لم يرنّ الهاتف

196

 

عبدالله الحامدي

 

1

لم يرنّ الهاتف

كان عاملُ المقسم نائمًا

وأنتِ لم تجترئي على إيقاظهِ

هطلَ الثلجُ

ونفثتُ هواءً حارًا بين أصابعي،

هبّتْ عاصفةٌ كالخيال

وبقيتُ أمام الهاتف..

في الصباح تأخرتْ المدَرَسةُ

عني

العصافيرُ عادتْ إلى أعشاشِها

محتفلةً بالظهيرة المشمسة

العصافيرُ أطعمتْ فراخَها وهدأتْ

الزقزقة

ولم يرنّ الهاتف!

2

قصيدتي مشوشةٌ

كامرأةٍ مستلقيةٍ في بحر الشبق

العاصمةُ أكثرُ ضجيجًا من سوق القرية

موسيقى خافتة

ألفاظي مراهقون يعملون بالقطعة

ضيّقٌ هذا المقعدُ كخطةٍ مدبّرة

عطرٌ أشقرُ يتلفّتُ حوله

يعزّز الانحناءات

ويُضفي مشروعيةَ الألفة

العابرة

متأهّبٌ للصورة

بين خصرٍ دقيقٍ

وهندسةٍ عضويةٍ

تخذلُ العطر وتثير الفوضى

ولولا خشخشةُ الحَلَقِ في الأذن

لاختل التوازن

وتعثرتْ عتبةُ “الميكرو”

بقدميها الممتلئتين..

آخرُ محطة

غرفةُ الهاتفِ الزجاجية

مكتظةٌ بالعشّاقِ

والفلاحينَ والعساكرِ

والقططِ الضالةِ

ألو..

ربما لم يرنّ

كنتِ تريدين أن ترفعي السماعةَ

ومضى عامٌ آخر

ولم يرنّ

3

الطائرةُ اخترقتْ الغيوم

الأرضُ في مأمنٍ من حبّنا

الآن

خيطٌ أزرقُ

يربطُ الغريبَ بالغرباءِ

والدمعةَ بسويداءِ القلب

بالهبوطِ على مدرج الأحلام الفارهة

هاتفٌ صغير

نامَ في كفي

تحضنهُ الأصابعُ والابتهالاتُ

تُهدهِدهُ الأغاني والأدعيةُ

المقطوعاتُ والرسائلُ

المكائدُ

وقهقهاتُ الأصدقاءِ

هاتفٌ أصغرُ

أكثرُ حنوًا من السنجاب

وأكثرُ إلحاحًا من نقّار الخشب

يرافقني كصاحبي

يزعجني بصُراخهِ دائمًا

ولم يرنّ!

نشرت هذه المادة في العدد (67) من صحيفة Buyerpress

بتاريخ 15/10/2017

 

التعليقات مغلقة.