أول صحفي غربي يورد أرقاما وحقائق من قلب عفرين تكشف زيف الادعاءات التركية

39

الصحفي روبرت فيسك ، الذي يعمل لصالح جريدة الاندبندنت البريطانية يغطي الغزو التركي على عفرين و سكانها ، حيث اورد في الجزء الثالث من تقريره الميداني أرقاما و حقائق تكشف زيف الادعاءات التركية و تظهر بوضوع أن تركيا تستهدف التطهير العرقي في عفرين من خلال غزوها الهمجي بالتحالف مع تنظيم القاعدة.

و كانت الاندبندنت قد نشرت تقرير روبرت فيسك على هذا الرابط  :

( http://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/afrin-turkey-invasion-syria-enclave-kurds-ypg-airstrike-war-civil-a8182266.html )

فيما يلي الترجمة الحرفية لتقرير روبرت فيسك:

 

[ من داخل عفرين, الضحايا الحقيقيون للغزو التركي لشمال سوريا هم من النساء و الأطفال الرضع و اللاجئين

(حصريا: في الجزء الثالث من مسلسله داخل سوريا, روبرت فيسك يعد أول تقرير إعلامي غربي من بعفرين منذ بدء الهجوم التركي, حيث يظهر فيه الجانب الجراحي من الهجمات على “الإرهابيين” في عملية غصن الزيتون)

عندما ذهب طه مصطفى الخاطر وزوجته أمينة وابنته زكية وصفا وابنه سليمان إلى الفراش في قرية ماباتلي الصغيرة، وضعوا أحذيتهم خارج الباب. العادة الشائعة عند معظم العائلات في الشرق الأوسط تفعل الشيء نفسه. إنه تقليد و علامة على النظافة في المنزل. وبطبيعة الحال كانت النعال البلاستيكية الرخيصة ما تزال هناك, عندما ضربت قذيفة تركية منزلهم في إحدى الصباحات. و عندما وصلتُ بعد ساعات, وجدتُ نفس الأحذية و البعض منها ذهبت في مهب اسفل الدرج و لكن معظمها كانت لا تزال مصفوفة جانب بعضها بدقة. هل اختارت إحدى البنات النعل البلاستيكي المتقوس؟  حتى عمال الإنقاذ – مثلهم في مدينة عفرين الكردية لم يلمسوا الأحذية. لقد تركوا واحدة من الأغطية المغطاة بالدماء في المطر تحت سقف منزلٍ منهار. و بالطبع فإن الجثث قد اختفت.

و بما أن هوية العائلة معروفة, و ليس بالطبع مثل هوية المدفعجية التركية الذين أبادوا هذه العائلة, والذين ينبغي علينا معرفتهم  جيداً. كان طه يبلغ من العمر 40 عاما، وزوجته أمينة في نفس العمر، كانت زكية 17 عاما وأخوها  سليمان فقط 14عاماً. نجت صفا، التي تبلغ من العمر 19 عاما، بأعجوبة، مع جروح فقط على يديها – ولكن بالطبع هي الآن يتيمة.

ومن المفارقات أنه نظرا لأن الأتراك من المفترض أن يستهدفوا مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية، فإن اسم هجومهم العسكري على سوريا الكردية، عملية غصن الزيتون، و التي ترفع حلق الشخص إلى أحجار قرية ماباتا المحاطة ببساتين الزيتون. إن عائلة خاطر لم تكن كردية بل عربية من قرية تل كراه شمالا.

لقد كانت عائلته جديدة في ماباتلي لدرجة أن العائلة الكردية التي تكلمت معهم لم يعرفوا اسمائهم. و لكن القرية تبعد حوالي 10 أميال من مدينة عفرين. سكان القرية كانوا مختلطين (هنالك علويون أيضا) و لم يتفاجئ أحد عند وصول عائلة خاطر ليلة الخميس.

كان عم طه يعيش مسبقا في تلة القرية ويبدو أنه وضع أقاربه اللاجئين في مخزنه – كان مليئا بحطام أكياس الحبوب والثلاجة والخضروات المجمدة. يجب أن تكون أجساد العائلة  لا يمكن تصورها.

