خاصBuyer
بعد الهزيمة النهائية التي لحقت بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، على أيدي قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”، واستسلام الآلاف من عناصر التنظيم والقبض على الآلاف أيضاً وإيداعهم في سجون بمناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تحت حماية قوات سوريا الديمقراطية، اهتمت قوات التحالف الدولي بالقضاء على وجود تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في آخر معاقله في بلدة الباغوز بريف دير الزور الشرقي، وبات هذا الملف من أخطر الملفات في الشرق الأوسط والعالم أجمع.
الآلاف من هؤلاء المعتقلين لدى قوات سوريا الديمقراطية في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، الغالبية العظمى منهم من أمراء التنظيم وقادة أمنيين ومقاتلين ارتكبوا أفظع المجازر في مناطق احتلها التنظيم الإرهابي في سوريا والعراق.
بعد القضاء على تنظيم “داعش” والإعلان الرسمي من قبل القيادة العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية بإنهاء ما يُسمَّى بدولة الخلافة “الدولة الإسلامية” وذلك في احتفالٍ رسميٍّ في حقل العمر النفطي في 23 آذار 2019، حضره كبار قادة التحالف الدولي وحوالي 200 وسيلة إعلامية دولية، إقليمية ومحلية.
وتحدث مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، عن ضرورة العمل على إنهاء الوجود السريّ للتنظيم “خلاياه النائمة”. وشدد على ضرورة إيجاد حل بشأن معتقلي التنظيم، وأشار بأنّ هذا الملف هو أخطر من وجود داعش على الأرض. وطالبت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في 25 آذار2019 أي بعد يومين من إعلان النصر النهائي على وجود التنظيم عسكرياً، طالبت بإنشاء محكمة دولية لمحاكمة معتقلي داعش.
يقول الدكتور عبد الكريم عمر الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا “دائرة دبلوماسية تعمل على ملف العلاقات الخارجية الدبلوماسية مع الخارج”: ” بعد القضاء على التنظيم الإرهابي طالبنا المجتمع الدولي بإنشاء محكمة دولية لمقاضاة مجرمي “داعش” الذين ارتكبوا أفظع الجرائم بحق شعوب المنطقة”.
ويكشف القيادي الدبلوماسي عبد الكريم عمر عن امتلاكهم لآلاف الملفات والوثائق التي تدين معتقلي التنظيم، وبأنهم جاهزون لتقديمها للمجتمع الدولي لمحاكمة هؤلاء. ويضيف: ” طالبنا العالم من خلال بيان بضرورة تشكيل هذه المحكمة وبتقديم المساعدة في إنشاءها من الناحية القانونيّة ومن الناحية اللوجستيّة أيضاً”.
المحكمة(الجنائية) الدولية
لمحة عامة:
“بعد النزاعات التي دارت في رواندا ويوغسلافيا السابقة، وفي غياب محكمة جنائيّة دوليّة دائمة، اختار المجتمع الدولي تأسيس محكمتين جنائيتين دوليتين خاصتين بمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن جرائم الحرب وجرائم ضدّ الإنسانية وأعمال الإبادة الجماعية في هاتين الحالتين. وقد تأسّست المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة في 1993، والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا في 1994 بهدف التحقّق من هذه الجرائم ومعاقبة مرتكبي الجرائم الفظيعة التي ارُتكبت أثناء تلك النزاعات.
وقد أنشأ مجلس الأمن هاتين المحكمتين من خلال قرارات اعتمدها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وتكون مثل هذه القرارات ملزمة لجميع الدول، وقد تمّ تأسيس هاتين المحكمتين بهذه الطريقة بغرض فرض سلطتهما القضائيّة بصورة مباشرة على الدول كافة. وربّما كانت الطريقة الأخرى هي اعتماد معاهدة لتأسيس جهاز كهذا، والذي كان سيتطلب موافقة الدول ثم التصديق عليها“.
