معرض الكتاب في دمشق يعود بعد ست سنوات دامية

40

Buyerpress

تتواصل إلى غاية الثاني عشر من أغسطس الجاري في قلب العاصمة السورية دمشق، تحديدا بساحة الأمويين، الدورة التاسعة والعشرون من المعرض الدولي للكتاب في دمشق الذي انطلقت فعالياته في الثاني من الشهر الحالي.

 

دورة سماها القائمون عليها دورة الاستمرار، بعد دورة العودة التي مثلتها النسخة الثامنة والعشرون التي انعقدت السنة الماضية، رغم إكراهات الحرب.

 

وفي الفناء الخارجي الواسع لمكتبة الأسد الوطنية إضافة إلى الأجنحة الداخلية توزعت العديد من المعارض المتعلقة بالكتب النادرة والصحف والمجلات القديمة، وكذلك الطوابع والعملات، وتماثيل ولوحات لبعض الشخصيات الفنية الشعبية السورية، مثل شخصية أبوصياح، فنان الشعب السوري الذي وُجد له تمثال في المعرض، كما أقيمت بالتوازي مع ذلك العديد من الفعاليات والمهرجانات الأدبية في الشعر والقصة القصيرة إلى جانب عدد من المحاضرات الفكرية في التاريخ والسياسة.

 

 

شاركت في المعرض العديد من الدول العربية، رغم غياب بعض دول الخليج والمغرب العربي باستثناء دار سعودية واحدة، بينما شاركت مصر ولبنان بتمثيل بعض الشركات عنها، كما شاركت دور نشر حكومية من سوريا مثل الهيئة العامة السورية للكتاب والجامعات واتحاد الكتاب العرب كهيئة أهلية شبه رسمية وغيرها من الوزارات والهيئات العامة.

وفي حديث لـ”العرب” يقول هيثم الحافظ رئيس اتحاد الناشرين السوريين وصاحب دار الحافظ للنشر “نحن فخورون بأن المعرض أقيم من جديد، بجهود الكثير من الناس القيمين على صناعة النشر في سوريا، من خلال صفتي، كرئيس لاتحاد الناشرين السوريين، أطلقت مبادرة هامة مع افتتاح هذه الدورة، وهي التي تقول بأننا في الاتحاد سنكون في الدورة القادمة الثلاثين بالمرتبة الثالثة عربيا كمعرض للكتاب العربي، أو على الأقل بين الخمسة الكبار، ونحن نعمل منذ الآن على تحقيق هذه الغاية”.

 

ويضيف الحافظ “نسعى للعودة بالمعرض إلى الحالة الكرنفالية التي كان عليها والتي تشد قطاعا واسعا من الجمهور السوري المهتم بالقراءة، لأن ذلك سيفيد تطور صناعة النشر، فلكي تتطور صناعة النشر لا بد من تطور المعرض، كونه يشكل فرصة هامة للتعريف بالمنتج الصادر والترويج له”.

 

وعن الهدف الذي يريده اتحاد الناشرين من تفعيل نشاط المعرض يبين الحافظ “بعيدا عن التنظير والتزييف، هدفنا هو المحافظة على صناعة النشر في بلدنا، هذه الصناعة التي كانت مزدهرة في الماضي القريب في سوريا، ونتيجة الظروف الحالية، اعتقد البعض من الناشرين أن هذه المهنة قد تلاشت وقضي عليها، ولكن الواقع أثبت لكل متشكك في أن عكس ذلك هو الصحيح، ها هو المعرض يعود في دورته الثانية على التوالي، بعد التوقف لسنوات، في العام الماضي كنا مع دورة العودة، وهذا العام مع الاستمرارية، وهي مرحلة أهم من العودة، فيمكنك بشكل أو بآخر أن تعود، ولكن الأهم أن تحافظ على العودة وتتقدم”.

