البارزاني يتجاهل الضغوط الدولية والإقليمية ويصر على الاستفتاء

23

186946لقد سمعنا في الأيام القليلة الماضية، بعض التصريحات اللا منطقية والغير منصفة من قبل بعض السياسيين في الداخل وبعض المسؤولين الإقليميين حول حق شعب كردستان في تقرير مصيره عبر الاستفتاء الشعبي، وأبدوا اعتراضهم حول هذه المسألة، بل وقفوا ضد هذا الحق الطبيعي لشعب كردستان.

قبل كل شيء، إن وجود شعب و قومية باسم الكرد في الشرق الأوسط، هي حقيقة لا يمكن إنكارها ويستطيع شعب كردستان كجميع الشعوب في العالم أن يمارس حقه الطبيعي الذي منحه له الله ولايمكن إنكار هذه الحقوق تحت أية حجة أو مبرر. و ستستمر المشاكل وتزيد كلما استمر إنكار هذه الحقيقة، وبالعكس، إن تم الاعتراف بحقيقة وجود شعب كوردستان وحقوقه المشروعة، ستقل المشاكل وسيتحقق الاستقرار في المنطقة.

وإن انتظر شعب كردستان أن يمنحه ويهديه الآخرون حقه في الاستقلال، فلن يتحقق هذا الاستقلال أبداً وبكل تأكيد. ولهذا الحق وجود ويجب أن يطالب به شعب كردستان وأن يمارسه، ويجب على الجميع أن يعلموا هذه الحقيقة، إن خارطة منطقتنا تم رسمها دون الأخذ برأي شعوبها و مواطنيها الأصليين وتم تقسيمها رغم عن إرادة سكانها، وبالأخص في كردستان، وهذا ما أدى إلى ظهور الكثير من المشاكل الكبيرة وازدادت هذه المشاكل عمقاً خلال مئة عام من الحروب والإنكار وعدم الاستقرار.

ويعلم المتسببون بهذا التقسيم، حجم الخطأ الذي ارتكبوه لكنهم غير مستعدون للاعتراف بفشل سياستهم خلال القرن الماضي، وليس من العدل أبداً أن يتم تجاهل حقوق هذا الشعب من أجل إرضاء الآخرين ومراعاة مصالحهم، هل يسمحون لأنفسهم أن يضعوا عوائق أمام شعوبهم ويوقفوا تطور وازدهار الشعوب التي ينتمون إليها؟

لشعب كردستان كافة المقومات والخصوصيات الجغرافية والتاريخية والإنسانية التي تؤهله ليكون دولته المستقلة، شأنهم شأن سكوتلندا وكتلونيا وكيوبيك وبقية الأقاليم والمناطق الأخرى التي لها الحق في تقرير مصيرها، يجب أن تعطى لكردستان أيضاً نفس الفرصة ليقرر مصيره، وهذا شيء لا نقاش فيه.

ومن العجيب حقاً أن نسمع من البعض من سياسيي الداخل، مبررات لإنكار حق الشعب الكردي في تقرير مصيره ويدعونه لتأجيل البت في هذا الأمر ويطالبون بتهيئة الأرضية المناسبة للاستفتاء، في حين أن الإتيان بهذه المبررات والحجج لا تدل إلا على التردد وعدم الاعتراف بالحقوق العادلة لشعب كوردستان.

إن إصرار البعض ممن هم في الداخل على عدم إجراء الاستفتاء نابع من إيمانهم الكامل بأن هنالك فرصة ذهبية لتقرير مصير هذا الشعب ويريدون إجهاضها، ثم يدعون أن القيادة السياسية في كردستان أضاعت فرصة ثمينة سنحت لشعب كردستان لتقرير مصيره ولم تستغلها.

لقد حان الوقت لشعب كردستان أن يقرر مصيره عن طريق الاستفتاء، وأن الفرصة الآن مناسبة جداً لاتخاذ هذا القرار، ولا يعني الاستفتاء أن يعلن شعب كردستان دولته فور ظهور النتائج، بل يعني أن يعرف الجميع ما الذي يريده شعب كردستان لمستقبله وكيف سيختار مصيره وأن القيادة السياسية في كردستان ستنفذ إرادة وقرار الشعب في الوقت المناسب.

إن تقرير المصير والاستفتاء الشعبي، يجب أن يكون في إطار سلمي وبشكل يتناسب مع متطلبات هذا العصر من أجل إحلال السلام والاستقرار للمنطقة وإعادة الحقوق لأصحابها بعيداً عن العنف وعن طريق التفاهم والحوار، ولا يشكل هذا الاستفتاء أي تهديد ضد أي شخص أو أية جهة.

إن إرادة شعب كردستان، كانت سبباً في الاعتراف بالأمر الواقع فيما يتعلق بمسائل الفدرالية ورفع علم كردستان على الرغم من وجود الكثير من الاعتراضات الخارجية، ولم تشكل هاتين المسألتين أي تهديد ضد أية دولة أو جهة، وإن من ينظر اليوم للحقوق العادلة لشعب كردستان بهذا الشكل المهين وبانعدام الضمير، ماهو إلا شخص لايريد الاستقرار والسلام ولا أساس أبداً لوجهة نظره.

لقد شهدت منطقتنا الكثير من الحروب والكوارث، وإن التغييرات قادمة لا محالة وهي في الطريق، ولم يكن شعب كردستان سبباً في هذه التغييرات والكوارث بل كان دوماً ضحية للآخرين، لمن عرض المنطقة للكوارث والصراعات. وبعد كل هذه التضحيات والكوارث التي مرت على المنطقة، أصبح لزاماً على شعب كردستان أن يقرر مصيره ومن واجب كل كردستاني وطني مخلص أن يكون على مستوى المسؤولية التاريخية وإرادة هذا الشعب، وأن يستعدوا للمراحل القادمة وأن يقفوا مع مطالب هذا الشعب وممارسة حقوقه.

إن إنكار حقوق شعب تعرض للكثير من المآسي وسلبت منه حقوقه، لا يتحمل أية حجج أو مبررات ويجب أن نؤمن جميعاً وبدون تردد بحق شعبنا العادل في تقرير مصيره.

 

رئاسة إقليم كردستان

التعليقات مغلقة.