وهذا ما تحدث عنه الدكتور عمر عن إجراء حوارات مع المجتمع الدولي ولقاءات مع دول عظمى منها: دول التحالف بقيادة أمريكا، وروسيا الاتحادية، وبأنهم تجاوبوا معهم بشأن الملف وكانت مواقفهم إيجابية. ويكشف عمر عن موقف بعض الدول الفوري بإنشاء المحكمة منهم: دولة السويد، فرنسا، وهولندا.
عمر نوه إلى الصعوبة البالغة التي تواجهها الإدارة الذاتية بشأن إنشاء المحكمة وبأنها تحتاج إلى قرار من مجلس الأمن وهذا لن يحصل البتة لأنه سيكون هنالك فيتو روسي وصيني حتماً!.
إنشاء محكمة دولية أصبح مطلباً عاماً لجميع المكونات في مناطق الإدارة الذاتية
شكّل العدوان التركي على مناطق الإدارة الذاتيّة واحتلاله لمدينتي رأس العين (سري كانيه) وتل أبيض (كري سبي)، تهديداً خطيراً للمنطقة، آلاف التقارير والوثائق تؤكد العلاقة بين الدولة التركية وتنظيم داعش، وعناصر ما يسمّى بالجيش الوطني الذي تعتبره تركيا “جيشاً وطنيّاً سورياً” تستخدمهم للحرب ضد الأكراد، وما هم إلا عناصر وقيادات من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” هربوا إلى تركيا بعد القضاء على التنظيم في الباغوز. قوات سوريا الديمقراطية وثّقت أسماء حوالي 180 قيادياً داعشياً بالاسم والصورة يتقدمون قوات ما يُسمّى بـ”الجيش الوطني” لاحتلال مناطق الإدارة الذاتية، البعض منهم من تركمانستان، أوزبكستان، الأيغور، العراق، ودول أخرى.
هذه الإثباتات أكدت على خطورة تواجد هؤلاء العناصر ضمن صفوف ما يُسمّى بـ”الجيش الوطني”، وخلّف هاجساً وتخوفاً من سيطرتهم على معتقلات عناصر تنظيم “داعش” وهم بالآلاف، وهذا سيساعد التنظيم بالعودة إلى القتال في أقل من شهر بحسب تقارير محلية ودولية عديدة.
مكونات المنطقة بشكل عام ومنها أحزاب سياسية معارضة للإدارة الذاتية تتخوف من مصير المنطقة في حال سيطرت تركيا على المنطقة وتسلّمها ملف السجون.
داود داود مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية المعارضة للإدارة الذاتية وهي عضو في الائتلاف السوري المعارض والأخير يتبنى من الناحية السياسية ما يُسمّى الجيش الوطني السوري الذي احتل وما يزال يسعى لاحتلال مناطق الإدارة الذاتية.
يقول مسؤول المنظمة الآثورية بأن معتقلي التنظيم ارتكبوا أفظع المجازر بحق شعوب المنطقة ومن الضرورة أن تتم محاكمتهم.
يتحدث السياسي المسيحي عن أهمية تحقيق إنشاء هذه المحكمة في مناطق شرق الفرات، بأنها ستكتسب أهمية سياسية وإعلامية، وستعتبر حدثاً تاريخياً مهماً في حال تمت محاكمتهم في المناطق التي ارتكبوا فيها جرائمهم.
مطالبة السياسي داود داود بإنشاء المحكمة الدولية لا تأتي كمنح شرعية دولية للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بحسب قوله، ويضيف: “الإدارة الذاتية تعني بشكل أو بآخر سلطة سياسية، أو نظام فدرالي، وهي جزء من سوريا.
هذا الموضوع، يعتبر موضوعاً سياديّاً يخص السوريون ولا يخص المجتمع الدولي”.!
خطورة الأوضاع في المنطقة خاصة بعد الاحتلال التركي، أثرت بتغيير الكثير من المواقف بالأخص السياسية منها، سابقاً كانت هناك آراء معارضة وشبه معارضة لتأسيس المحكمة لكي لا تأخذ الإدارة الذاتية شرعية سياسية من المجتمع الدولي.
