اختتام مهرجان البندقية الحادي والسبعين: نهاية القذافي يصوّرها المخرج الإيراني مخملباف!

31

C21N1

 

 

 

 

 

 

تنتهي اليوم فعاليات «مهرجان البندقية للعام 2014» في دورته الـ 71 التي بدأت قبل احد عشر يوماً وتحديداً في 27 من آب الماضي. وقد حظي المهرجان هذا العام بتنوع كبير للأعمال المشاركة فيه والتي تضمنت معالجات أدبية وتراجيدية في إطار السينما لموضوعات الحرب والمآسي والابادات الجماعية الى جانب روايات الحب والقرى والمناطق النائية والكوميديا السوداء.. وكان لحضور الممثل النجم آل اتشينو في اليوم ما قبل الأخير وهجه حيث شارك بفيلمين: «مانغلي هورن» و «ذي امبلينغ» والثاني مقتبس عن رواية لفيليب روث. وثمة ظاهرة في المهرجان تمثلت في حضور الافلام السياسية والتي تناولت الحروب بشكل رئيسي ونضيء عليها هنا وهي: «الرئيس» للمخرج مخملباف وفيلم «بعيداً عن البشر» عن حرب الجزائر و«فيلا توما» لسهى عراف عن المجتمع الفلسطيني وفيلمان عن إبادات جماعية: «القطع» و «نظرة صامتة».

«الرئيس» مع مخملباف

تتماهى المشاهد الأخيرة لفيلم المخرج الإيراني محسن مخملباف «الرئيس» مع النهاية التي لقيها الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، في عمل عرض في مهرجان البندقية السينمائي، مسجلاً عودة مخملباف إلى السينما الروائية من باب «الربيع العربي».

ويعود مخملباف إلى السينما الروائية بعد سنوات من إنجازه لفيلمه الوثائقي «ربيع طهران»، الذي تناول الاحتجاجات التي اندلعت ضد النظام في إيران، تزامنا مع إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في العام 2009، والتي تمكنت السلطات من إخمادها بالقوة.

وعن فيلمه «الرئيس»، شرح مخملباف في مؤتمر صحافي أعقب عرض الفيلم، قصة الفيلم المستوحاة من ثورات «الربيع العربي»، حيث يروي رحلة الحاكم الهارب بعد ثورة شعبه على نظام حكمه الظالم، متنكرا بزي موسيقي جوال، ما يتيح له التعرف عن قرب على جزء من المظالم التي ألحقها هو وجيشه بالشعب. ويرافق الحاكم الديكتاتور، حفيده الطفل، الذي يمثل «ضمير الطاغية» وفقا لمخملباف.

كما يناقش العمل مرحلة ما بعد الثورات، التي تعم فيها الفوضى والتطرف والقتل والعنف، وحكم المتسلقين على الثورة، فيما وجد الثوار الحقيقيون أنفسهم مجددا، في دائرة الاستهداف والقمع والسجن.

وقال مخملباف حول هذه النقطة: «من جاء بعد الحكام كان أكثر سوءا.. وإنه لشيء يستدعي التساؤل ألا تنجب كل بلدان العالم من القادة المسالمين فعليا والمدافعين عن الحق، سوى غاندي ومانديلا طوال التاريخ الحديث».

مضيفا: «أود إرسال هذا الفيلم لجميع الطغاة في العالم وأدعوهم لمشاهدته مع أحفادههم».

وصور مخملباف فيلمه في جورجيا، بعد ابتعاده عن بلده إيران، حيث يتعرض كثير من المخرجين المعارضين للسجن والقمع، حيث ينتمي مخملباف إلى الموجة الجديدة في السينما الإيرانية، وقد سجن في أيام الشاه، لكنه عاد وثار على نظام الجمهورية الإسلامية.

وتجذب السينما الإيرانية منذ التسعينات اهتمام منظمي الأفلام والنقاد في العالم، لكن أهم صانعيها اليوم باتوا في المنفى.

