الحركة الكرديّة … والواقع المؤلم

40
15577523_1501478599866981_544315114_n
عبد الحميد درويش

عبد الحميد درويش

“سادت لغة التخوين بين المجلس الوطني الكردي ENKS وحركة المجتمع الديمقراطي TEVDEM وتصاعدت وتيرة الحملات الإعلامية بين الطرفين، كما أنّ حملات الاعتقالات التي طالت قيادات ونشطاء المجلس الوطني زادت الطين بلّة، وكذلك إلصاق وتوجيه التهم من جانب بعض قيادات المجلس بحقّ حزب الاتحاد الديمقراطي ومساواتهم بداعش، أدى إلى حدوث تباعد كبير في مواقف الطرفين وأحدث شرخا عميقا في المجتمع الكردي، الذي بات ميؤوسا من أداء الحركة السياسية.”

تعيش الحركة السياسيّة الكرديّة وضعا صعبا، وتمرّ بأسوأ مراحلها، نتيجة للتشتت الموجود في جسم الحركة، ممّا خلق حالة من التباعد بين أطرافها رغم الظروف الضاغطة التي تمرّ بها بلادنا، نتيجة الحرب الدائرة في سوريا، والمشاريع والمخططات التي تستهدف الوجود الكردي، ما يستدعي بتصورنا الوقوف على هذه الحالة المأساوية التي تمرّ بها الحركة السياسية الكردية، والبحث عن قواسم مشتركة تؤمّن الحد الأدنى من التفاهم والتعاون والتنسيق في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ شعبنا، ونعتقد أن هذا ممكن التحقيق إذا استطاعت الأطراف الرئيسية في الحركة الكرديّة (حركة المجتمع الديمقراطي(Tev-Dem)، المجلس الوطني الكردي في سوريا، التحالف الوطني الكردي في سوريا ) كأطر قائمة على تجاوز خلافاتها، ووضع مصلحة الشعب الكردي فوق كل الاعتبارات، لأنّ المرحلة تستدعي ذلك. وتجربة كردستان العراق خير مثال، فبعد تشكيل الجبهة الكردستانية، استطاع الشعب الكردي الحصول على مكتسبات قوميّة كبيرة، تجسدت في نهاية المطاف في قيام الفيدراليّة في كردستان العراق.

كما أنّ التاريخ علّمنا الكثير من الدروس، وخاصة تاريخ الثورات والانتفاضات الكردية التي لا تعدّ ولا تحصى، التي باءت أغلبها بالفشل بسبب الصراعات الداخلية بين قياداتها، وجرت نتيجة ذلك الويلات والمزيد من الدماء والدمار للشعب الكردي، وتأكيدا على ذلك وانطلاقا من المصلحة الوطنية والقومية للشعب الكردي في سوريا، طرح المؤتمر الرابع عشر للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا فكرة إنشاء مركز للقرار السياسي الكردي، لتأطير النضال الوطني والقومي الكردي، وبناء جسم موحّد للحركة الكردية، واعتباره العنوان الرئيس للشعب الكردي في المحافل الدولية وخاصة في مؤتمر جنيف، ومن أجل تحقيق هذه الفكرة تواصلنا مع جميع الأطراف إلّا أّن المواقف كانت سلبية للأسف.

وباعتقادنا فإنّ الأوضاع ساءت بعد مرور عام على هذا الطرح، وسادت لغة التخوين بين المجلس الوطني الكردي ENKS وحركة المجتمع الديمقراطي TEVDEM وتصاعدت وتيرة الحملات الإعلامية بين الطرفين، كما أنّ حملات الاعتقالات التي طالت قيادات ونشطاء المجلس الوطني زادت الطين بلّة، وكذلك إلصاق وتوجيه التهم من جانب بعض قيادات المجلس بحقّ حزب الاتحاد الديمقراطي ومساواتهم بداعش، أدى إلى حدوث تباعد كبير في مواقف الطرفين، وأحدث شرخا عميقا في المجتمع الكردي، الذي بات ميؤوسا من أداء الحركة السياسية.

إن هذا المناخ المتوتر والمشحون في هذه المرحلة العصيبة والحساسة من تاريخ شعبنا الكردي لن تكون نتائجه إيجابية على الإطلاق بل ستكون نتائجه كارثية، إذا لم يتم تدارك الموقف والبحث عن حلول لهذه الأزمة، من هنا فإننا نتطلع وندعو الأطراف جميعا إلى البحث عن مخارج لأزمة الثقة هذه، وبتصورنا يمكن تحقيق ذلك إذا وضعنا المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار.

في الجانب الوطني السوري فإنّ وحدة الحركة الكردية سيكون عاملا مساعدا لحل سياسي مستقبلي في البلاد لما يشكّله الكرد من ثقل في الساحة السورية، وهي كفيلة لتأمين الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي وبناء نظام ديمقراطي في البلاد.

هذه الخطوات تبدأ بوقف الحملات الإعلامية ولغة التخوين والتشهير، وإطلاق سراح المعتقلين من قيادات المجلس، والسماح للأحزاب السياسية بممارسة نشاطها بشكل علني وحرّ، ووقف توجيه التّهم جزافا، وغيرها من إجراءات بناء الثقة، وسيخلق ذلك مناخا صحيا لإطلاق حوار كردي – كردي. وبتصورنا فإن الحوار سيفضي إلى نتائج مرضية إذا غادرت الأطراف خنادقها الحزبية، ووضعت مصلحة الشعب فوق المصلحة الحزبية.

يبقى أن نقول إنّ ترتيب البيت الداخلي الكردي ووحدة الصف والموقف الكرديين هي أولوية وطنية وقومية، ولا خيار أمام الكرد سوى الوحدة في هذه المرحلة، لأنّ مثل هذه الفرص قد لا تتكرر لعقود، فالظروف الدولية مهيأة أكثر من أي وقت مضى، وعلى الكرد استثمارها بشكل عقلاني، بعيدا عن الشعاراتية والمواقف الضبابية، وإلّا سنفوّت هذه الفرصة التاريخية على شعبنا الكردي وبالتأكيد سنندم، ساعة لا ينفع الندم، وأنّ التاريخ لا يرحم أحدا.

 سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

نشرت هذه المقالة في العدد 55 من صحيفة “Buyerpress”

بتاريخ 15/12/2016

15591749_1501479433200231_100267774_n

التعليقات مغلقة.