ماذا نعرف عن السلالة الجديدة لفيروس كورونا المستجد سريع الانتشار؟

50

يثير ظهور نسخة متحورة من فيروس كورونا في المملكة المتحدة القلق في جميع أنحاء أوروبا بعد تقارير أفادت أنها معدية أكثر من سابقاتها، لكن لا دليل في هذه المرحلة على أنها تسبب أعراضاً أشد خطورة أو تقاوم اللقاحات، وفق الخبراء.

– هل من الطبيعي أن يتحور الفيروس؟

تحتوي الفيروسات، مثل الكائنات الحية الأخرى، على مادة جينية يمكن أن تخضع للتعديل (تظهر فيها طفرات أو تحورات) عندما تتكاثر داخل الخلايا التي تنتشر فيها أو عن طريق التبادل بين الفيروسات (إعادة اندماج أو تركيب). يحدث هذا في أغلب الأحيان بدون عواقب، ويمكن لهذه الطفرات أيضًا أن تمنح الفيروس ميزة أو عيباً يؤثران على بقائه.

قالت إيما هودكروفت، عالمة الأوبئة في جامعة برن: “هناك بلا شك الآلاف من الطفرات”.

وأضاف أستاذ الأمراض المعدية في جامعة ليفربول جوليان هيسكوكس، كما نقل عنه مركز الإعلام العلمي أن “الأهم هو معرفة ما إذا كان لهذه الطفرة خصائص لها تأثير على صحة الإنسان وعلى التشخيص واللقاحات”.

تحتوي السلالة الجديدة التي دفعت الحكومة البريطانية إلى دق ناقوس الخطر على وجه الخصوص على طفرة تسمى أن501واي، في بروتين شوكة فيروس كورونا، وهو نتوء موجود على سطحه ويسمح له بالالتصاق بالخلايا البشرية لاختراقها، ويؤدي بالتالي دوراً رئيسياً في العدوى الفيروسية. منذ بداية الوباء، حمل النوع الأكثر انتشارًا من سارس-كوف-2 طفرة تُسمى دي614جي في البروتين نفسه.

– هل النوع الجديد أكثر تسبباً للعدوى؟

قال وزير الصحة البريطاني مات هانكوك يوم الأحد  21 ديسمبر 2020 إن النوع الجديد “خارج عن السيطرة”. وتحدث رئيس الحكومة بوريس جونسون عن ارتفاع معدل العدوى بنسبة 70%، وهو إعلان أدى بالعديد من الدول في أوروبا وحول العالم إلى تعليق وصول الوافدين عن طريق الجو من بريطانيا.

في الواقع، “واجهت المملكة المتحدة في الأسابيع الأخيرة زيادة سريعة في عدد الإصابات بكوفيد-19 في جنوب شرق إنكلترا” وأظهرت التحليلات أن “نسبة كبيرة من الحالات تنتمي” إلى الطفرة الجديدة للفيروس، وفق ما كتبت الوكالة الأوروبية لمكافحة الأمراض الأحد.

لاحظ العديد من خبراء الصحة أيضًا أن الزيادة في عدد حالات الدخول إلى المستشفيات في هذه المنطقة الإنكليزية تزامنت مع ظهور هذا الشكل الجديد من الفيروس. ونقل مركز الإعلام العلمي عن بيتر أوبنشو، أستاذ الطب التجريبي في جامعة إمبريال كوليدج في لندن قوله إن “أسباب تزايد العدوى ليست واضحة بعد. ما زلنا نعمل لنعرف إن كان ذلك بسبب تكاثر الفيروس على نحو أسرع أو ارتباطه على نحو أفضل بالخلايا التي تبطن الأنف والرئتين”.

ولكن إيما هودكروفت بدت حذرة بشأن القول إن “معدل العدوى ارتفع بنسبة 70%”، لأن التقديرات المبكرة يمكن مراجعتها و”لأننا لا نعرف الكثير عن الكيفية التي تم بفضلها الحصول على هذا الرقم”. وقال مارك هاريس، أستاذ علم الفيروسات في جامعة ليدز، إن هذه الطفرة قد تكون بمثابة ذريعة تستخدمها الحكومة البريطانية لجعل الناس ينسون أن رفع الإغلاق كان سريعاً جدًا في أوائل كانون الأول/ديسمبر في لندن وجنوب شرق إنكلترا.

