 ألف شخص.

 

وقبل أن يعطي إشارة لعناصره بالاستعداد إيذاناً ببدء الهجوم، يقول أبو عبدو بتصميم “أنا لم أقاتل ست سنوات لكي أذهب الآن الى المنزل”.

التعليقات مغلقة.