هل فقدت الحركة الوطنية الكردية السورية مستلزمات نضالها؟!
رشاد حاج غربي بيجو
تعمدت كل الشعوب المضطهدة والخالية ساحاتها من الحقوق القومية – تاريخياً – لسلاح التنظيم وتشكيل الأحزاب للتصدي لمهام المرحلة وتأطير نضالاتها، وحال شعبنا الكردي كبقية الشعوب المظلومة عمدت إلى الاعتماد على شتى أنواع النضال وتشكيل أحزاب ديمقراطية بعناوين قومية كوسيلة عمل تمثل إرادة شعبنا الكردي المحروم من أبسط الحقوق القومية والمدنية، ناهيك عن وجود خصوصية لافتة ومبدعة من قبل من قاموا بتقسيم وطننا كردستان بين أربع دول لكل منها دساتيرها وقوانينها الاقتصادية وأنظمتها الاجتماعية المختلفة والمتباينة مع بعضها البعض ممّا يعطي خصوصية لكل جزء من أجزاء كردستان، وهذه الدول متجاورة تماما جغرافيا ومشتركة ثقافيا، بل توحّد كل طاقاتها سيما العسكرية لاضطهاد شعبنا الكردي ومنعه لنيل أي من حقوقه القومية المشروعة، وطمس كل ما يمت للكردايتي ما استوجب لإعلان أول تنظيم كردي سوري في حزيران 1957 من القرن الماضي، وذلك لتوفير وسيلة نضالية ديمقراطية سلمية لكن نعيش حاليا كحركة كردية سورية مرحلة يندى لها الجبين ويحز في النفس ويعتصر ألماً لما آلت إليه جسم الحركة الكردية في سوريا من تفرقة وتفكُّك والتي أدت لفقدان أهم مستلزمات النضال، ألا وهو الشعب الحاضنة الاجتماعية والممِّول الغزير لحركته؛ بسبب انشغال الحركة الكردية في سوريا بالثارات البينيّة وتبلور الإفراط في الأنا والتطرف في التشظي والانقسامات وظهور الشخصنة والتفرُّد الذي هو العدو اللدود لتطلعات الشعوب ما أدى لخسارة الركن الأكبر لعملية النضال القومي من شعبنا العظيم وأن غياب طاقات وقيادات واعية ومسؤولة ومثقفة تراقب السياسة وتقود التغيير وتضحي بكل ما تملك وتعمل بمبدأ التداول والقرار الجماعي المشترك وقبول النقد والرأي الآخر المختلف أدت لترهُّل الحالة التنظيمية وعدم الفاعلية ما سببت في ضعف وضياع مستلزم آخر هو طاقة التنظيم.
كما أنّ الحركة الكردية في سوريا لم تستطع توظيف العامل الكردستاني على أساس الاحترام المتبادل ومنع التدخُّل في الشؤون الداخلية لطرف آخر، بل اتسمت بالتبعية تارة والشخصنة والمصالح الضيقة تارة أخرى مما أدى لغياب القرار الكردي السوري المستقِل الذي يعتبر العمود الفقري لنضالنا و_لا شك_ أن غياب العقل المؤسساتي أثر سلباً على الدور النضالي لأحزابنا الكردية كما وتم منع صياغة أنظمة داخلية مرنة تساهم في تطوير العمل التنظيمي، بل على العكس تم اعتماد ما يدعو لتمجيد الرجل الأول وعبادة الفرد واعتباره مصدرا للشرعية الحزبية، وأدى هذا للمزيد من الانقسامات البهلوانية والتي بدورها أفقدت أهمية وضرورة التنظيم والحزب، وتم النخر في جسم الحركة حتى فقدانها لبوصلة النضال والتفرغ للمتاهات التي لا تغني ولا تفيد، و صناعة الأحزاب أصبحت بضاعة تروّج لها ولا بد من عرضها يوميا، وبهذه فقدنا مستلزما آخر للنضال القومي الكردي في سوريا والابتعاد بل ومعاداة العقل وثقافة المؤسسساتية والتي بدونها لا جدوى من وجود هذا الكم من الأحزاب كما تعثرت الحركة الوطنية الكردية في سوريا في مد جسور التواصل وإمكانية تعريف الجانب الآخر بعدالة الحقوق الكردية وخاصة المكون العربي وهذا مستلزم من مستلزمات النضال المفقودة، كما أنّ الحركة الوطنية الكردية فاتتها بناء كوادر ومناضلين كأحد أهم مستلزمات النضال القومي الكردي في سوريا كما أنّها لم تستطع ايجاد علاقات إقليمية أو دولية لإثبات عدالة قضيتها ولم تتمكن من ايجاد مستلزم كرديّ بحت؛ وهو بناء مرجعيّة كرديّة، إضافةً إلى تسرُّب عنصر غير المسؤول وفقدان قاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب.
نحن بحاجة ماسة للنزاهة والصدق ونكران الذات كل هذا أدى لتخبط الحركة الكردية والوقوع في مستنقعات لا جدوى منها لعلّ من يمسك بزمام الأمور عليه أن يعي المسؤولية ولو بعد حين.
التعليقات مغلقة.