حزني سليم حجي حسين” بافى عادل”

204

جرن الذاكرة

حزني سليم حجي حسين” بافى عادل”

ولات احمه

قامة فنية، وصَوْمَعة فلكلورية، استطاع عبر مسيرته الفنية الحفاظ على التراث والفلكلور الكُردي من الِاندثار والتلاشي، واظبَ دوماً على أن يكون شاهداً ومدوّناً للتاريخ عبر حنجرته وأنامله للحفاظ على تاريخ وجغرافية شعب، إلى جانب مقدرته في نقل القصص والميثولوجيا الكُردية.

ولد عام 1932 في قرية (هرم شرّو  Heremê șero) الواقعة بين مدينتي القامشلي وعامودا، بدأ مشواره الفني على يد الفنان “علي سمى  Elîyê Simê” حيث تعلم العزف والغناء.

حزني، حنجرة أينَعت باكراً من جنبات بيادر قرى تل شعير، كودو، هرم رش، سه رمكا، هرم شرّو. ينحدر من عائلة دينية، من عشيرة الشيخان، التي تعود بنسبها إلى الشيخ جبر. وهذا كان سبباً وجيهاً لوالده، الذي قام بتكسير آلته الموسيقية “الطنبور” ثلاث مرات، مانعاً “حزني” من العزف والغناء.

لاحقاً، تعرّف الفنان الكُردي الكبير “يوسف جلبي  Yûsifê Çelebî”  الذي كان له الدور البارز، والأثر البالغ في حياة حزني الفنية، حيث كان يُلازمه بشكل مستمر، لذلك حفظ معظم أغانيه عن ظهر قلب، ونقلها بكل أمانة فنية إلى المتلقي. وبذلك، أصبح الحلقة واللَّبِنَة الأساس بين جيلين، ليعود له الفضل في الحفاظ على جملة من الأغاني الفلكلورية من الاِندثار.

يعتبر الفنان حزني، مرجعاً ومصدراً مهماً للباحث والبروفيسور الكردي جليلي جليل، الذي نقل من خلاله ما يقارب 100 أغنية فلكلورية كُردية، ووضعها برفقة أخيه الدكتور أورديخان جليل على شكل كتاب ضخم من جزأين يضم روائع الإبداع الشفاهي الكردي.

كانت، آلته الموسيقية “الطنبور” مؤلفة من 14 دستان*، وبرفقة أوتارها، كان يبعث الحماس والمتعة في عموم حفلات الزفاف “الأعراس” التي كان يُحْيِيهَا، دون وجود أي مكبرات صوت أو لواقط صوت!. حيث بصوته العذب الجهوري، وبعزفه الجميل، وخفة حركة جسمه كان يتنقل من مقدمة حلقة الرقص إلى مؤخرتها بشكل متواصل ولمدة ساعات، دون كَلَل أو تعب. ويقال في هذا الصدد: “إنه كان يعزف بقوة على آلته الموسيقية بواسطة أصابعه، إلى أن يسيل منهم الدم!”.

يعتبر حزني امتداداً عظيماً لمدرسة الفلكلور الكُردي، في فترة زمنية صعبة، حيث ضعف الإمكانات الفنية، وشحّ واضح للمراكز والمعاهد الموسيقية. لكن رغم ذلك، جاهد وحافظ على مناجم ذَهَب الأغنية الفلكلورية الكُردية، زرع على أُذْن الكُردي سنابل العشق، ليالي الملاحم والبطولات. نقل بحنجرته تفاصيل قامات الحب والهُيام، تاريخ شعب، نضال أمة، إلى أن وافته المنية في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2008، حيث شيع جثمانه إلى قرية تل شعير شيخان بمدينة قامشلو، بينما بقي صدى كلماته واهتزاز حبال صوته خالدة في الواقع الكُردي.

*دستان: لفظ، يستعمل للدلالة على العلامات التي تستعرض عنق الآلات الوترية الخفيفة كالعود والطنبور وما يمثلها، لتعيين أماكن النغم التي تؤخذ عند الانتقال عليها بالأصابع.

نُشر المقال في العدد (51) من صحيفة “buyerpress” 

2016/10/1

التعليقات مغلقة.