ما بين رحيل كونتي وقدوم أليجري .. إلى أين يسير اليوفي؟

32

رحل كونتي .. 435736_heroa

وأتى أليجري ..
في غضون ساعات تغيّر الحال .. وتبدّل كل شيء !
ولأن الأمر كان بمثابة الزلزال داخل البيت البيانكونيري، فإن الوقوف على الأسباب والمسببات أصبح حاجة ملحّة، خصوصاً أن ما حصل تمّ بسرعة جنونية، دون تفسير أو تحليل أو وقوف على الأسباب والمسببات، فجأة وبدون سابق إنذار، كونتي يرحل .. وأليجري هو البديل الجديد!

رحيل المدرب كونتي “المبهم” سيكون نقطة تشغل بال عشاق الكالشيو والكرة عموماً، فهل كان سوق الانتقالات هو السبب؟
أم أن رغبة الإدارة في التخلي عن أحد الركائز الأساسية في الفريق من طينة فيدال وبوغبا له الأثر الأكبر؟
أو أن التخلي عن صفقات ربما طلبها كونتي من أمثال سانشيز وإيتوربي كانت القشة التي قسمت ظهر البعير؟
كلها أمور من الصعب أن نعرفها أو ندركها في الوقت الحالي على أمل إيجاد إجابات محددة لها في المستقبل.

في الجهة الأخرى فإن تعيين ماسيميليانو أليجري لتدريب كبير إيطاليا ومن تسيّدها بشكل مطلق في سنواتها الـ3 الأخيرة لاقى رفضاً كبيراً من شريحة واسعة من جماهير اليوفي، مما يؤكد بأن الرجل تنتظره مهمة صعبة، حيث سيكون أمام عوائق وضغوطات لم يتعرض لها أي مدرب مرّ باليوفنتوس من قبل، ولم يتعرض لها حتى هو شخصياً عبر تاريخه التدريبي.

ولعل المهمة الأولى لأليجري ستكون في غرفة تبديل ملابس اليوفنتوس وتقبل اللاعبين للرجل.
هؤلاء الذين عاشوا حماسة وجنون كونتي والتي كانت دافعا لهم كيف سيتعاملون مع هدوء أليجري؟
كونتي كان قنبلة في الحماسة والإندفاع .. وأليجري النقيض تماماً ..
وهذه النقطة ستظهر وتبرز ربما من خلال تفاعلات اللاعبين في المباريات الأولى للفريق والتي ستعطينا الانطباع الأولي عن المستقبل القادم للرجل مع الفريق.

أليجري ربما سيكون أول مدرب يأتي لقيادة اليوفي بعد مدرب آخر خرج بنجاحات مدوية، ولو رجعنا لـ20 سنة سابقة فلن نجد من جاء لتدريب الفريق بعد موسم مليء بالإنجازات.

مارتشيلو ليبي جاء ليوفنتوس عام 1994 بعد موسم متواضع لتراباتوني، فكان الفريق بحاجة لإسم جديد وفكر يعيد اليوفي للطريق الصحيح، وهذا ما كان وتحقّق في الفترة الذهبية ليوفنتوس التسعينيات.

أنشيلوتي هو الآخر جاء للفريق بمنتصف موسم 1998/1999 بعد بداية متواضعة كذلك لـ ليبي في ذلك الموسم، فكانت الحاجة حينها لفكر جديد ودم جديد.
إذ أن قدوم أنشيلوتي لاقى القبول من أغلب اللاعبين والذين كانوا يؤمنون بضرورة اللعب بفكر حيوي جديد بعد سنوات من المجد كتبها ليبي.

الحال مع أنشيلوتي استمر لموسمين فقط، خسر فيهما اللقب المحلي في مراحله الأخيرة، ولعل اللقب الضائع عام 2000 أمام بيروجيا لمصلحة لاتسيو ” في مباراة بركة الماء” سيبقى مطبوعاً في ذاكرة المشجع البيانكونيرو للأبد، وعليه فقد كان استبدال أنشيلوتي مطلباً أساسياً، وهو ما كان من خلال عودة ليبي الثانية ليوفنتوس والتي شكلت فرحاً لعموم الجماهير حينها بعد خيبات تلك الفترة.
وبالفعل كانت عودة المدرب “ذو الشعر الفضي” ضربة موفقة لإدارة الثلاثي في حينها “موجي-بيتيجا-جيراودو”، وهو الأمر الذي أتى بثماره ونتائجه الجيدة.

