لمَ حُكم هذا الشاب السوريّ بالسجن 300 عاما في اليونان

72

يقبع الشابّ السوري “نور السامح” في أحد السجون اليونانية بتهمة أبعد ما تكون عن طبيعته وحياته التي أمضاها في التعلم والمعرفة، وهي التهريب وتجارة البشر ليواجه حكماً غريبا وبعيداً عن المنطق وهو 300 سنة، في واحدة من مفارقات التغريبة السورية.

في عام 2014 كان السامح ابن مدينة “السلمية” قد انتهى لتوّه من دراسة فرع العلوم الإدارية بجامعة الاتحاد الخاصة، ونظراً لاستنفاذه جميع الفرص في تأجيل الخدمة العسكرية وعدم رغبته في المشاركة بالحرب قرر الهروب إلى تركيا ليجد نفسه دون مأوى لأيام، وهناك كافح الشاب الثلاثيني ليجد عملاً يقتاد منه ويوفر ما يستطيع لتحقيق حلمه في حياة جديدة، ولكنه تعرض –كما يروي لـ”زمان الوصل” لعملية نصب من قبل بعض المهربين، وتمكن أخيراً أن يسافر على متن قارب شراعي مجاناً مقابل أن يطلب النجدة إذا ما حصل مكروه، نظراً لإتقانه اللغة الإنكليزية، غير أنه واجه ما لم يكن بالحسبان، إذ تعطّل القارب وسط البحر فطلب النجدة واستجابت إحدى البواخر العابرة في المياه الإقليمية اليونانية للنداء.

وعندما صعد مع رفاقه إلى ظهر الباخرة المنقذة، وكانوا يظنون أن الباخرة ذاهبة إلى “مالطا” كما أخبرهم القبطان، فوجئوا بعد ساعات أنها متوجهة إلى مرفأ “بيريا” الواقع على ساحل اليونان بمرافقة مراكب للكوماندوز الألماني، وبعد وصولها إلى هناك فتش عناصر الخفر اليونانيون جميع ركابها وتم القبض على المهرب التركي وعليه وترافق ذلك -كما يقول السامح- بالضرب المبرح والتنكيل والإهانات والسباب البذيئة، وتم اقتياده معصوب العينين إلى مركز للخفر اليوناني-كما علم فيما -بعد وتم سجنه مع المهرب الذي خرج بعد فترة من السجن لتوفر الأموال لديه، أما هو–كما يقول- ولأنه لا يملك أجور محام فتعرض لحكم جائر يقدر بـ 25 عاماً أو أكثر وينتظر محكمة الاستئناف.

وكشف السامح أنه بعد أن أنهى المحكمة الأولى بتاريخ 10/ 6/ 2016 حكمت عليه إحدى القاضيات اليونانيات بالسجن لمدة تتعدى 300 عام وربما أكثر -حسب ما أخبره به المحامي الذي عينته له الدولة آنذاك -كونه لا يملك المال الكافي ليدفعه لمحام خاص يدافع عنه، وهو الشيء الذي لم يفعله المحامي الذي عيّنته الدولة له مجانا ليبقى مصيره رهن المجهول.

وأشار ابن السلمية إلى أنه ينتظر الآن المحكمة الثانية “محكمة الاستئناف” للطعن في الحكم، لافتاً إلى أن والديه لا يعلمان حتى هذه اللحظة بأنه محكوم كل هذه المدة.

وأكد السامح أنه حاول إيصال صوته إلى الرأي العام عن طريق العديد من المنظمات الحقوقية والمؤسسات والشبكات المحلية الإقليمية التي تعنى بحقوق الإنسان وغيرها، ولكنه لم يلقَ أي تجاوب أو تفاعل مع قضيته.

وتابع بنبرة مؤثرة أن “الإنسانية بنظري كذبة لا تتعدى حدود العقل وقد اختلقها البعض للتسويق لسلعة ما”.

وكشف محدثنا أنه التقى بالكثير من السجناء خلال تواجده في أكثر من سجن وجّهت لهم نفس تهمته، ومنهم -كما يقول- من أمضى أكثر من ثمانية أعوام خلف القضبان دون دليل ملموس.

التعليقات مغلقة.