وعرض الفيلم في مسابقة آفاق ضمن الدورة 71 لمهرجان البندقية، أقدم المهرجانات السينمائية في العالم.

ويشارك أيضا في المهرجان، مخرجون إيرانيون آخرون، مثل: رخشان بني اعتماد ورامين بحراني ونيما جويدي.

فيلم «بعيداً عن البشر» عن حرب الجزائر التي تحضر في مهرجان البندقية بقوة، عبر الفيلم الفرنسي (لوان دي زوم) «بعيداً عن البشر» للمخرج دافيد أولوفن، وهو من أكثر الأفلام التي يترقبها الجمهور والنقاد في المهرجان، ويؤدي دور البطولة فيغو مورتنسن، الذي حقق شهرة عالمية في دور «أراغورن» في فيلم (سيد الخواتم) «لورد أوف ذا رينغز».

وقصة الفيلم مستوحاة من رواية للكاتب الفرنسي ألبير كامو، وتجري أحداثها في جبال أطلس في العام 1954، وهي بداية ما بات يعرف فيما بعد باسم «حرب الجزائر».

وتدور القصة حول حياة رجلين، دارو، الذي يؤدي دوره فيغو موتنسن، وهو مدرس من إسبانيا يتكلم الفرنسية والعربية، ومحمد، الذي يؤدي دوره رضا كاتب، وهو مزارع متهم بارتكاب جريمة قتل.

وقال مخرج الفيلم في مؤتمر صحافي على هامش المهرجان: «نص البير كامو قصير جدا، وجميل إلى أقصى حدود (..)، وهو يشير إلى صعوبة أن يتمكن الإنسان من رؤية الأمور بوضوح في ظل أجواء يسودها العنف».

ويتناول الفيلم أحداث العنف التي انتشرت في كل مكان في الجزائر، وقيام الجيش الفرنسي بتصوير جنوده وهم يعدمون جزائريين كانوا قد ألقوا السلاح.

وعلق المخرج بالقول: «لقد كانت جريمة حرب»، موضحاً أنه لا يقصد إحياء جدل قديم حول ما جرى في حرب الجزائر، «لكن إذا تسبب الفيلم بإثارة جدل فسيكون ذلك رغماً عني».

«فيلا توما» حول المجتمع الفلسطيني للمخرجة الفلسطينية سهى عراف، فتقدم عملها الروائي الأول، «فيلا توما»، الذي تصف فيه التحولات الطارئة على المجتمع الفلسطيني وعزلة الأقليات، من خلال عائلة مسيحية تبقى في رام الله خلال الانتفاضة الأولى التي اندلعت في العام 1987.

ويبين الفيلم حالة العزلة التي عاشتها العائلة المكونة من ثلاث أخوات، في ظل التفكك الذي ضرب المجتمع الفلسطيني جراء الاحتلال، بحسب المخرجة.

و«فيلا توما» هي الدارة الأنيقة التي ورثتها الأخوات، وهن لا يكدن يخرجن منها؛ نظراً لتحولات الخارج وتغير أحوال الناس وأخلاقهم، بينما يتمسكن بتقاليد لم تعد تلقى الاهتمام.

ومن خلال هذا الواقع، تتطرق المخرجة لواقع كل الأقليات في الشرق الأوسط في ظل التحولات الجارية، من خلال هذه المقاربة الاجتماعية.

تدور أحداث الفيلم في رام الله خلال عام أثناء الانتفاضة الأولى، التي انتهت بتوقيع اتفاق أوسلو، لكنها تسترجع ثلاثة وثلاثين عاماً ماضية، وتجري مقارنات بين الواقع والماضي.

وأسندت أدوار البطولة إلى نسرين فاعور وعلا طبري وشيرين دعيبس، وقد وضع سيناريو الفيلم قبل خمس سنوات، إلا أن المخرجة لم تجد الدعم لإنتاج عملها قبل أن تموله جهات إسرائيلية.

