البارزاني: الانتخابات ستكون في نوفمبر القادم، وأنا لن أترشح ولن أرشح أحدا من أقاربي للرئاسة

75

فخامة الرئيس، أبدأ الحوار بالعلاقة والصداقة التي تربطك بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وعلاقة إقليم كردستان العراق بالمملكة العربية السعودية.

 

قبل أن أستعرض العلاقات السعودية مع الإقليم، أود أن أشكر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عندما زرته قبل عامين وغمرنا بكرمه ولطفه.. وسمعت من الملك قصة طريفة جدًا، قال «عندما كنا صغارا في زمن جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز (يرحمه الله)، كان رئيس الحرس الأمني في القصر من الكرد، فيقول خادم الحرمين كنا نخشى أحدهم لأنه كان شديدا وقاسيا جدا في تعامله وحريصا علينا بشكل كبير». العلاقات مع السعودية عميقة وتاريخية منذ زمن والدي الملا مصطفى بارزاني وجلالة الملك المؤسس، وهي علاقات فوق الممتازة، وما زالت مستمرة، للمملكة مكانة خاصة في قلوبنا في كردستان، وهذا يعود لدور المملكة وأهميتها في العالم الإسلامي. وبالنسبة للعراق عمومًا، فإن العلاقة تسير في الاتجاه الصحيح، وكان لا بد أن تكون كذلك منذ زمن.

 

-في كردستان العراق قنصلية سعودية في أربيل.. هل لديها دور في تطوير وتشجيع العلاقات والعمل المشترك السعودي الكردي؟

 

بالرغم من أن العمل القنصلي جرى تدشينه حديثا في كردستان، إلا أن القنصلية تقوم بمهماتها بشكل جيد في الإقليم.

 

 الساحة السياسية اليوم منشغلة بالاستفتاء والاستعداد لإعلان الدولة الكردية، والكل يعلم أن هذا هو مشروع مسعود بارزاني منذ عقود عندما وضع هو ورفاقه ملف القضية الكردية على الطاولة، وفي 25 سبتمبر هناك استفتاء، ما هي المنغصات على هذا المشروع في ظل المواقف الإقليمية الرافضة، وأخيرا الموقف الأمريكي الذي طالب بالتأجيل.. هل أنتم ماضون في مشروعكم؟

 

مشروع الاستقلال هو مشروع الشعب الكردي في كردستان العراق وليس مشروع مسعود بارزاني فقط، وأنا أتشرف أن أقود هذا المشروع، ولكن قبل الحديث عن الاستفتاء دعني أعود قليلا إلى المرحلة التاريخية السابقة.. لماذا توصلنا إلى هذه القناعة؟

إذا أردنا الحديث عن العلاقة بين أربيل وبغداد، يمكن القول إننا مررنا بمرحلتين؛ المرحلة الأولى هي مرحلة تأسيس الدولة العراقية بدءا من الحرب العالمية الأولى إلى العام 2003 بعد سقوط نظام صدام حسين. عندما انتهت الحرب العالمية كان هناك صراع شديد بين التحالف وبين تركيا على الموصل، حينها العراق كان يتألف من ثلاث ولايات (البصرة في الجنوب، بغداد في الوسط، الموصل في الشمال)، الكرد في وطأة هذا الصراع بين التحالف وتركيا صوتوا لصالح انضمام الموصل لبغداد، ولولا هذا التصويت لكانت الموصل اليوم جزءا من تركيا، لكن كان التصويت بشرط أن نكون شركاء في هذا الوطن، وللأسف حصتنا من هذه الشراكة 4500 قرية تم مسحها من الوجود، 182 ألف إنسان فقدوا في عمليات الأنفال سيئة الصيت، 12 ألف شاب من «الكرد الفيليين» فقدوا، ثمانية آلاف بارزاني من أسرتي وعشيرتي فقدوا، ثم القصف الكيماوي في حلبجة وغيرها من المناطق الكردية، ومع ذلك في انتفاضة 1991 استسلم فيلقان من الجيش العراقي الذين ارتكبوا الجرائم، ومع ذلك الاستسلام عاملنا الفيلقين باحترام ولم ينتقم الشعب الكردي من هؤلاء.