وفي هذه الجزئية يتحدث القيادي فارس عثمان “عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا” وهو من الأحزاب الكبيرة والمهمة في روجآفا وكان يترأس الحزب الراحل عبد الحميد درويش(1930-2019) أحد أبرز الشخصيات السياسية في تاريخ الحركة السياسية الكردية. يقول عثمان:” إن وجود هكذا أعداد من معتقلي تنظيم “داعش” الإرهابي هي قنابل موقوتة وخطيرة”. وطالب عثمان بضرورة الإسراع في محاكمتهم وترحيلهم”.!
من وجهة نظر القيادي فارس عثمان أن تشكيل المحكمة الدولية في مناطق الإدارة الذاتية واعتبارها “اعتراف سياسي” بأنها تخضع لسياسات الدول العظمى، وحتى لو تم تشكيلها فهي لن تشكل أي “دافع” أو “رافعة” للإدارة الذاتية، هي ستدخل ضمن “البازار السياسي” للدول المتحكِّمة بالوضع السوري.
وناشد القيادي الكردي فارس عثمان المجتمع الدولي بترحيلهم فورا وبأن وجود 90 ألف إرهابي في مناطقنا يُعتبر ركائز لدولة إرهابية أخرى.
وفي نهاية حديثه حول الموضوع يرى القيادي عثمان بأن هذه الأنواع من المحاكم ستأخذ سنيناً في إجراء المحاكمات وأشار إلى المحكمة الدولية التي أنشئت بخصوص ملف اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان التي تأسست في العام 2005 ولم تنتهِ حتى يومنا هذا. التخلص من معتقلي “داعش” وترحيلهم مطلبنا، لأنهم أصدروا فتاوي بإبادة الشعب الكردي، على العالم أن يتحرك.!
ومن جهة أخرى يرى السياسي والأكاديمي بسمان العلي العساف والذي ينحدر من عشيرة “طي” العربية المعروفة في المنطقة بأن هذا الملف يُعتبر من الملفات المُعقَّدة جداً لعدة أسباب، يشرحها العساف ومنها أن عدد معتقلي داعش يفوق (12000) ألف معتقل، هم ليسوا معتقلين عاديين. هؤلاء ارتكبوا جرائم في سوريا والعراق ترتقي لمستوى “جرائم حرب”. رقم يشكل عبئاً كبيراً حتى على دول.
الأكاديمي العساف يؤكد بأنّ الخيار الأفضل هو أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه هذا الملف وأن تأخذ كل دولة معتقليها وتقوم هي بمحاكمتهم. بدون دعم دولي لا يمكن تحقيق هذا الشيء، والمجتمع الدولي ربما لا يرغب بإنشاء هذه المحكمة هنا، والإمكانيات اللوجستية للإدارة ضعيفة، هي تسيطر على سجون يقبع فيها (12000) ألف إرهابي وهذا بحد ذاته يعتبر إنجاز. صعب تحقيق هذا الأمر، المنطقة غير مستقرة، نشهد عمليات عسكرية ضد المنطقة من الجانب التركي.
ويضيف العساف:” بدون صك قانوني من المجتمع الدولي فأن الإدارة الذاتية تفتقر للكثير من الأمور من الناحية القانونية”. ويشرح السياسي بسمان العلي العساف الملف من الناحية السياسية ويقول:” لو سلمنا بموضوع أن معتقلي “داعش” هم ورقة سياسية يمكن الاستفادة منها سياسياً من قبل الإدارة الذاتية، فأنا لا أعتقد البتة إنه سيتحقق ذلك. سبقت لتركيا وأن استخدمت هكذا ملفات ولم تحقق شيئاً. الأفضل ترحيلهم وتسليم معتقلي داعش إلى دولهم”.
نوع المحكمة والقوانين التي ستعمل عليها
من الناحية القانونية الرسمية للإدارة الذاتية يتحدث لنا المحامي خالد برجس العلي عضو مجلس العدالة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا هو مجلس تابع لهيئة العدل في الإدارة الذاتية. يتحدث عن مطالبتهم للمجتمع الدولي بإنشاء “محكمة دولية خاصة” لمحاكمة عناصر التنظيم الإرهابي شبيهة بمحاكم يوغسلافيا ورواندا، أو محاكمتهم عن طريق محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. ويضيف الحقوقي خالد العلي لو تعذر ذلك الأمر بإمكانهم تحقيق الأمر من خلال إنشاء محكمة ذات طابع دولي. يتم فيها الاعتماد على القضاء المحليّ من قبل المؤسسة الأممية. العلي كشف عن ترحيب الكثير من الدول حول إنشاء المحكمة من خلال اللقاءات التي جرت معهم، لكنهم لا يبدون خطوات جديّة نحو تحقيق ذلك.
