أحمد سليمان: من يقف وراء هذه الحملة المسعورة؟
الاحتفال بميلاد حزبنا (بشفرو ) أثار موجة من الانتقادات غلبت عليها لغة التخوين والتشكيك ،و هي امتداد لمواقف مسبقة تشكلت عبر تاريخ الحركة منذ التأسيس وحتى تاريخه باستثناء بعض الاّراء التي أرادت ان تقيًّم الاحتفال شكلا ومضمونًا بلغة نقدية نحترمها قد نختلف معها في نفس الوقت ، تركزت الانتقادات في أمرين أولهما حضور السيد محمد الفارس ، وما يثار حول دوره السلبي في احداث ٢٠٠٤ ، وكذلك في احداث قامشلو الأخيرة .نحن لسنا بصدد الدفاع عنه وهو الذي يتبرأ عمّا يقال عنه في العلن ، لكنه ومن خلال التواصل معه يبدي الإيجابية في تحمل مسؤلياته والمساهمة في تعزيز السلم الأهلي في مدينة القامشلي كون معظم أبناء عشيرته يقطنون فيها ، وهو من الموالين للنظام ولا يخفي ذلك بالمطلق .
الأمر الآخر غياب العلم الكردي عن الاحتفال وهو ما حصل بالفعل .
بالنسبة للأمر الاول ، ومع تفهمنا لمشاعر ومزاج البعض من الكرد ، إلا أننا ننطلق في موقفنا السياسي من مصالح شعبنا ، وتأمين سلامته في الوقت الذي يتمدد الخراب والدمار في سوريا ، والمناطق الكردية ليست استثناء ، وكوباني شاهد حي على ذلك، والكارثة التي ألمت بأبنائها ،واستمرار القتل والتدمير في شيخ مقصود ، من هنا وفي ظل واقع انسداد أي أفق لحل سياسي للأزمة في سوريا ، تقع على عاتق الحركة السياسية الكردية ، و كذلك مؤسسات المجتمع المدني ، مهمة الحفاظ على السلم الأهلي في المناطق الكردية ، وهذا لن يحصل إلا من خلال تأمين شبكة علاقات وتواصل وحوار دائم بين مكوناتها، لأن الصراع بينها يشكل التهديد المباشر الثاني لاستقرار المنطقة بعد تهديد المنظمات الإرهابية ، التي تتربص وتنتظر أي ثغرة لتدخل المنطقة ،و تنشر فيها الخراب والقتل ، وتهدد الوجود الكردي فيها ، من هنا فإن تحقيق السلم الأهلي لن يتحقق بإقصاء أي مكوّن ،لا بل بالتواصل بين كل المكّونات ، وهذا يصب في مصلحة الجميع ، والكل يدرك إن السلم الأهلي لا يعني الموقف أو التوافق السياسي، و أنما هو حاجة للمجتمع ويجب ان تشمل الجميع المعارضة والموالاة وغيرهما ، أما الحالة السياسية تبنى على أساس مصالح واهداف القوى السياسية ، وهي تعني البعض ، وتغني عن البعض الاخر ،وفق تلك التوافقات والمصالح السياسية ، و ينسحب ذلك على المكون الواحد أيضا ، و دأب حزبنا و منذ البدايات على التواصل مع الجميع ، و كانت مناسباته دائما تشكل خيمة لاجتماع الجميع ،و لم نستثني احدا من دعواتنا ، وساهمنا بذلك في بناء أسس يمكن الاعتماد عليها للحفاظ على السلم الأهلي ، و لم يأت ذلك على حساب موقفنا السياسي بشأن قضايا بلدنا سوريا وحقوق شعبنا الكردي ، و لا شك أن الأستاذ حميد درويش لعب دورا متميزا في هذا التواصل ، ولا يزال يؤثر بشكل إيجابي في توفير سبل العيش المشترك ، ويحظى بثقة خصومه قبل أصدقائه، وعلى الجميع أن يكون سندا لهذا الجهد ، وداعما لهذا التواصل خاصة في هذه الظروف العصيبة ، التي تدفع أبناءنا لليأس والهجرة ، وبمجتمعنا نحو التمزق و التخلي عن روح المقاومة والتمسك بمقومات الدفاع عن حقوقنا ومستقبل أبنائنا .
