كلمة أحزاب كتلة المرجعية السياسية الكردية في سوريا في المؤتمر التأسيسي للتحالف الوطني الكردي في سوريا
الأخوات والأخوة الحضور..
تمر سوريا والمنطقة عامة بمراحل فاصلة ومصيرية، والظروف التي تشهدها المنطقة بالغة الخطورة وتتطلب إدراكاً تاماً بمجريات الأمور ونتائجها التي ستترتب عليها ومن الضرورة إبداء الاهتمام وبمسؤولية عالية باحتمالات وقوع تغييرات عميقة على مستوى المنطقة ما قد يغير حاضر ومستقبل الشعوب القاطنة فيها بشكل أو بآخر.
ومن منطلق المسؤولية الوطنية والقومية، واستكمالا لما بذلته أحزابنا من جهود خلال السنين الماضية في سبيل بناء وطن للجميع وترسيخ اسس نظام سياسي ديمقراطي وإيجاد حلول عادلة للقضايا الوطنية العالقة، لقد قامت أحزاب الكتلة ومنذ الاجتماع الأول للمرجعية السياسية الكردية بتاريخ 2014/10/22 بالعمل على تجاوز الخلافات بينها وبين مختلف الأطراف في سبيل إنجاح المسعى التاريخي المتمثل باتفاقية دهوك لتوحيد الصف الكردي، وسعينا للحفاظ على المرجعية السياسية الكردية بكافة الوسائل والسبل على اعتبارها إطاراً سياسيا جامعاً لمختلف التوجهات السياسية القومية للكرد في سوريا ورغم تعطيل عمل هذه المرجعية فقد استمرينا بالتواصل مع عدد من القوى الوطنية والكردية وكذلك مع القوى الكردستانية من أجل تحقيق الوحدة في الموقف والخطاب الكردي في سوريا في هذه المرحلة الحساسة، لنحدد معا موازين المرحلة الحالية ومتطلباتها، وندرك جيداً أنه دون تحقيق هذا الشرط لن نتمكن ككرد سوريا من السعي مع القوى الوطنية الديمقراطية في البلاد لإرساء أسس التوافق والعمل على إحداث التغيير الديمقراطي في سوريا، الذي ينهي مأساة السوريين، ويحقق الاستقرار المستدام في البلاد.
ورغم وعينا بصعوبة تشكيل جبهة كردية سياسية عريضة في الظروف الصعبة التي مررنا بها وفي ظروفنا الحالية نتيجة عديد من العوامل فقد سعت كتلتنا لتدعيم جهدها بإقرار مسودة لتشكيل إطار سياسي جامع لمختلف القوى الكردية في سوريا عبر عقد مؤتمر وطني كردي تتمخض عنه جبهة واسعة النطاق لتشكل بداية الانطلاق لتوحيد الصفوف وتجاوز الخلافات والسير نحو المشروع الوطني، وحاولت الكتلة بهذا الصدد اللقاء بمختلف الأطراف، وطرقت أبواب الجميع أكثر من مرة ودون استثناء لإقناعها ولكن دون جدوى.
وحتى يكتب النجاح لهدفنا ونتجنب أي فشل تاريخي لابد من تهيئة الظروف الذاتية ومراعاة الظرفين الدولي والإقليمي، إلا أن حالة الانقسام والنزوع للتخالف والتباعد تحول بيننا وبين الآمال الكبيرة التي يعلقها شعبنا الكردي على حركته السياسية.
الأخوة الأكارم
بعد معاناة طويلة وتجاهل للحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا من قبل الحكومات المتعاقبة على إدارة الدولة السورية ونتيجة الاستبداد الذي طال عموم الشعب السوري انتفض هذا الشعب مطالباً بالحرية والكرامة ومنددا بسياسة القمع وكم الأفواه ومستنكراً استشراء الفساد في مفاصل الدولة.ومنذ انطلاقة الحراك الشعبي السلمي في آذار2011، قيّمنا هذا الحراك بأنه ثورة سلمية من أجل سوريا ديمقراطية تعددية برلمانية، و على هذا الأساس شاركنا فيها منذ اليوم الأول من أجل الوصول للتغيير الديمقراطي، ومن أجل انتزاع الحقوق القومية للكرد في سوريا، ومع اصرار النظام على الحلول الأمنية والعسكرية وبعد أشهر من عمرها تحولت الثورة السلمية إلى صراع مسلح متعدد الأطراف و بدأت التوجهات الطائفية تطفو على السطح، وخرجت الأمور عن مسارها الحقيقي، و يتحمل النظام والمعارضة ذات التوجهات المذهبية المسؤولية الرئيسية عن ذلك، و في مقابل ذلك و إزاء هذا التطور في مسار الثورة، فقد أكدنا من جانبنا على أننا جزء من الثورة السلمية بخصوصيتنا القومية وبالترابط مع توجهنا الوطني الديمقراطي السوري العام، و أكدنا بشكل خاص على وحدة الصف الكردي و حماية المناطق الكردية وتعزيز السلم الأهلي بين المكونات الأصيلة كرداً وعربا وسريان وآشوريين.
