واشنطن بوست : ديمرتاش: على الحكومة الأمريكية الاعتراف سياسياً بـ روجآفا
كان توجد وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، في جنيف السويسرية، الاثنين الفائت هدفه تحقيق مزيد من التقدم في محادثات السلام الخاصة بالنزاع في سوريا، وباتت عملية وقف إطلاق النار التي أعلنت في شباط\فبراير الفائت وتمت بوساطة أمريكية – روسية في حالة مزرية وذلك بسبب استمرار قصف النظام وسحقه للمناطق المدنية المحاصرة وبشكل خاص في مدينة حلب والمناطق المحيطة بها. وأعلن مسؤولون روس وسوريون نيتهم توسيع حالة “نظام الهدوء أو التهدئة” في أكثر مناطق البلاد التي تعد نقاط اقتتال ساخنة. ويدفع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري الأمور نحو عقد اتفاق هدنة لإيقاف العنف في حلب، المدينة التي تعرضت مستشفيات المدنيين فيها خلال الأسبوع الفائت، لضربات جوية عنيفة من قبل قوات النظام السوري. ويقول كيري للصحفيين قبيل اجتماع مع وزير الخارجية السعودي “اقتربنا من الوصول إلى نقطة تفاهم ولكن لدينا بعض العمل للقيام به، وهو الأمر الذي يوضح وجودنا هنا في جنيف”.
وهنالك طرف رئيسي مستبعد حتى الآن، من محادثات السلام السورية في جنيف. الكرد السوريون الذين يتم قيادتهم من قبل وحدات حماية الشعب YPG، القوة الأكثر بروزاً لم يُمَثلوا حتى الآن في محادثات السلام. وهذا يأتي على الرغم من حقيقة سيطرة الوحدات وجناحها السياسي، حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، على مساحات واسعة من الأراضي، شمال سوريا وتتواجد الوحدات في الخطوط الأمامية ضد تنظيم “داعش” الذي تعاني المناطق الواقعة تحت سيطرته من الدمار والخراب. وتقوم وحدات حماية الشعب والقوات المتحالفة معها وبسهولة بضم المساحات “المحررة” إلى المنطقة المعروفة لدى الكرد باسم روج آفا. وأفصح مسؤولون كبار من حزب الاتحاد الديمقراطي عن نيتهم تحويل روج آفا إلى منطقة فدرالية ضمن الخارطة السياسية السورية الممزقة بالفعل. وقوبل إعلان الفدرالية برفض من دمشق، أما الولايات المتحدة الأمريكية فتعاملت مع الإعلان بفتور، وتعمل واشنطن على إيجاد توازن يناسب مصالحها في محاربة تنظيم “داعش” من خلال التهدئة مع حليفتها تركيا والتي لا يمكن أن تتقبل وتهضم مسألة قيام دولة كردية منفصلة على الجانب الآخر من حدودها.
ورغم ذلك، يعتقد آخرون على أنه وبدلاً من وضع العثرات أمامهم، فإنه من المرجح أن يوفر تقدم الكرد السوريين أساساً للحل في سوريا، وهو كلام قريب مما قاله الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطية HDP، صلاح الدين ديمرتاش، الأسبوع الفائت وذلك خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وصرح ديمرتاش لـ الواشنطن بوست الأمريكية خلال تواجده في إحدى فنادق العاصمة الأمريكية يوم الثلاثاء الفائت قائلاً “في سبيل الحفاظ على الاستقرار، من المهم أن تقوم واشنطن بالاعتراف بحقيقة روج آفا. هي منطقة آمنة داخل مستنقع من عدم الاستقرار. فقط من خلال اتخاذ ذلك كنقطة بدء يمكنك الوصول إلى الحل والاستقرار في سوريا.”
ويعتقد الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطية (أحد أبرز الأحزاب المعارضة في البرلمان التركي) ، صلاح الدين ديمرتاش على أنَّ منطقة الحكم الذاتي التي يتم قيادتها من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي من شأنها أن توحد وتتضمن السياسات اللازمة لإصلاح ما تبقى من سوريا التي مزقتها الحرب. وأكمل ديمرتاش حديثه بالقول “هم يبنون ديمقراطية تعددية هناك، ويمنعون تقسيم سوريا كما يمنعون ظهور ديكتاتورية جديدة في البلاد. كما وتعد روج آفا ضربة ضد إيديولوجية داعش، لأنهم يؤمنون بالنظام العِلماني.”