 

-هل تقصد عفوتم عنهم وتسامحتم معهم؟

 

خيرنا هؤلاء.. من يريد العودة إلى أهله، أو يسافر للخارج، أو يبقى في أربيل. هكذا كانت معاملة الشعب الكردي لمن كان يقتله بالأمس، بل ذهبنا أيضا إلى بغداد وتفاوضنا مع من ارتكب هذه الجرائم.. وقلنا نريد أن نفتح صفحة جديدة، لأن القضية العراقية كانت تحتاج إلى تضحيات.. ومع ذلك لم نتوصل إلى نتيجة

 

-ماذا فعلتم للتعاون بعد سقوط نظام صدام؟

 

تلك مرحلة ثانية، بعد سقوط نظام صدام في 2003 ،قلنا لكل الأحزاب والقيادات، تعالوا لنبني عراقا ديموقراطيا فيديراليا، وبذلنا ما أمكن من جهود لإنجاح التجربة الجديدة، لكن مع الأسف كانت المفاجأة أننا صدمنا بالأساليب السابقة نفسها، تجاهل للحقوق، وإنكار للآخر، وعدم قبول الشراكة، واحتكار السلطة، لدينا دستور للعراق ومع ذلك أتحدى أنهم نفذوا بندا واحدا من الدستور الجديد في المسائل الأساسية المتعلقة بين الإقليم وبغداد.

 

-كيف؟ هل من الممكن أن تشرح أكثر؟

 

تصور أن حكومة بغداد قطعت ميزانية الإقليم بـ«جرة» قلم، هل يجوز لرئيس وزراء أن يقطع حليب الأطفال ويمنع حقوق شعب إقليم كردستان، بأي دستور يتم ذلك، وعلى أي أساس اتخذ ذلك القرار. في مقدمة الدستور العراقي، يقول إن الالتزام بهذا الدستور ضمان للحفاظ على وحدة العراق، ولكن ممارساتهم عكس ذلك تماما. بعد كل تلك الممارسات من حكومة بغداد، توصلنا إلى قناعة أن الشراكة مرفوضة منهم، والـ100 سنة الماضية كانت تجربة فاشلة، دماء وحروب، وهدن، لا نريد أن نعود إلى هذه التجربة الفاشلة، لذلك قرر شعبنا في كردستان الذهاب إلى خيار الاستفتاء.

 

-هل تحدثت مع حكومة بغداد.. وشرحت الأسباب؟

نعم.. تحدثت مع الإخوة في بغداد بكل صراحة، طالما فشلنا في الشراكة الحقيقية دعونا نصبح جيرانا، وحقيقة هناك وساطات من أمريكا وأوروبا ودول إقليمية، ولكن سؤالنا لهذه الأطراف ما هو البديل، وهل لديكم بديل أفضل لواقع العلاقة بين الإقليم وبغداد.. اليوم نحن مصممون على هذا الاستفتاء.

 

 بعد الاتصال الذي أجراه وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون.. هل أعطيته موافقة على تأجيل الاستفتاء؟

 

لا، لم يعط موافقة على تأجيل الاستفتاء، لكني أعطيته موافقة على الحوار مع بغداد للتفاوض من أجل إيجاد صيغة تضمن مستقبلا أفضل للطرفين.

 

-يعني التأجيل وارد؟

 

على الإطلاق التأجيل غير وارد.

 

-حتى ولو وافقت حكومة بغداد على أصول الشراكة؟

ربما في ظل هذه الظروف والضغوط ستكون هناك شراكة لمدة سنة أو سنتين، لكنها أيضا ستفشل، طالما السياسة مع الإقليم لم تتغير والحقوق الأساسية مرفوضة.

 

-هذا يقودني إلى سؤال آخر، قد تتجنبون الإجابة عنه، لكن دائما ما يتم طرحه وهو أن حكومة بغداد محتلة من إيران؟

 

أنا لا أقول محتلة، لكن بصراحة النفوذ الإيراني في بغداد أقوى من نفوذ أية دولة أخرى في العراق

-يقال إن الكثير من القرارات التي يتم اتخاذها في العراق يلعب نوري المالكي دورا فيها، بينما رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي لا يزال يحاول.. وأنت كنت ممن اصطدم مع هذا المالكي، ألا يوجد هناك من يضع حدا لممارساته؟

 

الحقيقة أن نوري المالكي هو السبب وراء ما وصل إليه العراق اليوم، هو من كرس الطائفية، احتكر السلطة، دمر العلاقة بين بغداد وأربيل، انتهك الدستور العراقي.. وهذا سبب اصطدامي مع نوري المالكي، لأنه ليست هناك قضايا شخصية. صحيح المالكي لا يزال له تأثير على الحكومة ببغداد في المقابل هناك محاولات للحد من نفوذه. وحيدر العبادي لا يقارن بالمالكي فهو رجل يمكن التفاهم معه، لكن بالتأكيد هناك معارضة وعرقلة للعبادي، وبالفعل هناك عقبات كثيرة أمام العبادي.