ويرى القيادي مصطفى مشايخ رئيس التحالف الوطني الكردي في سوريا وهو إطار يضم خمسة أحزاب كردية غالبية تلك الأحزاب منضوية في مجلس سوريا الديمقراطية المظلة السياسية لقوات سوريا الديمقراطية، يرى مشايخ تحقيق هذا الأمر من جانبين (القانوني والسياسي)، من الناحية القانونية يجب أن تكون المحكمة تحت إشراف الإدارة الذاتية، لأن الجريمة وقعت على هذه الأرض والمجرمين هنا وأهالي الضحايا أيضاً هم من أبناء المنطقة، بهذا الشكل ستتحقق العدالة أكثر. من الناحية السياسية، لا بد من تقديم الدعم اللوجستي للإدارة المحلية لتحقيق ذلك. وعلى المجتمع الدولي التعامل مع الإدارة القائمة، فهي أصبحت واقع ويجب أن تأخذ الشرعية الدولية.
القوانين التي ستحاكم فيها عناصر تنظيم داعش؟
يتحدث المحامي فاضل موسى(محامي مستقل)، عن القوانين الملائمة لمحاكمة عناصر التنظيم ويرى بوجوب محاكمتهم حسب القوانين الدولية أو حسب القانون السوري، ويشير الحقوقي موسى عن جزئية مهمة وهي عدم وجود قانون حكم الإعدام في تشريعات الإدارة الذاتية، وغالبية عناصر التنظيم ترتقي جرائمهم إلى مستوى جرائم الحرب وعقوبتها الإعدام. وجود الآلاف من مقاتلي التنظيم في سجون الإدارة يشكل عبأً كبيراً من حيث تأمين السجون والطبابة والملبس والمشرب، يحتاج هذا الأمر إلى ميزانيات ضخمة.
من الناحية القانونية والإنسانية يجب أن ينالوا جزائهم العادل وهي عقوبة الإعدام فمن غير الممكن أن يقبل أهالي الضحايا بغير عقوبة الإعدام.
هناك مقترح آخر لدى المحامي فاضل موسى وهو محاكمة عناصر التنظيم حسب القانون السوري وعقوبة (الإعدام) وستنتهي هذه المشكلة لدى الإدارة، أو حسب القوانين الدولية على أن يتم تنفيذ الحكم عليهم في دولهم بهذه الطريقة ربُّما يتمكن المجتمع الدولي مع الإدارة الذاتية إيجاد مخرج لهذه المشكلة الخطيرة.
العديد من الوفود الأوربية الرسمية تزور مناطق الإدارة الذاتية وغالبية هذه الوفود تطالب بإنشاء “محكمة دولية”، لكن صمت المجتمع الدولي وعدم التمكن من إصدار قرار من مجلس الأمن بات يشكل هاجساً خطراً لدى الإدارة ولدى سكان المنطقة وأهالي الضحايا، المنطقة تمر بخطر جراء العدوان والتهديدات التركية. مؤخراً زار مناطق “روجآفا” وفد من الاتحاد الأوربي برئاسة عضو البرلمان الأوروبي، “أندرياس شيدر” وطالب شيدر خلال مؤتمر صحفي بضرورة إيجاد آلية لإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة عناصر تنظيم داعش في مناطق الإدارة الذاتية.