 

ويضيف “من خلال موقعي كرئيس لاتحاد الناشرين السوريين سأفاجئ الجميع ربما، إن قلت لهم إن عدد دور النشر المنتسبة إلى اتحاد الناشرين قد زاد خلال ثلاث سنوات سبعين شركة، فأصبحت ما يقارب المئتين وثلاثين، وكل عام يطلب الانتساب ما بين عشرين وثلاثين شركة، وهذا ما يؤكد أنه رغم كل ما يقال عن أزمة القراءة في العالم العربي فإن الأمور ليست سيئة، فهذه المؤشرات تظهر أن الجمهور العربي يطلب المزيد من الكتب والمعرفة وأن هذه الصناعة تتقدم، نحن نسعى للحفاظ على استمرارية صناعة النشر، لكي تكون خطا موازيا لخطط التنمية العامة التي تقوم في سوريا سواء بشقها الحكومي أو الأهلي”.

 

عن إقامة الدورة في هذا التوقيت وعن العقبات التي واجهت سبل تحقيقها قال هيثم الحافظ “في هذه الدورة تغلبنا على العديد من المتاعب، واستطعنا التواصل مع العشرات من دور النشر، لكن عقبات تقنية حالت دون وجود العديد من المشاركات العربية، فمثلا العديد من مشاركات المغرب العربي اصطدمت بمشكلة عدم إمكانية وصول الشحنة مباشرة إلى سوريا بسبب مشاكل تقنية في المطارات وخطوط الرحلات التجارية الجوية، مما يعني ضرورة التواصل مثلا عبر بيروت، الأمر الذي يستلزم الحصول على فيزا دخول لبنانية، وهذا ما تطلب المزيد من الجهد والمال والوقت، كذلك الأمر مع دول أخرى في الخليج وحتى الجيران في الأردن والعراق، وفي العام القادم سنعمل على تذليل عقبة المطار، والشحن إليه، لذلك ستكون الأمور أكثر نجاحا كما نأمل”.

وعن موضوع تراجع مساحة عرض الكتاب الديني، يقول “لمسنا وجود ذلك على مساحة العالم العربي كله، هنالك تقدم في مصنفات أخرى للكتاب العربي، خاصة الأدبية، وهذا ما سينوع فرص التنوع والعرض ويرضي مساحات أوسع من الجمهور العربي، ولكنني أؤكد أن مساحات عرض الكتاب الديني ما زالت كبيرة وهناك عناوين ومحاور في النشر الديني ما زالت تتقدم باستمرار ولا يمكن أن تغيب”.

 

بدوره أوضح عصام عيساني، وهو أحد مسؤولي المعرض الرسميين، أن العمل كان صعبا، واحتاج إلى تضافر جهود الكثير من العاملين فيه لتذليل كل العقبات، ويقول “أخيرا استطعنا بتكاتف جهود الجميع أن نذلل كل العقبات، وصولا إلى إقامة الدورة الحالية التي استطعنا فيها إعادة الألق لمعرض الكتاب العربي بعد فترة انقطاع قسري، شاركت معنا في الدورة الحالية حوالي مئة وخمسين دارا للنشر، وإلى آخر لحظة هنالك طلبات جديدة بغرض المشاركة في المعرض”.

 

وعن مسألة التنوع في نوعية الكتاب المعروض بيّن عيساني “كانت المساهمات متنوعة، لاحظنا أن التأكيد على الكتب الأدبية والأطفال كان كبيرا، لذلك -وبخصوص توزيع الأجنحة- عملنا على وضع كتب الأطفال في مساحات متقاربة، حتى لا نشتت إدراكهم في التنقل ما بين مساحة وأخرى، وراعينا مسألة وجود فعاليات ومهرجانات موازية للمعرض، فأقيمت العديد من المهرجانات والندوات المتنوعة في قاعات خاصة قدمها مختصون وأكاديميون”.

 

وفي إضافة، يقول عيساني “كانت النسبة الكبرى من المشاركات عادة في محور الكتب الدينية، لكن في هذه الدورة لاحظنا أن نسب المشاركة في كل الأصناف متوازنة، هنالك مشاركات هامة في كتب الأطفال وكذلك الأدب خاصة الروايات، ونحن عملنا على تكريس هذا التوجه وعلى إرضاء كل شرائح القراء”.

 

المصدر: العرب اللندنية

التعليقات مغلقة.