 

هناك تفاوت بعلاقة الإقليم مع إيران، ففي السليمانية هناك تدخل إيراني واضح وبعض القيادات تسير وفق النهج الإيراني، لكن في أربيل بالفعل هناك موقف واضح من إيران، ألا يشكل هذا التفاوت حالة إرباك لكم؟

 

من حيث المبدأ نحن نريد أن تكون العلاقة مع إيران على أساس حسن الجوار والمصالح المشتركة، وألا يتدخل أحد في شؤون الطرف الآخر، لكن أؤكد القول إنه لا يمكن القبول بوصاية أحد علينا، صحيح السليمانية بحكم موقعها الجغرافي، ربما هناك علاقة مع إيران تختلف عن العلاقة مع أربيل، لكن الثابت في سياسة الإقليم لا قبول للتدخل أو الوصاية الإيرانية.

 

-سبق أن صرحت قيادات إيرانية، أن أربع عواصم عربية سقطت في يد إيران (بغداد، سورية، لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله، ثم الحوثيون في اليمن)، ألا تخشون من التحرك الإيراني ووجود سليماني داخل العراق ما سيشكل خطرا على الإقليم؟

 

نحن قرارنا واضح، لا نريد أن نصطدم أو ندخل في صراع مع إيران، لكن هذا التحرك أو غيره من التحركات الإيرانية لا يمكن أن نسمح أن يصل إلى الإقليم. التدخل الإيراني في الإقليم مرفوض بالمطلق، وحتى إذا استمر هذا التدخل في العواصم العربية نحن لن نسمح بسقوط الإقليم.

 

 -هل زارك قاسم سليماني؟

 

نعم، زارني في الإقليم مرات عدة.

 

-كيف كان يتحدث عن الإقليم؟

 

خلال اللقاءات كان الحديث وديا، ولا توجد أية مشكلات.

 

-لكن الكل يعلم أن قاسم سليماني يعمل على الأرض داخل العراق ويحاول أن يطوق الإقليم.. ألا تعتقد أن محاولات الضغط على الإقليم بهجوم داعش كان له دور فيها، خصوصًا أن الموصل معقل «داعش» لا تبعد عن أربيل أكثر من ٨٠ كيلومترا؟

 

كان الهدف من هجوم «داعش» إسقاط إقليم كردستان، وإنهاء الوضع القائم في الإقليم وبالتالي الانهيار، ولا أشك أبدا بوجود أطراف كانت تدفع «داعش» للهجوم على الإقليم، لكن الحمد لله وقفنا وصمدنا، وسقط «داعش» ومن يدعمه.

 

 -كم عدد شهداء الإقليم في الحرب ضد «داعش»؟

 

1781 شهيدا حتى الآن.. ومازال هناك شهداء في كل يوم.. والجرحى 10161.

 

-ماذا عن الموقف التركي، خرجت تصريحات عدة تصف الاستفتاء بأنه ليس بالاتجاه الصحيح، على رغم أن العلاقة بتركيا وحتى على المستوى الشخصي ممتازة.. هل أرسلت لكم تركيا رسائل في ما يتعلق بالاستفتاء؟

 

نعتقد أن تركيا اقتنعت خلال تجرية الـ25 سنة الماضية من العلاقة الاستراتيجية. العلاقة مع الإقليم ليس فيها تهديد لتركيا، بل على العكس تطور الوضع في الإقليم سياسيا واقتصاديا وأمنيا هو من مصلحة تركيا ويساعد على استقرار الوضع في تركيا، وهناك مصالح كبيرة بيننا من تبادل تجاري، وأثبتنا أننا لسنا عامل تهديد لتركيا أو إيران، على العكس تماما أسهمنا في التقارب بين الكرد في تركيا وإيران مع دولتيهم.

 

لكن هذا سيؤثر على تركيا، خصوصًا أن عدد الكرد فيها كبير؟

 

موضوع الاستفتاء يتعلق بكردستان العراق، وليست له علاقة بأكراد تركيا، ونحن نتمنى أن يحصل الأكراد في تركيا على حقوقهم، لكن بالتفاهم مع دولتيهم ووفق ظروفهم الخاصة، لكن الاستفتاء أمر يخص كردستان العراق، وليس له علاقة بالكرد في تركيا أو حتى إيران.

 

-هل وصلتكم رسائل من دول الجوار، وماذا كان ردكم؟

وصلتنا رسائل إعلامية وأيضًا خاصة، بأن الاستفتاء ليس القرار الصحيح، وقلنا لهم نحن من يقرر «فأهل مكة أدرى بشعابها».. وقلنا لهم ما الوقت المناسب بعد كل هذا الانتظار؟ وقلنا لهم أيضا أيهما أفضل استقرار الأوضاع في المنطقة أم استمرار الحروب والتوتر والنزاع؟ وأكدنا أن بقاء الوضع كما هو عليه لن يستمر ونخشى أن يتطور إلى ما لا تحمد عقباه.. استمعنا إليهم وأوصلنا رسائلنا لهم.. ونأمل أن يقتنعوا رغم أنني أحترم وجهة نظرهم، ونحن لا نقبل أن يحدد الآخرون مصلحة إقليم كردستان.

