عصف الذكريات

93

 

عصف الذكريات (3)
روضة حسن

أحبّا الشتاء, كانا دائمي الوقوف أمام النافذة, يجمعان أنفاسهما على الزجاج, يرسمان حرفي اسميهما ويبتسمان, لا يملان من تكرار ذلك. صوت المدفئة وضوء النار على الجدار, أغنية فيروز “انا لحبيبي وحبيبي إلي”.

كان يغني لها أغان كرديّة شعبيّة, وهي تتوسل – في كل مرة – إليه ألا يعيدها, فهي غير مولعة بهذا النوع من الأغاني, ورجع صوته يتردّد في أرجاء المنزل, يصدح بتلك الأغاني.

لا زالا منذ خمسة عشر عامايجرّبان الحب ويختبرانه. هو الحب الذي جمعنا, تقول له. هو تغيير القدر الذي رسمته لك بدمي, يردّ عليها.

خمسة عشر شتاء مضى, وجاء أيلول,كان آخر موعدهما, قرر أن يغادر, ونكث بعهده.تركها وحيدة. يأتي الشتاء, تقول في سرّها, هو الله خلق لنا يدين اثنتين كي نحضن أنفسنا.لكن الحنين لتلك الأيام برق في ذاكرتها, ووقْع اغانيه الشعبية التي لازالت تعمّ أرجاء البيت, فقررت ان تزوره, بعد إن عصف بها حنين الذكريات, وهي تعلم أين حلّ به المقام, في تلك الرقعة المحدودة من الوطن.

رخامٌ تحت الشتاء ومطره.. رخام تحت شمس تموز.. قطرات تتساقط من عينيها.. تذرفها بغزارة.. لتكن تلك القطرات مطرنا المنشود.. هي عيني, شتائك الذي أحببته, أستحضره لك متى شئت, كل فصولي باتت شتاء, وحدها أغنيتنا تغيرت” حبيتك بالصيف حبيتك بالشتي, وعيونك الصيف وعيوني الشتي”..!

 

نشرت هذه المادة في العدد (48) من صحيفة Buyrpress تاريخ 1/8/2016

11165113_541958725977071_7059124043412540130_n1111

التعليقات مغلقة.