ماذا لو قال الكرد …مرحباً بالاحتلال ؟!!

29

15151260_1202698619810569_740168187_nطه الحامد

منذ أن تأسس أول تنظيم كردي 1957 وحتّى هذه اللحظة يصرّح الكردي بمناسبة ومن دون مناسبة بأنه ضدّ التقسيم وضدّ الانفصال عن سوريا، أحياناً تكون التصريحات تلك نتاج ضعف وحسابات سياسية دون ربطها بحق تقرير المصير المشرعن دولياً، وأحياناً

 أخرى تكون نتاج لوثة الجغرافية والشعور الوطني السوري الذي طغى في بعض المحطات على الشعور القومي لدى الكرد بفعل التربية اليسارية والأفكار الماركسية في العقود الماضية.

الكردي الغلبان على أمره والمتّهم بجرم الانفصال والتقسيم من قبل العربي مازال متمسكاً بوحدة سوريا الجغرافية في الوقت الذي ساهم ذلك العربي في النظام والمعارضة بتقسيم البلاد على أرض الواقع وعلى أساس طائفي، فالنظام جلب الإيراني

 والروسي والباكستاني والعراقي وكل شيعة الأرض من الذين قبلوا بالتطوع والقتال للدفاع عن إرث السيدة زينب وعلى بين أبي طالب ضد أحفاد بني أمية على أرض الشام، وكذلك جلب الإخوان المسلمين وباقي المعارضة السنية الأتراك والتوانسة والمغاربة والشيشان والإيغور والأذريين

 وكل سنة الأرض من الذين تطوعوا للجهاد في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله السنية لقطع رؤوس النصيريين والروافض الذي استولى على إرث بني أمية في الشام.

– الاحتلال التركي لشمال سوريا …فيها فائدة كردية !!

لو نظر قادة الحركة الكردية بعين براغماتية ثاقبة استراتيجية بعيدة المدى لرأوا أن في ضم كامل روجآفا والشمال السوري إلى الدولة التركية فائدة قومية كردستانية، فهذا الاحتلال أو الضم عملياً يزيل حدود سايكس بيكو بشكل كبير بعد أن

 أزيل في الجهة الشرقية مع جنوب كردستان والعراق، فتصبح ثلاثة أرباع كردستان جغرافياً كتلة جغرافية واحدة دون حدود سياسية ومحتلة من قبل دولة واحدة فقط هي تركيا، بذلك تصبح نقطة الثقل الكفاحي الكردستاني متمركزة في جبهة واحدة وهي جبهة أنقرة، بدلا من تشتت الجهد

 بين بغداد ودمشق، ويبقى الروس والإيرانيين ودمشق وبغداد خارج حلبة الابتزاز والتلاعب بالورقة الكردية وإن لعبوا بهذه الورقة سيلعبونها ضدّ الأتراك بدلاً من اللعب ضدّ الكرد بعد أن تُعاد رسم الحدود على وقع الاحتلال التركي واختلاط الأولويات لدى تلك الدول، وعلى

 الصعيد الغربي والأمريكي لن يكون ذلك من الموبقات، فتركيا امتداد لأوربا الغربية وعضوة في حلف الناتو وكسب جغرافيا إضافية في دائرة نفوذها الأطلسي هي ضربة جيوسياسية للروس وإيران.

– لنذهب إلى التفاهمات السريّة أو العلنية مع تركيا !!

القائد أوجلان والرئيس برزاني باستطاعتهما أن يعملان كمفوضين عن الشعب الكردي في ثلاثة أجزاء ويدخلان في سراديب العمل السري والتفاوض مع الأتراك على أساس فيدرالي أو كونفدرالي بعد أن تعلن الدولة التركية وبدعم غربي أمريكي إعلان الضم

 النهائي لجنوب وغربي كردستان إلى شمال كردستان وبذلك تصبح المفاوضات النهائية على سلّة واحدة مع الجانب التركي والوسيط الغربي الأمريكي وتكون المفاوضات محصورة بنقطة واحدة وهي شكل ونوع الدولة أو الجغرافية الجديدة الناشئة، وهذه الجغرافيا الجديدة ستتحكم بخطوط

 ومناطق استراتيجية تمتد من حدود إيران إلى البحر المتوسط على الساحل السوري الحالي ..تتحكم بخطوط السيل للنفط والغاز بما فيها الوارد من إيران وروسيا والخليج إلى أوربا دون المرور بمضائق وفي طريق أقصر بكثير من سابقاته وتسهل من إيصالها إلى أوربا دون صعوبات وتكاليف

 باهظة، ومن جهة أخرى تنهي حقبة النزاع والحرب بين الأتراك والكرد وهذا سيساهم في تأسيس مركز اقتصادي سياسي ديمغرافي صاعد وقوي يكون قطباً جديداً ومركزاً مقرراً في الشرق ينافس روسيا والصين وأمريكا، وبما أنّها ستكون بطبيعة الحال امتداد حيوي لأوربا فيكون من السهل

 دخول هذا القطب الجديد إلى الاتحاد الأوربي بعد أن تحل القضية الكردية وقضايا حقوق الإنسان فيها وبالتالي سيكون هذا القطب رافعاً من الشأن الأوربي أيضاً على صعيد الاقتصاد والكتلة البشرية.

إن مثل هذا المشروع سيكون بمثابة سيفاً يقطع أنف النظام السوري والمعارضة السورية التي استنجدت بتركيا لإفشال المشروع الفيدرالي لقاء إطلاق يد الجيش التركي في الشمال وكذلك قطع أذن ولسان من يتحكم ببغداد ويستقوى بإيران ضد جنوب كردستان.

– ماذا لو لم نتفق مع الأتراك؟

في هذه الحالة سيكون العمال الكفاحي الكردستاني السلمي أو المسلح أسهل من ذي قبل، فبدلاً من الحرب على ثلاثة جبهات سنكون موحدين ومركّزين كل الجهد ذاك على جبهة واحدة في ظروف جغرافية وشعبية جديدة، تنتفي فيها التحالفات السابقة بين

 أنقرة ودمشق وبغداد بعد أن يدخلوا مع بعضهم البعض في صراعات بسبب الاحتلال التركي، فتكون تركيا أمام عدّة جبهات مفتوحة ولن تغلق إلّا بقرار كردي يقطع الطريق على بغداد ودمشق وروسيا وإيران بأن يعلن الشعب الكردي بموجب ممارسة حق تقرير المصير على إعلانهم الاتحاد الكونفدرالي

 أو الفيدرالي مع أنقرة وبذلك تنتفي صبغة الاحتلال لأراضي الغير وهي سوريا والعراق لأن تلك الأرض موضوع النزاع هي أرض كردستانية وليست سورية أو عراقية.

وفي حالتي الحل السلمي التفاوضي أو العسكري سيكون الكرد أقوى من ذي قبل وجهدهم سيكون أكثر توحداً .. وتزول الكثير من أسباب الخلاف بين الأحزاب الكردية التي خلقت بسبب التناقضات والمصالح مع عواصم الدول التي تقاسمت كردستان.

التعليقات مغلقة.