 

 -ألم تفكروا بفتح مكتب تمثيل للإقليم في تركيا؟

 

هناك اتجاه بفتح مكتب للإقليم، لكن بسبب الأزمة الاقتصادية والظروف التي يمر بها الإقليم تم تجميد هذا الموضوع.

 

-وفي السعودية ألم تطلبوا فتح مكتب تمثيل للإقليم؟

 

حقيقة ضروري هذا الأمر ويهمنا جدًا، ولكن لم نطلب ذلك.

 

رئيس مسعود، يهمني أن أسمع شهادتك للتاريخ في صدام حسين، بعد المعارك التي وقعت مع صدام حسين ونتج عنها جرائم بحقكم.. يعلم الكل أنك ذهبت بعد عام 1991 إلى بغداد وصافحت صدام حسين.. كيف اتخذت هذا القرار، وكيف كان يفكر مسعود بارزاني في تلك اللحظة؟

 

يضحك الرئيس ثم يعلق: سؤال جيد. الحقيقة أنه بعد هزيمة صدام حسين في الكويت انتفض الشعب في كردستان وسيطر على المنطقة، وبعد أن خرج من الكويت يبدو أن هناك صفقة في «خيمة صفوان»، وتوجه إلى كردستان ووقعت معارك ضارية على أبواب الإقليم، وانكسر جيش صدام، وطالبوا بمفاوضات ووافقنا من طرفنا، لكن في البداية أرسلنا وفدا برئاسة السيد جلال طالباني، وبعد عودة الوفد من بغداد، ألحت بغداد أن أذهب أنا إلى بغداد، وكان هذا الأمر صعبا جدا بالنسبة لي، فأنا أعتبر كل الذين استشهدوا هم إخواني ومن عائلتي، وصعب جدا أن أصافح شخصا قتل 37 فردا من عائلتي، أليس هذا إحراجا أمام أسرتي، والمشكلة أن هذه العائلات في بيتي وليسوا في مكان آخر، فقلت للوفد هذا صعب ولكن عدم الذهاب قد يُ فسر بشكل آخر. لكن في الأخير قررت الذهاب إلى بغداد.

 

-كيف استقبلك صدام، وكيف تعاملت مع الموقف؟

 

عندما رأيت صدام حسين في الدقائق الخمس الأولى كاد قلبي يتوقف.. انتابتني حالة نفسية غير طبيعية، وصدام شعر بالحالة التي انتابتني، وأيضا عزت الدوري شعر بالأمر، حاول صدام أن يقبلني ورفضت.. وقلت لهم خلال الاجتماع ما بيننا دماء، ومع ذلك جئت من أجل قضية شعب، وهذا يتطلب أن أكون بينكم، فإذا أنتم مستعدون فنحن كذلك، وإذا لم تكونوا مستعدين فمن استشهد أعز ممن بقي لدينا! ولا يمكن أن نساوم على الحقوق

.

-هل جرى تغيير بعد ذلك؟

 

للأسف لم يتغير شيء العقلية الصدامية لم تتغير.. وهنا أسوق لكم حديثا لصدام.. قال خلال الجلسة الأولى، يا إخوان إذا تتصورون أننا هزمنا في الحرب (1991 ،(فأنتم مخطئون، نحن انتصرنا في الحرب والسبب أن أمريكا هي من طلبت وقف إطلاق النار، ثانيا هدف أمريكا كان إسقاطنا، والآن نحن باقون، لذا نحن المنتصرون.. هذه هي العقلية.

-ماذا تتذكر للتاريخ من حملة الأنفال التي قام بها صدام ضد كردستان عام 1988؟

 

كل ما أتذكر.. مأساة ومأساة فمأساة.. جثث متناثرة، نساء وأطفال يهربون من القصف، دمار ونار.

