الاستفتاء وضعف الإعلام الكردي بالعربية

36

شيرزاد اليزيدي

لطالما راجت مسلّمة مفادها، وعن حق، بأن ثمة تقصيراً بل غياباً للإعلام الكردي الناطق بالعربية، وأن هذا يشكل نقطة ضعف كبيرة لجهة عدم وجود منابر تتصدى لكمّ البروباغاندا الهائل المعادي ليس للقضية الكردية فقط، بل للكرد كشعب وكبشر يحق لهم ما يحق لغيرهم من شعوب المعمورة. وهذا ما تبدى جلياً في ردود الفعل الهستيرية الموتورة على الاستفتاء وحق تقرير المصير في باشور – جنوب كردستان (كردستان العراق).

 

وعلى رغم وجود وسائل إعلام عدة هنا وهناك كردية ناطقة بالعربية في باشور وفي روج آفا (غرب كردستان)، فإنها مع الأسف لم تكن بالمستوى المطلوب. بل أكاد أزعم أنها شوهت كنه المحتوى التحرري الحقوقي للقضية الكردية وحقيقته، عبر وقوعها في سقطات جسيمة لجهة الركاكة وضعف الخطاب نحوياً وإملائياً وصولاً حتى الى تشوش المحتوى والأفكار وعدم تناسقها وتناقضها أحياناً وتزلف بعضها أو محاكاة الخطاب الفوقي الشوفيني للنخب الدائرة في الفلك السلطوي…

ثم إن مخاطبة العرب بلغتهم لا تعني أن نلف وندور ونراوغ في تقديم حقيقتنا وحقيقة ما نمثل، بحجة مراعاة حساسية المتلقي العربي حيال القضية الكردية.

 

فأي وسيلة إعلام كردية ناطقة بالعربية مهمتها الأساس بناء جسور تواصل صحية وتفاعلية مع المحيط العربي الكبير في العراق وسورية (البلدين اللذين يضمان جزءين من كردستان) وسائر المشرق والخليج وصولاً حتى الى شمال أفريقيا، وتالياً التعريف بعدالة القضية الكردية التي لطالما كانت عرضة لحملات التشويه المبرمجة.

 

صحيح أن عدالة القضية الكردية ومشروعية الحق الكردي المطلق في تقرير المصير وحتى الاستقلال هي بدهيات وثوابت، لكن الصحيح أيضاً أن خصوصية تشظي كردستان بين أربعة بلدان مركزية في المنطقة ومهووسة بالدور الإمبراطوري، وحجم التعقيد والتشابك الذي يلف القضية الكردية نظراً للموقع الجيوبوليتيكي الفائق الحساسية للوطن الكردستاني، كلها تجعل من مهمة الإضاءة المكثفة على تلك البدهيات والثوابت ضرورة قصوى، وبلسان القوميات السائدة في الدول الغاصبة لكردستان. فالكرد الذين لطالما ثاروا في وجه أعتى النظم وقدموا القرابين على مذبح الحرية ينبغي أن لا يكونوا عاجزين عن التأسيس لإعلام فاعل ورصين يكون لسان حالهم والمرآة المعبرة عنهم والعاكسة لحقيقتهم.

 

المصدر: الحياة

التعليقات مغلقة.