المنظمة الآثورية الديمقراطية: نحتجّ بقوّة على تغييب ذكر المكوّن السريانيّ في رؤية الهيئة العليا للمفاوضات

109

articles_image120140713131903l25pالمنظمة الآثوريّة ..مذكرة احتجاج على رؤية الهيئة العليا للمفاوضات للحل السياسي في سوريا

أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات لقوى الثورة والمعارضة السورية رؤيتها للحل السياسي في سوريا، عبر وثيقة بعنوان” الإطار التنفيذي للعملية السياسية وفق بيان جنيف (2012)”.

جاء ذلك في مؤتمر دولي عقد في لندن بتاريخ 7/9/2016. وضم إلى قيادات من الهيئة العليا للمفاوضات، وزراء خارجية وممثلين عن إحدى عشرة دولة ممّا يعرف بأصدقاء سوريا. وقد أثارت هذه الرؤية الكثير من الغضب والاستياء في أوساط المسيحيين عموما والسريان الآشوريين خصوصا.

إنّنا في المنظمة الآثورية الديمقراطية، إذ نلحظ العديد من الإيجابيات في رؤية الهيئة العليا للمفاوضات في مقاربتها للعديد من القضايا الأساسية. فإنّنا في الوقت ذاته نسجل العديد من التحفظات على هذه الرؤية ونراها جوهرية وضرورية، نضعها في متناول أطر المعارضة وكافة السوريين، وندعو للأخذ بها ومعالجتها سريعا. ومن هذه التحفظات:

1- تراجع الهيئة العليا للمفاوضات عن بعض التوافقات التي تمّ إقرارها في المسوّدة الأخيرة من الرؤية.

2- الوثيقة تتجاهل كليا وجود وحقوق المكون السرياني الآشوري الأصيل، والتي أقرّت بها كل أطر المعارضة الوطنية في وثائقها، بدءا من إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي ومرورا بالمجلس الوطني السوري، وصولا إلى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ومؤتمر القاهرة (2012) “الذي استلهم بيان جنيف الذي اعتمدته هيئة المفاوضات ركيزة لرؤيتها” وما تلاه من مؤتمرات للمعارضة السورية.

إنّ هذا التجاهل يمثّل تراجعا يرقى إلى مستوى الانقلاب على كل ما أنجزته المعارضة الوطنية الديمقراطية قبل الثورة وبعدها، ويأتي كاستمرار لذهنية البعث التي جرّت الويلات والكوارث على سوريا وطنا وشعبا، ويصبّ في نهج الاستبداد الذي كرّسه النظام في نسف مبدأ الشراكة الوطنية عبر إقصاء وتهميش مكونات المجتمع السوري ولا سيما المكون السرياني الآشوري الذي يعدّ من أقدم المكونات الأصيلة في سوريا التي اخذت اسمها من اسمه، وقدّم أبناؤه الكثير للحضارة السورية، كما قدّموا تضحيات جسيمة وعانوا من الاضطهاد والظلم والتمييز والتهجير قبل الثورة وأثناءها، ما اضطر الكثيرين منهم للرحيل عن وطن آبائهم وأجدادهم، إضافة إلى ذلك فإنّ قواه السياسية ممثلة بالمنظمة الآثورية الديمقراطية كانت في مقدمة من انخرط في ثورة الشعب السوري وتبني أهدافها في الحرية والكرامة.

3- السعي لاختزال الهوية السورية بالديانة الإسلامية والقومية العربية. وهي رؤية قاصرة وأحادية، وتجافي المنطق، وتتنكر لحقائق التاريخ والواقع، إضافة لتعارضها مع مبادئ وقواعد القانون الدولي الذي لا يعترف بوجود وطن عربي واحد (تعبير إيديولوجي)، وإنمّا يقرّ بوجود دول عربية (سوريا واحدة منها) تنتمي إلى جامعة الدول العربية وإلى منظمة الأمم المتحدة. كما لا يتفق هذا البند مع النسخة الانكليزية لنفس الرؤية.

4- إغفال الوجود المسيحي الأصيل والمتجذر في سوريا، وتغييب الدور والثقافة المسيحية، يمثل انتقاصا وتشويها للهوية الوطنية السورية (التي نسعى لأن تكون جامعة لكل السوريين) بطريقة لا ينفع معها تواتر الحديث عن المواطنة والعدالة والمساواة.

5- اعتماد الغموض، وغياب الشفافية والوضوح، في تبنّي الديمقراطية كفكر ونهج ومحتوى في الحياة السياسية والعامة، وما ينطوي عليه من مبدأ ضمان حق الأقلية وحمايتها من طغيان الأكثرية. والاستعاضة عن ذلك باستخدام عبارات مواربة من قبيل ( آليات أو ممارسات ديمقراطية). وهي غير كافية لترسيخ المبادئ الديمقراطية في المجتمع. كذلك اتّباع اسلوب التفافي في التهرّب من تبنّي مفاهيم الدولة المدنية وقيم العصر والحداثة التي ترتكز على مبدأ المواطنة المتساوية التي تقتضي عدم تعريف الدولة بهوية أحد مكوناتها القومية أو الدينية. وهذه الدولة العصرية التي تكون لكل مواطنيها برأينا، هي المرادف الموضوعي والعملي للدولة الديمقراطية العلمانية.

6- غياب آليات للمساءلة والمراقبة على دور وأداء هيئة الحكم الانتقالي التي ستتولّى كافة السلطات التشريعية والتنفيذية، ما يثير الخشية من التفرد والتحوّل إلى شكل جديد من الاستبداد، خصوصا، ونظرا لتعقيدات الوضع السوري، لا يمكن التكهن بطول المرحلة الانتقالية وانتهاء مدتها، وأخذا بالاعتبار أنّ نصف قوام هيئة الحكم الانتقالي سيكون من أطراف محسوبة على النظام.

إننا في المنظمة الآثورية الديمقراطية، في الوقت الذي ندين فيه وبشدّة هذا الإجحاف الذي لحق بالمكوّن السرياني الآشوري، ونحتج بقوّة على تغييب ذكره والتنكر لحقوقه. فإننا نحمّل مسؤولية هذا الخلل الفادح للهيئة العليا للمفاوضات، وللقوى المنضوية في إطارها، وخاصة الائتلاف الوطني وهيئة التنسيق والمجلس الوطني الكردي وباقي الشخصيات الوطنية، والذين باعتقادنا وقعوا تحت تأثير المتشدّدين القوميين والإسلاميين الذين يعملون لفرض هيمنتهم على قرار الهيئة العليا للمفاوضات، ويسعون لأخذ البلاد بعيدا عن الأهداف التي قامت من أجلها ثورة الشعب السوري.

ومن أجل تصحيح الغبن الذي لحق بالمكون السرياني الآشوري والمسيحيين عامة، نطالب الجميع بمراجعة موقفهم، وأخذ تحفظاتنا بعين الاعتبار، والمسارعة لمعالجة الخلل الحاصل، وتعديل هذه الوثيقة بما يضمن الإقرار دستوريا بالحقوق القومية للسريان الآشوريين وكافة المكونات الأخرى اسوة بالعرب والكورد، وذلك ضمن إطار وحدة سوريا أرضا وشعبا.

الخلود لأرواح الشهداء وعاشت سوريا وطنا حرا لكل أبنائها

 

سوريا 8/9/2016

المنظمة الآثورية الديمقراطية

المكتب السياسي

التعليقات مغلقة.