 

 إذن كيف تفاوضت مع صدام حسين؟

 

الحقيقة كان موقفا صعبا أن تتفاوض مع القاتل. في أحد الاجتماعات انفعل علي حسن المجيد (علي الكيماوي) ولم أحضر هذا الاجتماع، وقال أنتم تركزون على الأنفال والمفقودين وتقصدونني أنا.. وتابع قائلا: أنا أنفذ أوامر.. واستمر بالقول لماذا تبالغون بعدد القتلى ليسوا 182 ألفا هم فقط 100 ألف. وفي اليوم التالي حضرت المفاوضات وقلت له سمعت أنك تقول بالأمس إن عدد القتلى 100 ألف.. وأنا أقول لك ليكن 50 ألفا، لكن أعطني رفات وجثث الشهداء الباقين. الحقيقة أن من يقتل 50 يقتل مليونا

 

-هناك أزمة اقتصادية في الإقليم.. رغم وجود النفط والغاز والثروات الطبيعية، فهل الأزمة ستطول أم أن المفاوضات في بغداد كفيلة بحل الأمر؟

 

نأمل أن تحل الأمور بالتفاوض مع بغداد، لكن الحقيقة أن حكومة بغداد هي من تعرقل كل شيء، نحن اتفقنا منذ العام 2007 على قانون النفط والغاز، لكن بغداد ماطلت بالاتفاق، وكان هناك ملحق في تلك الاتفاقية، إذا الاتفاق لم يطبق خلال أربعة أشهر فلكل طرف حق التعاقد مع الشركات على إنتاج النفط والغاز.. فنحن لم نتجاوز الدستور.

-كان لقوات البيشمركة دور كبير في تحرير سنجار من قبضة «داعش».. حدثنا عن تجربتكم في قتال هذا التنظيم الإرهابي؟

 

سنجار تبعد عن آخر نقطة من مواقع البيشمركة 70 كيلومترا، هذه المنطقة الفاصلة تسكنها عشائر عربية، القسم الأكبر من عشيرتي شمر والجبور. بعد سقوط النظام 2003 أصبح هناك وضع جديد في المنطقة بما فيها سنجار، واليزيديون تعرضوا في هذه المنطقة إلى ظلم كبير، وحاولنا أن نساعدهم باستعادة الثقة بأنفسهم والشعور بالمواطنة، وبعد سقوط النظام أرسلنا قوة لحمايتهم، وبعد ظهور «داعش» هناك بعض العشائر العربية (المتيوت، الجحيش، وتركمان في تلعفر).. هم من ارتكبوا هذه الجرائم وخانوا، وعندما بدأ الهجوم على سنجار وقعت المجازر والسبي رغم أن هذه العشائر العربية تعهدت بحماية اليزيديين وعندما عادوا حدثت وقائع السبي والقتل والتنكيل بعد أن دخل «داعش» إلى هذه المناطق.. ولكن لا بد من القول إن عشائر مثل الجبور وشمر لم يرتكبوا أي أخطاء بحق أحد.. والبيشمركة لم يسمحوا لـ«داعش» بالوصول إلى الجبل واستطاعوا حماية اليزيديين وغير اليزيديين.. وحدث النزوح من هذه المناطق إلى أربيل ودهوك.

 

-متى بدأت أولى معارك تحرير سنجار؟

 

أول معركة بدأنا بتحرير المنطقة كانت في يوم 1/10 /2014 وبعد ذلك، في يوم 17/12 حدث هجوم كبير ضد داعش من قوات البيشمركة باتجاه جبل سنجار، وكان المخطط أن يستغرق الهجوم أسبوعا، لكنه -ولله الحمد- انتهى في 24 ساعة وهرب «الدواعش».. منهم من فر إلى سورية، والبعض قتل، والبعض الآخر تم اعتقاله.. وتم تطهير حوض سنجار (70 كيلومترا)، وفي يوم 13/12 من العام 2015 تم الهجوم على مدينة وأطراف سنجار وتم تحريرها، وكانت معارك قاسية وطاحنة.

 

 – هل شاركت في المعارك؟

 

كنت موجودا هناك طبعا

 

-هل كنت تقود المعركة أم تحضر من وقت لآخر لتطل على مقاتليك؟

 

كنت معهم دائمًا.

 

 -كم استمرت معارك سنجار؟

 

استمرت معركة مدينة سنجار يومين، ومعركة تحرير ربيعة يوما واحدا.

 

-ألا تعتقد أن «الحشد الشعبي» يرتكب مجازر لا تقل عن «داعش».. مسعود بارزاني ما رأيه بالحشد الشعبي بكل وضوح؟

 

حقيقة، لا يمكن الحكم على «الحشد الشعبي» بصورة واحدة، هناك نوع ملتزم فعلا حارب «داعش» والتزم بالأوامر والقوانين ودخل المعركة إلى جانب الجيش العراقي والبيشمركة، ولم يرتكبوا أية مخالفات، في المقابل، هناك نوع آخر من «الحشد» ارتكب جرائم لا تقل بشاعة عن جرائم تنظيم داعش.. ويجب التمييز بين نوعين من الحشد

 

-بعض الدول الخليجية والعربية يصنفون الحشد الشعبي منظمة إرهابية.. أنتم في الإقليم هل تعاونتم مع الحشد؟

في بعض الحالات القليلة تعاملنا مع الحشد الملتزم، أما الحشد الآخر فلم نتعامل معه على الإطلاق.