محكمة دولية أم ذات “طابع دولي”؟
حتى الآن لم يتحقق مطلب إنشاء محكمة دولية، لكن ماذا عن طرح ونقاش محكمة ذات طابع دولي؟! هي لن تحتاج إلى قرار من مجلس الأمن ويمكن مشاركة الدول المعنية بالمعتقلين المشاركة فيها وتقديم الدعم اللوجستي لهذه المحكمة، وبهذا الشأن يقول الدكتور عبد الكريم عمر الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا: “إن دولاً عديدة كالسويد وفرنسا وهولندا كان لديهم اقتراح بشأن تشكيل محكمة ذات “طابع دولي” بالمشاركة مع الإدارة الذاتية، لكننا مازلنا نطالب بضرورة إنشاء محكمة دولية في مناطقنا”.
وهناك مقترح آخر ربما يكون مخرجاً للانتهاء من هذا الملف الشائك والخطير يطرحه عضو مجلس العدالة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، المحامي خالد برجس العلي فيقول: “نقترح إنشاء محكمة مشتركة بين الإدارة الذاتية وبين قوات التحالف الدولي وهي الجهة التي حاربت تنظيم داعش منذ خمسة أعوام وستكون ذات “طابع دولي” كون غالبية الدول التي وافقت على إنشاء محكمة دولية أو “ذات طابع دولي” هي جزء من التحالف الدولي”.
ويضيف: “لو اتفقت دول التحالف حول إنشاء محكمة “ذات طابع دولي”، فأننا في الإدارة الذاتية على استعداد للبدء في محاكمة هؤلاء المتشددين ولكن ضمن شروط خاصة ستفرضها الإدارة الذاتية، ومنها: الاعتراف بقوانين الإدارة الذاتية، تقديم الدعم اللوجستي على كافة الأصعدة، وتخصيص ميزانية خاصة نتيجة وجود عشرات الآلاف من المعتقلين وليس بمقدور الإدارة الذاتية تحمُّل تلك التكاليف”.
الآلاف من معتقلي داعش بينهم أمراء وأمنيين أين هم؟
قمنا بزيارة أهم المعتقلات في مدينة الحسكة شمال شرق سوريا، التي يقبع فيها أكثر من 5000 آلاف داعشي. السجن تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.
يتحدث لنا “روبار” مسؤول السجن. فيقول بأنهم أسسوا هذا المعتقل منذ 6 أشهر يتواجد فيه 5000 آلاف مقاتل من 28 جنسية وهم من بقايا معركة الباغوز، لا يوجد مدني واحد بينهم. رتبنا أموراً كثيرة لأجل البدء بعملية التحقيق مع كافة المعتقلين لكن الهجوم والعدوان التركي أربكت الأوضاع وحصلت حالات استعصاء في المعتقل.
يكمل روبار حديثه: “قبل بدء العدوان التركي على مناطق الإدارة الذاتية كانت لدينا برامج ومشاريع عديدة بشأن المعتقلين لكن العدوان التركي أوقف برامجنا في السجن وأرسلنا الكثير من معداتنا ومقاتلينا إلى الجبهات للدفاع عن مناطقنا”.
روبار مسؤول السجن يغطي وجهه حتى في مكتبه، بالتأكيد هي آتية من الضرورات الأمنية القصوى، الرجل يترأس إدارة أخطر السجون في العالم، ويقول في هذا الصدد:” من الضروري حسم هذا الملف وإنشاء محكمة دولية لمحاكمتهم، هناك حالات استعصاء كثيرة، هناك مرضى من المعتقلين مصابون بأمراض مثل( السرطان، التهاب الكبد، السل والإيدز) ليس بمقدورنا تأمين العلاج لهم، حصلت حالات وفاة طبيعية وتم دفنهم في مكان سري وخاص، لحين إنشاء محكمة خاصة بهم وتقديم كافة الثبوتيات التي تخصهم إلى المحكمة.
من هم معتقلو داعش وما رأيهم بخصوص إنشاء محكمة دولية خاصة بهم؟
في السجن الذي يقبع فيه 5000 آلاف مقاتل “داعشي” وهم من (28) جنسية، غالبيتهم من بقايا معركة الباغوز، أي إنهم قاتلوا حتى النهاية ضمن التنظيم. أجرينا بعض اللقاءات مع المعتقلين واستطلعنا آرائهم بشأن مصيرهم.