بعد سنوات كان جلب كابيلو مكان ليبي وذلك بعد موسم متواضع للأخير “موسم 2003/2004″، فكان قدوم كابيلو مرحبا به وذلك لضخ فكر جديد والعودة للطريق الصحيح من حيث المنافسة وتحقيق البطولات، وكان اسم كابيلو لوحده يكفي لبث الخوف في قلوب المنافسين، فكيف الآن وهو مع اليوفنتوس وبمجموعة من خيرة اللاعبين في دنيا الكرة حينها!؟

بعد فترة الكالشيوبولي، مر اليوفنتوس بفترات وهن وعدم اتزان، ودخل في مرحلة يدركها تماماً من عاشها، من حيث الإنهيار والضياع، وذلك من خلال خروج أغلب نجوم الفريق ومعهم كابيلو وبقاء مجموعة ممن تعرفهم جماهير السيدة العجوز اليوم “بأساطير الوفاء” والذين رفضوا أن يتركوا مركب المجد البيانكونيري يغرق ويضيع.

تدريبياً في تلك الفترة الصعبة وبعد رحيل كابيلو، كان التنقل بين أسماء ديشامب، رانييري، فيرارا، زاكيروني، ديل نيري حتى الوصول لكونتي.. وهي أسماء كانت مقبولة لفريق يلتمس طريق العودة للبطولات، والتي تاه وضاع عنها لسنوات وسنوات.

في تلك الفترات الصعبة كانت الأسماء التدريبية التي قادت مركب اليوفي كلها بنفس المستوى، وكان جلبها من باب المقامرة والمغامرة، لأن الأهم كان إعادة الفريق لطريق البطولات والإنتصارات بعد سنوات من الضياع والبحث عن الذات.

كونتي كان تعيينه هو الآخر في حينها مقامرة، لكنه ومن موسمه الأول حقق الأهم!
عودة إلى البطولات، بناء فريق قوي، وخلق حالة من السطوة البيانكونيرية على عموم الكرة الإيطالية، فكانت عودة يوفنتوس الذي يُحبه العشّاق، يوفنتوس الذي يعرفه أهل الكالشيو، يوفنتوس الإنجازات والبطولات!

كونتي وبعد 3 سنوات كتب فيها تاريخاً جديداً وسطّر ملاحم محليّة تاريخية يعتبر اليوم المدرب الوحيد الذي يخرج من اليوفنتوس قوياً وبطلاً!

الكل خرجوا بعد مواسم متواضعة، أما هو فخروجه كان بعد موسم تاريخي للفريق حطّم فيه كل الأرقام ووصل به إلى أعلى المستويات، ليكون أليجري هو المدرب الأول لليوفنتوس الذي سيخلف مدربا حقّق الكثير، وهنا ربما سيستشهد البعض بتجارب أندية خارجية مثل تجربة بايرن ميونح وهاينكس واستبداله بجوارديولا، ولكن تلك الحالة لا تطابق واقع اليوفي بل إن الأمر مختلف تماماً، حيث أن خروج هاينكس كان ليأتي مكانه رجل له صيت وحقق إنجازات كبيرة مع برشلونة، فكان قدوم جواردويلا يشكل هالة أمام لاعبي البايرن، وذلك لبطولات الرجل وأرقامه القياسية التي حقّقها مع النادي الكتالوني.

عموماً .. فإن أليجري سيكون أمامه عمل كثير وصعب.. يبدأ من غرفة تبديل ملابس اليوفنتوس والتي أراها ستكون الإختبار الأصعب، إذ أن الأمر سيحتاج منه الحزم والعمل بقوة لضبط الفريق ومن فيه، خصوصاً أنه أتى بعد رجل حديدي بشخصية فولاذية اسمه كونتي!

هذه العقبات وغيرها تجعل مهمة أليجري في يوفنتوس معقدة وتحتاج للكثير من العمل، وبالتحديد من ناحية قبول اللاعبين أولاً والجماهير ثانياً، فهل سينجح الرجل في مهمته؟
هذا ما سينتظره الجميع على أحر من الجمر !

التعليقات مغلقة.