وقال الدكتور جوان بالوت، مدير مستشفى عفرين، “لقد جئت إلى المستشفى هنا في عفرين لمعرفة ما حدث”، وعلق لي بتعبيرٍ ساخر ، مدركا جيدا أن “ذا إنديبندنت” هي أول منظمة إخبارية غربية تزور عفرين منذ الهجوم التركي . “يجب أن ترى القتلى عندما يأتون – وحالة الجرحى مع الدم عليهم”. وجاءت هناك الصور المعتادة للجثث المكسورة بشراسة.

و تبع ذلك جولة في عنابر مستشفى عفرين مجهش للبكاء حيث يقبع الناجون من الهجوم التركي على “إرهابيي” عفرين الذي بدء في ال 20 من كانون الثاني . وكان محمد حسين، وهو مزارع يبلغ من العمر 58 عاما من جنديرس، مصابا بجراح في الرأس وعينٍ مغلقة كاد على وشك أن يقتل عندما سقط سقف منزله في هجوم جوي في 22 كانون الثاني / يناير.

وأحمد كيندي، ذو 8 سنوات والصغر سنا، الذي أخذ عائلته من القرية عندما ألقى عملية غصن الزيتون  بظلاله على الأرض في وقت مبكر من يوم 21 يناير و الذي عاد بحمق و ضُرب بشذية في ظهره. “لم يكن هنالك مقاتلو وحدات حماية الشعب” يقول أحمد. ولكن ماذا لو كان هنالك مقاتلون من وحدات الحماية؟ هل هذا يبرر ألم داندانا سيدو البالغة من العمر 15 عاما من قرية عدامو و التي أصيبت بشكل فظيع في صدرها و ساقها و التي تجهش بالكباء عندما نحاول التحدث معها في مشفى عفرين؟ أم أن كفاح موسى البالغة من العمر 20 عاما، التي كانت تعمل في مزرعة الدجاج التي تملكه  عائلتها في مريمين عندما أسقطت الطائرات التركية قنبلة على المبنى في منتصف النهار، مما أسفر عن مقتل عائلة بأكملها من ثمانية أشخاص بجانبها؟ أصيبت في الصدر و هي تبتسم للدكتور بولات و لي بشجاعة على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كانت تعرف أن شقيقها هو بين القتلى.

ثم هناك طالب الصف الثامن الكردي مصطفى خلوف، وهو أيضا من جنديرس، الذي سمع الطائرات التركية القادمة فوق منزله وعانى من إصابات خطيرة في الساق في الغارة الجوية, ويقع بالقرب منه آية نابو البالغة من العمر سبع سنوات، مصابة بجروح شديدة في الصدر، وتدير وجهها  نحو الجدار بجانب سريرها بدلا من التحدث إلى طبيبها. وتقول شقيقتها إنها أصيبت في الشارع في 22 كانون الثاني / يناير. سيكون من المشين أن تسأل بعد فترة و بشكل مستمر عن ظروف هذه المعاناة و جميعنا نعرف من المتسبب. ومع ذلك، من الفاحش تقريبا أن نذكر النسخة التركية الرسمية من هذه المذبحة الصغيرة – وهذا هو ما كان عليه بالنسبة ل 34 مدنيا تم نقل جثثهم إلى مستشفى عفرين وحده-التي تنص على أن أكثر من 70 طائرة تركية قصفت الميليشيات الكردية في سوريا في 21 كانون الثاني / يناير.

 وذكرت وكالة انباء الاناضول التركية ان الطائرات التركية قصفت اكثر من 100 “هدف” بما في ذلك “مطار” (لم يذكر اسمه) في اليوم الاول من الهجمات. والعمليات التي يفترض أنها تستهدف الثكنات والملاجئ والمواقع والأسلحة والمركبات والمعدات التابعة لوحدات حماية الشعب. كنت أتساءل عندما كنت أتمشى في أجنحة مبنى عفرين, هل سمعت كل هذه الأشياء من قبل؟ ألا تذكرني هذه الهجمات بالهجمات الجوية للطائرات الاسرائيلية على جنوب لبنان و كل غارة جوية على “القوات الصربية” في يوغوسلافيا السابقة وكل هجوم اميركي على القوات العراقية في 1991 و 2003 وعن افغانستان و على الموصل العام الماضي؟ كلها كانت عمليات جراحية نُفذت بدقة مطلقة لتجنب “الأضرار الجانبية” وبطبيعة الحال تركت عشرات أو مثات و آلاف من القتلى و الجرحى. إن الهجمات الجوية الإسرائيلية والناتو و الأمريكية  تتغذى على بعضها في الأكاذيب و الضحايا.