أبو محمد الأمريكي(اسم حركي)، يحمل الجنسية الأمريكية من مدينة نيويورك يحمل شهادة في هندسة الميكانيك والطاقة من أمريكا، يقول أبو محمد: “أعتقد بأن تهمتي هي عبور الأراضي التركية والاتجاه إلى سوريا والانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بحسب الاستخبارات الأمريكية”.
المهندس الأمريكي قلق بشأن مصيره، ولا يعرف متى ستتم محاكمته وأين سيذهب به، هو يطالب دولته بإيجاد حل وتشكيل محكمة للمثول أمامها والتحدث عن فترة بقائه في التنظيم في سوريا والعراق. يقول أبو محمد:” سابقاً استلمت الولايات المتحدة الأمريكية رعاياها المنتمين إلى تنظيم القاعدة في الشيشان وأفغانستان وإيداعهم سجن ” غوانتانامو” الشهير. وكانت تتم محاكمتهم على الملأ، هنا الأمر مختلف لم تهتم دولتي بقضيتي، بإمكانها أخذي إلى غوانتانامو أو أي سجن آخر. أمريكا تبيعنا الأوهام والأقوال فقط، أقول لدولتي أن تهتم بمصيري وبمصير عائلتي وأولادي لأنني أحلم أن أعود إلى حياتي الطبيعية.
معتقل آخر يُدعى عبدالله نعمان يحمل الجنسية البلجيكية، دخل سوريا مقاتلا مع جبهة النصرة في جبهات حلب، بعد إصابته بفترة ورفضه مبايعة الجولاني (أمير جبهة النصرة)، سافر إلى أرض “داعش” (كما يسميها) في الرقة وانضم إلى التنظيم.
البلجيكي نعمان يعترف بقيامه بعمليات تفجير وقتل في بلجيكا وهو مطلوب من السلطات البلجيكية، ويفكر بمصيره هنا، وأصبح دائم التفكير بوالدته في بلجيكا، يبدي ندمه بشأن ما آلت إليه أوضاعه يتمنى أن يحاكم بأي طريقة ويقول:” أريد من دولتي أن ترأف بحالتي وبلجيكا بلد ديمقراطي أريد أن أُحاكم وأدفع ثمن خطأي”.
المعتقل محمد من دولة ألمانيا كان يعمل في قسم الإصدارات لدى التنظيم، يقول محمد: “مثلما لم أكن أؤمن ببعض المبادئ في دولتي ألمانيا، كذلك لم أؤمن بالكثير من أفكار التنظيم بعد قدومي إلى هنا، لكنني الآن أفكر بمصيري لابد أن تتم محاكمتنا أنا معتقل منذ عشرة أشهر أعلم بأنني سأدفع ثمنا باهظا من سنوات عمري في حال محاكمتي وأوافق على ذلك لأنني أخطأت”.
معتقل آخر إسباني الجنسية يُدعى مصطفى شداد محمد يقول جئت إلى سوريا لأبحث عن أخي الذي قدم للانضمام إلى جبهة النصرة وقتل في بادية تدمر، لكنني لم أجد نفسي سوى أنني منضم لتنظيم الدولة. مصطفى الإسباني كان قد اعتقل وحكم بـ 5 سنوات في إسبانيا قضاه في السجن بسبب تجارة المخدرات.
أبو سلامة “الرافعة” يقول:” الجميع يعرفني بهذا الاسم لأنني كنت أعمل على الرافعات الضخمة لدى التنظيم ومهمتي كانت نقل الغنائم إلى مدينة الرقة”.
يتمنى أن تأخذه دولته إسبانيا وتحاكمه، أو إنشاء محكمة دولية تقوم بمحاكمته. ويقول:” لقد أخطأنا!، والمحكمة الدولية لديها قوانين عصرية وتهتم بحقوق الإنسان. أي قاضي يحكمني أقبل بحكمه”. ينهي مصطفى شداد (أبو سلامة الرافعة) حديثه: ” أمرُّ بحالة نفسية سيئة للغاية لا أستوعب الكثير من الأمور أعتقد أنني سأفقد عقلي هنا”.