لا اعتقد أن أهمية العلاقة مع السيد محمد الفارس ، وهي على صعيد المنطقة ترتقي الى مستوى العلاقة مع شخصيات في المعارضة السورية والتي تتصرف على أساس أنها تمثل الشعب السوري وتشترك مع النظام والمجتمع الدولي من اجل بناء سوريا ديمقراطية ، ولكنها تتجاهل حقوق الكرد ومطاليبهم ك (اسعد الزعبي )وغيره الكثيرون من الذين يختلفون فيما بينهم كمعارضة في كل شيء ،ولكنهم يتفقون ومع النظام على حرمان الكرد من حقوقهم ،ومع ذلك وفي هكذا وضع مصيري يتم تجاهل الأمر ويتم التركيز على احتفالية ؟!!!!!! ، حضرتها شخصيات تأثيرها محلي يمكن تداركه في أي وقت ، علما أن الكلمات التي ألقيت في مجملها عبرت عن موقفنا من شكل مستقبل سوريا القادم وحقوق شعبنا الكردي بوضوح تام .
اما بخصوص العلم الكردي نحترم ونجل هذا العلم ، ولا نحتاج في ذلك للدفاع عن أنفسنا ، ونظرة سريعة لشعار حزبنا يتضح أنه يتشكل من عناصر وألون العلم الكردي ، ومن جهة أخرى بات رفع العلم الكردي بالشكل الذي يطرح من البعض من أسهل الأمور ، لأن الوضع تغير عما كان عليه في السابق ، وهنا كي لا نزاود على أحد ونكون صادقين مع شعبنا ، نؤكد أننا وقبل ٢٠١١ وفي مناسباتنا الحزبية والقومية كنّا نتحفظ على رفع العلم ، ولأسباب مختلفة في غالبيتها تندرج في سياق التقييم السياسي والقانوني للأمر ،بعد ٢٠١١ وفي الكثير من المناسبات والندوات التي أقمناها كنّا نضع العلم الكردي ، وكما قلنا هو امر ممكن وسهل ، ولكن في هذه المناسبة تم الأمر بقرار ورسالة أردناها للتأكيد على احترام خصوصية الكرد في سوريا ، ومتى ما تقرر دستوريا ومن خلال مؤسسات دستورية وطنية عامة ، وكردية خاصة بتبني علم ورمز كردي فإننا لن نتردد في الالتزام بها ، علماً أننا في الحزب وعند التصويت على أي علم كردي فإننا سنختار العلم الذي رُفع لأول مرة فوق جبال آرارات وهو العلم الذي لم يُرفع في أقليم كردستان العراق إلا بعد اعتماده من قبل برلمان كردستان وإقراره في دستور العراق في ٢٠٠٤، وفي المؤتمرات الثلاثة للمجلس الوطني الكردي لم يتقرر اعتماد إي علم ، وعند تشكيل الهيئة الكردية العليا تم اعتماد شعار لها ، ولم تعتمد أي علم لها وذلك لأنها رأت آنذاك إن هذا الأمر يحتاج إلى مؤسسات شرعية أو استفتاء يقرر ذلك .
ومن هنا فإن ما يثار من جدل على مواقع التواصل، وفي إطار استهداف العقل الكردي، وتغيبه، إنما هو خطر يدركه من يقوم به بوعي ،ولا يدركه للأسف من يتصرف بمزاج وعفوية وعاطفة ، و نحن في التقدمي الكردي لن ننحاز إلا للغة العقل ، ومصالح شعبنا ،وهذا لا يعني إننا لا نخطيء ، ولكننا عند معرفتنا بالخطأ نملك كل الجرأة في الاعتراف بها والاعتذار لشعبنا عنها .
وأخيرا ندعو هؤلاء الذين نعرفهم جيدا وندرك ماذا يريدون ، التخلي عن ذلك السلوك الديماغوجي ، و نسألهم هل حققوا شيئا لشعبناعبر ذلك غير الخذلان و التشرذم في صفوف الحركة .
احمد سليمان : عضو الهيئة العاملة في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكرديفي سوريا
قامشلو : ٢٠ / 6 / ٢٠١٦
عن موقع “الديمقراطي “.
التعليقات مغلقة.