 

مقتدى الصدر زار السعودية والإمارات أخيرًا، وله تصريحات قوية تجاه إيران.. كيف تصف علاقتك مع الصدر؟

 

علاقتي مع الصدر قوية جدًا وأحترمه، فهو رجل يحترم كلمته، والتيار الصدري في العراق تيار وطني، ويحظى بتقديرنا

 

-هل بينكما تواصل؟

 

نعم، التواصل مستمر

 

-نظام الأسد أجبر بمساعدة إيران أكثر من 12 مليون نسمة على الهجرة والنزوح، لكن لا يوجد موقف واضح من إقليم كردستان حيال ممارسات الأسد ضد شعبه؟

 

كيف؟ من أين أتيت بهذه المعلومة؟ بالنسبة لي الوفاء عندي مسألة مبدئية، في أيام حافظ الأسد فتح أبواب سورية للأكراد حين كنا في حالة حرب مع صدام، ولا أريد أن أرمي الحجر في عين شربت منها، وأنا أختلف مع ممارسات بشار الأسد واستقبلنا المعارضة السورية بكافة فصائلها، وبطبيعتي لا أحب التهجم، لكن موقفنا أن الشعب السوري هو من يقرر مصيره.

 

-ماذا لو بعد الاستفتاء رفضت حكومة بغداد تقاسم المياه والموارد معكم.. ما خيارات الإقليم؟

 

مشكلة بغداد في ما يتعلق بالمياه ليست مع الإقليم، بل مع إيران ومع تركيا. هاتان الدولتان هما اللتان تقسمان السدود

وماذا بالنسبة للتفاهم حول الموارد؟

 

في هذه النقطة نحن مستعدون لأقصى درجات المرونة

 

-كيف ستضمنون حقوق العرب في الإقليم؟

 

لهم مطلق الحرية والخيار أن يشاركوا في الاستفتاء أو لا، وأن يعيشوا في الإقليم كشركاء حقيقيين في الإقليم على أساس المواطنة

 

-كيف تعايشتم مع الوضع الاقتصادي الصعب بعد قطع مستحقاتكم من حكومة بغداد في عام 2014؟

 

بعد قطع الميزانية على الإقليم في العام 2014 واجهنا أزمة من مختلف الجهات، هبوط أسعار النفط، هجوم داعش على الإقليم وفتح جبهة بطول 1050 كيلومترا.. كل هذه الأمور وقعت مرة واحدة، ولكن بعد الأزمة استطاعت حكومة الإقليم أن تتفق مع الحكومة التركية وبعض الشركات لنقل النفط بين كركوك وتركيا من خلال خط جيهان إضافة إلى الخط الجديد من الإقليم إلى تركيا، ولولا هذا الحل لواجهنا مشكلة كبيرة وأزمة خانقة.

-من أصول يهودية كردية في إسرائيل نحو 150 ألفًا هل يزورون الإقليم؟ هل هناك علاقات ثقافية؟ هل طلب هؤلاء إقامة علاقات مع بلادهم؟

 

هناك أعداد كبيرة من الكرد، ربما تصل إلى 200 ألف، واللافت أن هؤلاء الكرد متمسكون بعادات وتقاليد الكرد القديمة أكثر من الكرد هنا في أربيل، هؤلاء متمسكون بالثقافة الكردية جدا إلى درجة الاحتفاظ بالزي الكردي حتى الآن.

 

هل هناك علاقات تجارية للإقليم مع إسرائيل؟

لا يوجد بيننا وبين إسرائيل أية علاقات، ولكن من يقيمون في إسرائيل من الكرد ولهم أصول فلهم الحق في ما لايزالون يملكونه في أربيل

 

-كيف ترى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في اهتمامها بالمنطقة وبمسألة إقليم كردستان؟

 

يبدو أن الإدارة الأمريكية لم تستقر حتى الآن، فمن الصعب الحكم.

 

كثيرا ما يتم الحديث عن التدخلات الإيرانية والوجود التركي في الإقليم، ألا يقلق هذا الأمر الأجيال القادمة وأنتم كذلك في إقليم كردستان؟

 

إذا كان الوجود التركي والإيراني بموجب المصالح والاتفاق بين الطرفين، فليست هناك مشكلة، أما إذا كان الأمر بهدف فرض النفوذ، فلا هذا الجيل ولا الأجيال القادمة تقبل به

 

هل لديكم علاقات مع قطر؟

 

حقيقة لا توجد علاقات مع قطر، فهي علاقات باهتة.