ما هو رأي عوائل ضحايا إجرام تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”
تتحدث والدة الشهيد باران وتهدي دماء ابنها إلى الشعب الكردي وجميع شعوب ومكونات المنطقة، تقول والدة الشهيد باران:” باران حارب التنظيمات الإرهابية منذ سبع سنوات لم تبقى معركة إلا وشارك فيها باران دفاعاً عن أرضه وشعبه وعن الإنسانية”.
تتحدث وهي مرفوعة الرأس وفخورة باستشهاد ولدها من أجل دحر الإرهاب والقضاء على داعش، وتلوم المجتمع الدولي بالقول:” لقد قدمنا الآلاف من فلذات أكبادنا على مذابح الحرية، حاربنا نيابة عن العالم أجمع، لماذا هذا الصمت الدولي بشأن معاقبة هؤلاء المجرمين؟! لن يهدأ لنا بال ولن ترتاح أرواحنا إلا عند إنشاء محكمة دولية في روجآفا وعلى أرضنا لمعاقبة هؤلاء القتلة والإرهابيين. لن نرضى بغير ذلك، أنا أتحدث نيابة عن عائلة 11000 شهيد كلمتنا واحدة وقرارنا واحد، يجب أن يعرف العالم بأننا قدمنا الغالي والنفيس من أجل دحر تنظيم داعش. لم تكن هناك قوة في المنطقة قادرة على دحر هذا التنظيم إلا سواعد شبابنا وبناتنا، الذين أنهوا التنظيم إلى الأبد، عارٌ على العالم أن يبقي على أكثر من 15000 مقاتل “داعشي” لدينا بدون إنشاء محكمة دولية وتعاقبهم وترتاح أرواحنا وأرواح شهداءنا وضحايانا في قبورهم”.
ماذا يريد المجتمع الدولي من روجآفا (شمال وشرق سوريا)
من غير المعقول أن يهمل المجتمع الدولي هذا الملف الخطير، حوالي 15000 ألف معتقل مقاتل إضافة إلى 90000 ألف من عوائل داعش في سجون الإدارة الذاتية وتحرسهم قوات سوريا الديمقراطية. ماذا يحتاج هذا الملف لكي ينتهي، الخطر مازال قائماً.
في الأيام الأولى للعدوان التركي على مناطق روجآفا (شمال وشرق سوريا)، حاول جيش العدوان عن طريق القصف الدقيق على السجون التي تحرسها قوات سوريا الديمقراطية لإحداث فجوات في السجون وصنع حالة فوضى وليتمكن عناصر التنظيم من الهروب باتجاه تركيا، الآلاف من الملفات والوثائق تدين تركيا بشأن دعمها لعناصر التنظيم. تتخوف تركيا من إنشاء محكمة دولية لأنها ستتعرى أمام العالم بشكل كامل. أكثر الرافضين هي تركيا. وقوات التحالف بقيادة أمريكا والدول الأوربية مازالت تراوغ مع أردوغان لإيجاد حل بشأن مصير عناصر التنظيم. روسيا المستفيد الأكبر أصبح لها حضور سياسي وعسكري في مناطق روجآفا (شمال وشرق سوريا). وتحاول بشتى الوسائل تسليم ملف المعتقلين والسجون للحكومة السورية، لكي تتمكن الحكومة السورية من التفاوض مع العالم بورقة معتقلي تنظيم داعش.
أمريكا التي عادت واستقرت في المنطقة لحماية حقول النفط وإعلانها بأن واردات النفط ستعود إلى قوات سوريا الديمقراطية، هنا بإمكان دول التحالف إنشاء هذه المحكمة من واردات حقول النفط في روجآفا. لسان حال الجميع في مناطق روجآفا (شمال وشرق سوريا) وجود معتقلي داعش بدون محاكمة يُعتبر كارثة والمنطقة تعيش على شفير حروب قد يشعلها الرئيس التركي وهناك إمكانية لعودة التنظيم من جديد وخلال شهر والسيطرة على مناطق عديدة.
“حاكموهم هنا في أرضنا أمام أعيننا….لا كلام لدينا غير ذلك.. والدة شهيد…عن عوائل الآلاف من الشهداء والضحايا”.
التعليقات مغلقة.