حياة ضئيلة
ملكون ملكون
إلى الذاكرة تصعد الأسئلة الغريبة والاستفزازية … ومن البصيرة تسقط الأقنعة ويتبدد الغبار وتنجلي الصورة …
ما الذي يمكن أن يفعله الهارب من أعباء الوطن؟؟.
يهدأ تركد أحلامه كفنجان قهوة يبرد ويبرد حتى يجف سواده … يصبح بارداً … صقيعياً … محنطاً ….
يتابع الاخبار العاجلة على أريكة الغربة بتململ .. يتعاطف ويتفاعل لدقائق ثم يُسقط الخبر العاجل في عمق النسيان ….يتململ عند النافذة بعد ان فقدت إطلالة المشهد إبهارها … يتفحص بريده الورقي يومياً بانتظار إذن الدخول للعالم الجديد ….
تحنيط لكن ما قبل الموت … ما قبل الشهقة الأخيرة …
تحنيط لكل شيء وسط إيقاع هادئ كأنه يمشي على وقع لمسات أصابع عازف بيانو ملَّ من رتابة جمهوره ….
بهجة الروح تتضاءل …
ذكريات الزمن تتضاءل …
لهاث الأيام يتضاءل …
ما الذي يحدث ؟؟!!
كيف أصبحت الحياة ضئيلة هكذا ؟!
كأن يداً عابثة امتصت بريقها قطرة ..قطرة واستيقظ الجميع من حلم الأوطان … كذبة الأوطان … افتراضية الأوطان ، ليجدوا أن مَن باعهم الوهم لايزال يزهو بوهمه، ومن سرق عمرهم وأحلامهم لا يزال يغرق في بحر دمائهم، ومن اختصر التاريخ والجذور بشخصه لا يزال يقتات من وجعهم وشتاتهم وتيههم ….
ملايين السوريين خارج وطنهم لا يجدون من حياتهم السابقة سوى الذكريات التي تكاد تنفذ والتي استحالت مع الزمن لصورة تجمدت فيها ملامح الناس وابتساماتهم وضحكاتهم وتحولت لذكرى كانت مبهجة فأضحت لحظة مريرة توقف فيها الزمن على أعتاب سماء أو بحر أو صحراء حملت الناس من أسرّتهم الدافئة إلى حياة ضئيلة شاحبة كالأصفر الذي يوشح جدران البيوت وأسقفها في منافي اختارتهم لتقول لهم كلمات ضئيلة ايضاً … (( أهلاً بكم في قلق الاسرّة الوثيرة )) .
نشرت هذه المادة في العدد 53 من صحيفة “Buyerpress”
1/11/2016
التعليقات مغلقة.