وفي فرضية أخرى، قال مساعد مدير المركز الوطني للفيروسات التنفسية في معهد باستور في باريس فنسان إينوف لفرانس برس، “يجب أن نضع في الاعتبار أن هذه المنطقة في جنوب شرق إنكلترا كانت بمنأى إلى حد ما من الفيروس، ومن ثم فإن المناعة الجماعية لدى السكان منخفضة وقد وجد الفيروس أرضية للانتشار”.

– كيف انتشرت النسخة المتحورة؟

من الصعب القول إن المملكة المتحدة هي منشأ هذه النسخة الجديدة. فهذا البلد “هو الرائد العالمي في التسلسل الجيني (…) لذلك فإذا كانت هناك نسخة متحورة ووصلت إلى المملكة المتحدة، فإن فرص اكتشافها كبيرة”، وفق إيما هودكروفت التي قالت إن أول تسلسل جيني لهذه النسخة يعود إلى أيلول/سبتمبر.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن أشكالاً مماثلة رُصدت بأعداد منخفضة جدًا في أستراليا (حالة واحدة) أو الدنمارك (9) أو هولندا (1) أو جنوب إفريقيا. كما أعلنت إيطاليا عن أول حالة تم اكتشافها لديها الأحد.

وقالت إيما هودكروفت: “حتى وإن لم تنشأ في المملكة المتحدة، يبدو أنها نمت فيها. لقد تطورت في إنكلترا”. من جهته، لم يستبعد وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران أن تكون منتشرة بالفعل في فرنسا، حتى وإن لم يتم رصدها بعد.                 

– لقاحات أقل فعالية ونسخة جديدة أكثر فتكا؟

إن امتلاك هذه النسخة المتحورة من فيروس سارس-كوف-2 قدرة أكبر على مقاومة اللقاحات التي بدأ توزيعها في الولايات المتحدة وفي المملكة المتحدة والمتوقع توزيعها في جميع أنحاء العالم، سيكون له وقع كارثي. لكن العلماء يرون أنها ليست الفرضية الأكثر ترجيحًا.

أوضحت إيما هودكروفت أن فكرة اللقاح تقوم على تعريف الجهاز المناعي على بروتين شوكة الفيروس بكامله، ومن ثم فإنه يتعلم كيف يتعرف على عدة أجزاء مختلفة منه. وتابعت “حتى وإن تغيرت بعض الأجزاء، فسيتمكن الجسم من التعرف (على الفيروس) من خلال الأجزاء الأخرى”.

وتحدث فينسان إينوف من جانبه عن “ذخيرة من الأجسام المضادة التي يجب أن تكون كافية”.

وأضاف المسؤول الطبي البريطاني كريس ويتي أنه “لا يوجد ما يشير في الوقت الحالي إلى أن هذه السلالة الجديدة تسبب ارتفاع معدل الوفيات أو أنها تؤثر على اللقاحات والعلاجات، لكن العمل جار على نحو عاجل للتحقق من ذلك”.

توصلت منظمة الصحة العالمية والمركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها إلى النتائج نفسها ولكنهما أضافا أيضًا أنه من الضروري مواصلة تقصي الأمر.

وقالت إيمير كوك المديرة العامة لوكالة الأدوية الأوروبية الاثنين إنه “في الوقت الحالي، لا يوجد دليل يشير إلى أن هذا اللقاح غير فعال ضد النسخة الجديدة”، لدى إعطاء الضوء الأخضر لاستخدام لقاح فايزر-بايونتيك.

– هل لها تأثير على اختبارات التشخيص؟

قال فنسان إينوف إن “على مديري المختبرات التحقق من مورديهم إذا كان يمكن لهذه السلالة التأثير على اختباراتهم”. وقال المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض، إن التغيير في بروتين شوكة الفيروس تسبب في إعطاء نتائج سلبية خاطئة في بعض معامل الاختبار في المملكة المتحدة التي تعتمد فقط على هذا البروتين في تحليلاتها. وأوصى المركز الأوروبي بتجنب الاعتماد على هذه الطريقة الوحيدة وهي ليست الأكثر انتشارًا في رأيه على أي حال.

المصدر: MCD

التعليقات مغلقة.