ويعتبر موقف ديمرتاش المتعلق بروج آفا وحزب الاتحاد الديمقراطي أمراً مرفوضاً بشدة من قبل الحكومة التركية والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان. وخلال زيارة له إلى واشنطن في نهاية شهر آذار\مارس الفائت، حثَّ الرئيس التركي الغرب على رؤية عنف المجموعات الكردية الانفصالية في تركيا بشكل مماثل لإرهاب تنظيم “داعش”. وازدادت حملات الدعاية السياسية المؤيدة لأنقرة في العاصمة الأمريكية، واشنطن والتي كانت تقول إن حزب العمال الكردستاني المحظور لا يختلف عن وحدات حماية الشعب أو حتى عن الإسلاميين المتطرفين. وهي الرؤية التي لا تشاركها واشنطن مع أنقرة، كما وقامت الولايات المتحدة بتزويد وحدات حماية الشعب بالدعم اللوجستي والعسكري في معاركها ضد تنظيم “داعش”.
وقال الناطق باسم الخارجية الأمريكية، جون كيربي، الأسبوع الفائت “وحدات حماية الشعب ليست مصنفة على لائحة المنظمات الإرهابية، ولم يتغير شيء حول موقفنا من حزب العمال الكردستاني” وجاء ذلك رداً على سؤال أحد الصحفيين في الجلسة الصحفية الاعتيادية. وانهارت عملية السلام (البطيئة) بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية، العام الفائت. وأدى استئناف الأعمال العدائية إلى فرض حظر التجوال في المدن الرئيسية، جنوب شرق تركيا، والتي تعتبر المكان الرئيسي لتركز أبناء الأقلية الكردية، كما وأدت إلى مقتل وجرح المئات. وتبنّت مجموعات كردية منشقة عن حزب العمال مسؤوليتها عن تنفيذ مجموعة من الهجمات الإرهابية في العاصمة التركية أنقرة.
وشكلَّ العنف كارثة لـ ديمرتاش وحزبه الذي وجد نفسه محاصراً بين القوميين الأتراك الأقوياء المرتبطين بالدولة وبين تجاوزات أخوته السابقين في الجبال. ويقول ديمرتاش “نحن لسنا الجناح القانوني لحزب العمال الكردستاني، نحن حزب سياسي مستقل تماماً. ولكن وبالتأكيد هنالك كثير من التداخل بين الناس الذين صوتوا لنا وبين الناس الذين يدعمون حزب العمال الكردستاني.” ووصف ديمرتاش حزب الشعوب الديمقراطية الذي يجمع بين القومية الكردية وبين السياسات اليسارية التعددية الأوسع كـ “بديل للعنف” في البلاد.
وتابع صلاح الدين ديمرتاش قائلاً “الكرد واقع موجود في كل دولة بالشرق الأوسط، في العراق، تركيا وسوريا هم يحاربون على الخطوط الأمامية ويناضلون في سبيل الديمقراطية.” ولكنه جادل بالقول إن أردوغان وبدلاً من رؤية المطامح الكردية كفرصة، نظرَ إليهم كتهديد. وفي نهاية لقائه قال ديمرتاش “هنالك صراع إيديولوجي أساسي بين الكرد وأردوغان، وهو شخص إيديولوجي تركي إسلامي، أردوغان يريد المسلمين الكرد تحت هيمنته. ولكن الكرد لا يقبلون ذلك.”
وصوّت العديد من الكرد المحافظين دينياً لصالح حزب الرئيس التركي (حزب العدالة والتنمية) خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي جرت في تشرين الثاني\نوفمبر الفائت، وذلك بدلاً من التصويت لصالح حزب الشعوب الديمقراطية. وتُجسّد الخلافات الكردية الداخلية بين الأطراف المتعددة، الوضع السياسي الراهن للكرد في كل من تركيا، العراق وسوريا.
ترجمة: المركز الكردي للدراسات
التعليقات مغلقة.