 

-راقبتم قطع العلاقات من قبل الدول الأربع (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر)، وأيضا ما كشف عن دور قطر في تمويل الإرهاب، وكذلك دعم «الحشد الشعبي» من خلال أموال وضعت في البنك المركزي العراقي تصل لنصف مليار دولار.. كيف تراقب السياسة القطرية كقائد سياسي وعسكري؟

 

حقيقة لا يوجد لدينا اطلاع على الوضع في قطر، وليست لدينا علاقات كما هي العلاقات مع السعودية والإمارات والكويت، ولكن بحسب ما سمعنا من بيانات من الدول الأربع يبدو أن قطر لعبت لعبة خطيرة وكبيرة.

 

-بعد نضال أكثر من 50 عاما، وبعد القرارات الأخيرة الجريئة.. ألا تخشى الاغتيال؟

 

تعرضت لمحاولة الاغتيال مرات عدة، إذا كان الاغتيال من أجل قضية شعبي فأنا أرحب به ولا أخشاه أبدا.. ولو كنت أخشى الاغتيال لما أقدمت على هذه القرارات (الاستفتاء) مثلا.

 

-قبل فترة تم العثور على جثة ابن خالكم وابن أخ وزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري مقتو ًلا في أربيل.. من وراء اغتياله؟

 

صحيح هناك صلة قرابة بالقتيل، لكن كانت حالة انتحار وليست اغتيالا

-هل زرت صديقك جلال الطالباني أخيرا؟

 

مع الأسف لم أزره، ومنذ فترة لم ألتقه، وندعو له بالشفاء.

 

 – وكيف علاقتك بفخامة الرئيس العراقي فؤاد معصوم؟

 

علاقة ممتازة.

 

-لكن ألا ترى أن معصوم لم يفعل شيئا للإقليم، بحكم منصبه رئيسًا العراق؟

 

تلك مشكلة الدستور، رئيس الجمهورية ليس لديه صلاحيات، وللأسف مرر علينا الدستور بتلك الصورة.

 

–  الحياة السياسية في كردستان شبه مشلولة.. البرلمان معطل، والرئاسة لم يتم الحسم فيها بعد التمديد في العام 2015) .السؤال موجه للرئيس من الزميل عبدالله الغضوي

 

بالفعل، الوضع غير طبيعي، ولسنا راضين عنه، والحقيقة نحن اتفقنا على التوافق في إقليم كردستان العراق، ولكن ما جرى أن حزب التغيير أراد الالتفاف على هذا التوافق وأرادوا أن يقوموا بانقلاب، وكنا في حالة حرب يومية مع تنظيم «داعش»، وفي أي بلد عندما يكون في حالة حرب يتم تجميد الخلافات، والآن بعد زوال الخطر، فمن الممكن أن يعود رئيس البرلمان ويعقد الاجتماعات، فالكرة الآن في ملعب حركة التغيير.

-هل ستترشح لرئاسة كردستان فيما لو نجح الاستفتاء؟

 

أنا قلت منذ البداية للأحزاب، لندخل انتخابات، ولن أترشح لها، أو اتفقوا على شخص يتولى المسؤولية إلى أن يأتي وقت الانتخابات، وبالفعل إذا جاءت الأحزاب غدا بأي شخص توافقي وقالوا إن هذا مرشحنا بصورة مؤقتة إلى حين الانتخابات سأقول أهلا وسهلا. الانتخابات ستكون في نوفمبر القادم على موعدها، وأنا لن أترشح ولن أرشح أحدا من أقاربي للرئاسة

 

-اللافت في موضوع الاستفتاء أن كل الأصدقاء طلبوا التأجيل باستثناء الأحزاب الكردية الأخرى «العمال الكردستاني» والاتحاد الديموقراطي في سورية أيدوا هذا الاستفتاء.. كيف قرأت هذه المواقف؟ (سؤال من الزميل عبدالله الغضوي)

 

مسألة الاستفتاء، لا تجد كرديا واحدا يجرؤ على القول إنه ضدها، باستثناء مجموعة مدفوعة من جهات خارجية، أي مواطن يشعر بالمسؤولية تجاه قضية الوطن يكون مع الاستفتاء.. وأنا متأكد من أن كل كردي يؤيد الاستفتاء. أما الدول الأخرى، فلماذا يناضلون من أجل الاستقلال ويحرمونه علينا؟

 

-هل سيؤثر الاستفتاء على التنسيق الأمني التركي مع الإقليم؟ (سؤال من الزميل عبدالله الغضوي

 

هذا الأمر يعود إلى تركيا، من جانبنا نحن مستعدون للتعامل مع تركيا في كل المجالات، أما إذا اتخذت تركيا قرارها فهذا شأنها.