إن تجربة مداها أكثر من أربعة سنوات وفشل أطراف العملية السياسية في سوريا في التوصل إلى ما ينهي معاناة السوريين وجلب الاستقرار لهم، رغم عقد الكثير من المؤتمرات بدء من مؤتمر القاهرة ثم تشكيل أطر معارضة وعدم التوصل إلى التوافق السياسي الكردي والتدخلات الإقليمية المعادية كانت سبباً في فشل الحضور الكردي المناسب واللائق بقضيته خلال المؤتمرات الدولية كجنيف اثنان ومؤتمري موسكو ومن ثم فيينا وما تلاه من عقد لمؤتمر الرياض للمعارضة السورية وجنيف 3، إلى جانب فشل كل تلك المساعي في إيجاد مخرج للأزمة السورية فقد فشلت ايضاً في الإقرار بشكل صريح بالحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا وخصوصا في مؤتمر الرياض مؤخراً.
بناءً على ما تقدم ذكره؛ ترى أحزاب المرجعية السياسية الكردية أن المرحلة الحالية بحاجة ماسة جداً للتنسيق والعمل المشترك، من أجل إيجاد حلول ناجعة وحاسمة قدر الإمكان وضرورة أن تفكر جميع الأطراف بجدية ومسؤولية عالية بأهمية حضور واشتراك الكرد في اية مباحثات حول مصير ومستقبل سوريا بتمثيل يعبر عن خصوصية القضية الكردية ويحذونا الأمل بأن تكون هذه المسألة من أولويات مؤتمرنا اليوم.
الأخوة الكرام :
إننا اليوم ومع شركائنا في هذا المؤتمر من مختلف الفعاليات الثقافية والسياسية والاجتماعية قد وضعنا أهدافاً رئيسية سنسعى لبلورتها عملياً، وفي مقدمتها :
1- تكثيف الحوارات بين الفصائل والأطر الوطنية المختلفة, للوصول إلى الحد الأدنى من المشتركات, وليكن في المقدمة منها الإقرار بفشل الخيار العسكري, والقبول بالحل السياسي التفاوضي السلمي قولاً وعملاً ونبذ العنف ومحاربة الفكر الإرهابي والمتطرف بكافة أشكاله ومسمياته.
2- صياغة مشروع دستور توافقي جديد لسوريا ينسجم مع طموحات ومصالح الشعب السوري بكافة مكوناته عربا كرداً سريان وآشور.
3- الإقرار الدستوري بالهوية القومية للشعب الكردي في سوريا وإيجاد حل عادل لقضيته وفقاً للمواثيق والعهود الدولية ضمن إطار وحدة البلاد .
كذلك فإننا نؤكد على :
أولاً -الارتكاز إلى الأرضية الوطنية السورية في عملنا والالتزام بقضية ومصالح شعبنا الكردي وترسيخ استقلالية الحركة الكردية في سوريا وحمايتها من التجاذبات الإقليمية خصوصا مع ما بدأ يتكشف من مواقف معادية للقضية الكردية خصوصا الموقف الرسمي التركي.
ثانياً- اعتبار الإدارة الذاتية القائمة ضرورة مرحلية من الواجب حمايتها وتطويرها وتوحيد مقاطعاتها الثلاث وتعزيز القدرات الدفاعية لوحدات حماية الشعب (YPG) والإقرار بدورها في الدفاع عن مناطقنا وحمايتها من إرهاب داعش والنصرة وغيرهم من الفصائل التكفيرية، كما نعتبر الملاحم البطولية التي سطرتها في كوباني شطراً رئيسيا في مسيرة الشعب السوري نحو الانعتاق والتحرر وتحقيق الديمقراطية.
كما أننا نؤكد لكم بأنا يدنا ستبقى ممدودة لكل الأطراف وسنستمر في سعينا لتقريب وجهات النظر وحل أي خلاف من أجل المصلحة الوطنية والقومية.
ختاماً ..
الأخوة مندوبي المؤتمر من شخصيات مستقلة وفعاليات …
لقد عملنا نحن الأحزاب الخمسة بروح رفاقية عالية وكان التعاون الصادق عنواننا الرئيسي وقدمنا ما بوسعنا وهيئنا الظروف خلال عام كامل من التنسيق بين أحزاب المرجعية لإنضاج هذا المشروع السياسي الذي نتشارك فيه معكم اليوم ونضعه أمامكم وكلنا ثقة بأنكم ستكونون عوننا لنا في إكمال هذه المسيرة وفي تحمل المسؤولية إزاء هذه المرحلة المصيرية.
ضيوفنا الأكارم عربا سريان وآشور:
كنا وما زلنا نصر على أن نسيجنا الاجتماعي بخير وأنه سينتج نسيجاً سياسيا وطنياً سليماً، وقد وضعتم الدليل اليوم بحضوركم جلستنا هذه ونحن نؤكد لكم بأن مشروعنا سيكون رافداً حقيقياً للمشروع الوطني باتجاه بناء سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية.
أشكركم جميع لتكلّفكم عناء الحضور، وأقول حللتم أهلا بين أهلكم، ولتعودوا سالمين إنشالله.
التعليقات مغلقة.