لكن المخرجة رفضت أن يكون الفيلم ممثلا لإسرائيل، فخرج من دون اسم دولة يمثلها. وتعلق سهى على ذلك: «أنا أقيم في الداخل، وأدفع مع أهلي أموالا للضرائب الإسرائيلية، لكني أنا من أنتج الفيلم، ولا أريد وضع اسم إسرائيل عليه».

وأضافت سهى: «بالنسبة لي الفيلم فلسطيني، وقصته فلسطينية، وأحداثه تدور في رام الله، وينطق بالعربية».

وفيلمان عن الإبادة الجماعية: «القطع» و«نظرة صامتة» وضمن المسابقة الكبرى لمهرجان البندقية السينمائي عرض فيلم «القطع» للمخرج فاتح أكين، وهو أول فيلم لمخرج من أصول تركية يتناول مجازر الإبادة التي تعرض لها الأرمن في أواخر الدولة العثمانية، في وقت تصر فيه تركيا على انكار عملية الابادة ومسؤوليتها عنها، أو الرواية الأرمنية عنها على الأقل، وترفض الاعتراف بها والاعتذار عنها.

ووفرت بطاقة الهوية تلك تمويلا سخيا فاق نحو 21 مليون دولار لانتاج فيلم ملحمي ضخم، جاء من عدد من الشركات الانتاجية الألمانية والأوروبية بالدرجة الاساس، (ألمانيا، فرنسا، ايطاليا، روسيا، بولندا، كندا، وتركيا). ولكن هل تكفي النوايا والهويات والتمويل الضخم ومواقع التصوير المتعددة، التي امتدت على أكثر من قارة، لصنع فيلم جيد؟

شارك اكين في كتابة سيناريو الفيلم السينارست مارديك مارتن (مواليد ايران 1934)، وهو من أصول أرمنية، عاش طفولته وصباه في العراق الذي ظلت عائلته تعيش فيه، قبل أن ينتقل الى الولايات المتحدة. وكان المخرج مارتن سكورسيزي الذي زامله في الدراسة في الستينات جواز مروره إلى عالم السينما، إذ تعاون معه في عدد من مشاريعه وكتب له «الثور الهائج» و «نيويورك نيويورك».

ففي فيلم القطع للمخرج التركي- الألماني فاتح أكين، يفتح المخرج ملف الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى.

وذلك من خلال قصة شاب أرمني يدعى «نازارت» (يقوم بدوره الممثل الجزائري- الفرنسي طاهر رحيم) يتمكن من النجاة بذاته من ويلات الحرب وما جلبته على شعبه من القتل والتهجير القسري.

إلا أنه يكتشف عقب نجاته أن ابنتيه التوأم تمكنا من الفرار أيضا، وهنا يقرر البحث عنهما، ليبدأ رحلة طويلة تمتد به من العراق إلى الولايات المتحدة الأميركية.

أما الفيلم التسجيلي «نظرة صامتة» أو «ذا لوك أوف سايلانس» للمخرج الأميركي الشاب جوشوا أوبنهايمر، فيتناول عملية قتل منظمة مشابهة ولكن في إندونيسيا.

ويتتبع المخرج قصة «فرق الموت» التي تم إنشاؤها في إندونيسيا عقب وصول الرئيس سوهارتو للحكم عبر انقلاب عسكري في منتصف الستينات، وهي الميليشيا المسؤولة عن مقتل نحو مليون شخص.

وإستكمالا لفيلمه السابق «ذا أكت اوف كيلينج»الذي تناول نفس الموضوع، قام المخرج بتصوير المواجهة بين من تبقى من أعضاء الميليشيا على قيد الحياة وطبيب يدعى «أدي» قتل شقيقه على يد الميليشيا ويسعى لمعرفة الحقيقة عما حدث آنذاك.

ومن المتوقع أن يثير الفيلمان الكثير من الجدل لدى بدء عرضهما في صالات السينما.

عن المستقبل

التعليقات مغلقة.