ولصنع حساباته الخاصة، قال الدكتور بولات، الذي يقول انه درس الطب في مدينة كراسنويارسك الروسية عندما قرر العودة إلى عفرين في عام 2014 “لمساعدة شعبه في الحرب”، ويطبع كامل سجلات المستشفى من 21 يناير إلى منتصف النهار في 26 يناير، ويعطيهم إلى الانديبندنت. وقال الدكتور بولات إنه لم يستقبل سوى أربعة مقاتلين من وحدات حماية الشعب قتلوا وجرح اثنان آخران في اليوم الأول من الهجمات التركية، وسبعة مقاتلين آخرين وتسعة جرحى في وقت لاحق من الأسبوع. ولأن هؤلاء هم أشخاص حقيقيون، وليس فقط إحصاءات، فمن المحتمل أن يكون هناك واجب صحافي لتسجيل بعض حياة – ووفيات – هؤلاء المدنيين الفقراء على الأقل.

و بالغوص في ملفات المشفى و أخذ الأسماء عشوائيا, أجد أن من بين 49 جريحا مدنيا جلبوا إلى هنا، كانت الحميدة إبراهيم الحسين البالغة من العمر ثلاث سنوات، من مريمين، التي أصيبت في الرأس في هجوم مزرعة الدجاج في الذي  أصيبت فيه كفاح موسى. وحسن الحسن (جرحين في الرأس). ثم كان هناك آسيا شيخ مراد البالغة من العمر 70 عاما من شيا – مع جروح في الرأس في 23 كانون الثاني / يناير. وأصيب خالد محمد علي عبد القادر البالغ من العمر 46 عاما بجروح في الرأس، نتيجة هدم المنزل مرة أخرى على أصحابها – في مريمين. وحامد باتال البالغ من العمر 30 عاما، من فكيرو وجنكيز أحمد خليل، الذي لم يمنع اسمه المحارب البالغ من العمر 20 عاما من إصابته بجروح في المعدة في ميدان إكبيس. وأصيب صدقي عبد الرحمن، البالغ من العمر 47 عاما، في ساقه بشظايا في روزيو – جنديريس في25 كانون الثاني / يناير. وشمسة موسى (75 سنة)  التي ادرج اسمها على أنها “عظام مكسورة في مناطق متعددة” في قرية راجو في 23 كانون الثاني / يناير.

و تضمن قائمة القتلى 10 أطفال و 7 نساء و 17 عشر رجلاً و هم الأكثر تضرراً لأن المشفى لم يكلف نفسه عناء تصنيف الجروح و تشمل الرضع أيضا. وقتل وائل الحسين، الذي يبلغ من العمر سنة واحدة، وهو لاجئ (لا يمكن أن يعرف بالتأكيد) من قرية جبارة في 21 كانون الثاني / يناير، و مصعب الحسين البالغ من العمر ست سنوات من إدلب (من أسرة لاجئة أخرى) نفس اليوم. وقتلت فاطمة محمد (60 عاما) من قرية عربو في جنديرس في 23 كانون الثاني / يناير. وقتل عبد القادر منام حمو من جامو في 24 كانون الثاني / يناير.

لن يكون لهؤلاء المدنيين نصب تذكارية للحرب – كما الحال مع المقاتلين الأكراد في المقبرة العسكرية على بعد أميال من عفرين و معظمهم قتلوا وهم يقاتلون داعش و لا يوجد سجل لمقتلهم. ربما يتواجدون في سجلات الدكتور بولات كل منها مختوم باللغة الكردية  ” مشفى عفرين” ولا يوجد ذكر للغة العربية. ]

إن المعلومات الواردة في تقرير الصحفي روبرت فيسك أعلاه تعتبر جزء من الحقيقة التي وثقها صحفي ، فيما لا تزال بقية أجزاء الحقيقة بحاجة لكل الصحفيين ذوي الضمير للتوجه إلى عفرين و توثيقها و تقديمها للرأي العام العالمي ، بغية تشكيل الضغط ضد إرهاب الدولة التركية و حلفاءها من تنظيم القاعدة المتمثل بتنظيمي داعش و جبهة النصرة.

برور محمد علي

المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية

29 كانون الثاني 2018

التعليقات مغلقة.