 

-حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي في سورية يسيطر على مساحات واسعة وله تجربة سياسية في الحكم، ما هو موقفكم من هذه التجربة؟

 

نحن أرسلنا قوات كردية من البيشمركة إلى كوباني (عين العرب) وقاتلنا ضد «داعش» بقوة، وقدمنا لهم السلاح والرجال. المشكلة مع حزب الاتحاد الديموقراطي أنه احتكر كل شيء ونفذ بحق الأحزاب السياسية الكردية الأخرى اغتيالات واعتقالات، ونحن ضد هذه الممارسات

 

-هل تصنفون حزب العمال الكردستاني على أنه منظمة إرهابية؟

 

نحن نختلف معهم ولدينا ملاحظات كثيرة جدا على ممارسات حزب العمال الكردستاني، لكننا لا نصنفه منظمة إرهابية

.

-ما موقفكم من ممارسات «الإخوان المسلمين» في العالمين العربي والإسلامي.. خصوصًا أن الجماعة تم تصنيفها في بلدان عدة على أنها جماعة إرهابية؟

 

نحن ضد أي تنظيم يشجع على العنف. في كردستان العراق لا يوجد لدينا تنظيم للإخوان المسلمين، قد تكون هناك أحزاب متعاطفة. لكن على أرض الواقع لدينا ثلاثة أحزاب إسلامية (الاتحاد الإسلامي، الجماعة الإسلامية، الحركة الإسلامية وبعض السلفيين)، هؤلاء ينكرون أنهم تنظيمات إخوانية وممارساتهم يمكن تحملها وضمن الحدود، وأنا لا أؤيد أي حزب إسلامي سنيًا أو شيعيًا يتدخل في شؤون الدولة بأفكار عنيفة متطرفة

 

-كيف تصف علاقتك مع المرجع الشيعي العراقي عمار الحكيم؟

 

علاقتي جيدة به، لكنها تعثرت أخيرًا، فقد كانت التصريحات الأخيرة غير متوقعة، خصوصا أنها كانت ضد الاستفتاء

 

-كيف ترى الوضع في اليمن وممارسات الحوثيين الإرهابية المدعومة من إيران.. ما موقف الإقليم من جماعة ترهب وتنكل باليمنيين؟

 

الحقيقة الوضع في اليمن غريب بالنسبة لنا، ليس لدينا الاطلاع الدقيق على ما يجري هناك

 

أراضي كردستان العراق مليئة بالموارد والثروات الطبيعية.. لماذا لا تدعون رجال الأعمال إلى الاستثمار ومنح الفرص عبر تجمع اقتصادي استثماري في أربيل؟

 

هذا الأمر متعلق بحكومة كردستان أكثر، وكان الرأي في الوضع الاقتصادي أننا يجب ألا نعتمد على النفط، وقد أوصيت الحكومة بالجانب السياحي والزراعي.

 

-الكثير ممن يعرفك يقولون متى يصبح مسعود بارزاني أكثر سهولة، وألا يستمر عنيدا؟

 

يضحك الرئيس كثيرا ويتابع: أنا أتصور أنني سهل ومتساهل جدا، لكن في المسائل الأساسية لا أساوم، لأنني أعتقد أن الإنسان يجب أن يحترم وعده وكلمته، وعندما تكون صاحب قضية وهناك مجال أو هامش للمناورة فلا مشكلة في ذلك، لكن إذا كانت الأمور تمس جوهر القضية فبالتأكيد سأكون عنيدا ولن أغير طبيعي.

-من يتذكر مسعود بارزاني من رفاقه الذين يشعر أنه يمكن الاعتماد عليهم مستقبلا؟

 

هناك الكثير من الرفاق ومع الأسف كلنا «شيبنا». يضحك الرئيس بارزاني هنا، ثم يكمل الحديث: هناك جيل جديد نشأ وهو أفضل من جيلنا، وفي الحرب مع «داعش» أنتجت كردستان مجموعة من القادة والمقاتلين، وكان ينتابني قلق أن هؤلاء الذين يملكون تجربة سياسية سابقة انتهوا وتقدمت بهم السنون، لكن وجدنا في المعركة مع داعش قادة أبطالا.

 

-أخيرًا من هو أكثر شخص تشعر أنه غدر بك؟

 

اعذرني.. اعذرني لا أحب الشخصنة، هناك الكثير لكن لا أود أن أذكر أسماء.

 

المصدر: صحيفة عكاظ السعودية

 

التعليقات مغلقة.