مذكرة… وتواقيع…وجنيف
ازداد الحديث مؤخرا بين مؤيد ومعارض لحملة التواقيع والمذكرة التي سيرفعها المجلس الوطني الكردي في سوريا إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لإدراج القضية الكردية في سوريا على جدول عمل مؤتمر جنيف3 . لدعم الوفد الكردي في جنيف، وقبل الحديث عن إدراج القضية الكردية على جدول العمل، لا بد من التوقف عند بعض الأمور. أولاً مع كل الاحترام والتقدير لممثل المجلس الوطني الكردي في الائتلاف الوطني السوري، الذي يشارك وفد المعارضة المنبثق عن مؤتمر الرياض، هل هناك وفد كردي في جنيف؟. هل وجوده و وجود شخص آخر يعتبر وفداً ؟. هل هو ذاهب ” ذاهبون ” للدفاع عن القضية الكردية كقضية شعب؟. أم يمثل وفد المعارضة للحوار مع وفد النظام لإيجاد الحلول الأزمة السورية، ومن بينها فيما بعد القضية الكردية ، كقضية وطنية بحاجة إلى حل شامل وعادل كغيرها من القضايا الوطنية.
وهل نستطيع مقارنة وجوده ضمن وفد المعارضة في جنيف3 بتمثيل المجلس الوطني في جنيف 2 حيث تم انتخاب ثلاثة أشخاص من المجلس الوطني الكردي كممثلي المجلس ضمن 15 شخصاً أي كان نسبة الكرد 20% من الوفد. ؟. أما في جنيف 3 فمن أصل 34 عضواً هناك ممثل كردي واحد في الهيئة العليا للمفاوضات، وعضو كردي واحد ضمن الهيئة المفاوضة بين 17 شخصاً أي ما نسبته 3%.
النقطة الأخرى هل ادراج القضية الكردية في سوريا على جدول كاف لحلها ؟. وهل رفع توقيع أكثر من “600ألف ” أو مليون مواطن كردي في سوريا كاف لموافقة النظام والمعارضة على تلبية مطالب الكرد في سوريا ورفع الغبن التاريخي عنهم؟. وهل الأمم المتحدة والنظام وحتى المعارضة السورية بكافة تلويناتها السياسية والمسلحة المعتدلة والمتشددة بحاجة لمن يذكرهم بالقضية الكردية؟.
قطعا الجواب لا؟.
فالقضية الكردية في سوريا هي قضية شعب يشكل أكثر من 15% من مجموع السكان في البلاد، وتناضل الحركة السياسية الكردية في سوريا منذ أكثر من 60 سنة من أجل حلها وتأمين الحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا. وبذلت كافة الجهود النضالية السلمية من أجل حلها، وتعرض كوادرها وقياديها للاعتقال والسجون والنفي، ومن هنا فهذه المذكرة بحاجة إلى خطوات عملية تكتيكية مدروسة وفعالة لتجد طريقها إلى التنفيذ.
منها أن هذه المذكرة يجب إعدادها بدقة وترجمتها إلى أكثر من لغة تتضمن معلومات تاريخية واجتماعية عن الكرد ومناطقهم في سوريا، وتعدادهم، ودورهم التاريخي في بناء الدولة السورية، والظلم والاضطهاد الذي تعرضوا له منذ الاستقلال، وخاصة في نظام البعث وحتى الآن ، مرفقة بخرائط ووثائق وشواهد تاريخية.
بالإضافة إلى وجود وفد كردي وفريق عمل من الخبراء والمستشارين منظم ذو خبرة سياسية وقانونية وحتى لغوية للتواصل مع الأطراف الدولية ووسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية، وإقناع وفد المعارضة شريكه في المفاوضات لتبني وجهة النظر الكردية والدفاع عنها، لا أن يعارض المطالب الكردية ويتهرب منها ويؤجلها إلى ما بعد ايجاد حل للقضية السورية ويتحجج بعرضها على الاستفتاء العام، أو الانتخابات العامة.
ولمساعدة الوفد الكردي المفاوض مهما كان حجمه أو عدده هناك ضرورة لوجود لوبي كردي ضاغط إلى جانب الوفد الكردي سواء أكان هذا اللوبي من بعض دبلوماسيي الدول الكبرى، أو من رجال الأعمال والأكاديميين والناشطين الكرد في أوروبا، يتواجد هو الآخر في جنيف للتواصل مع ممثلي ومندوبي الدول المشاركة المؤثرة في مفاوضات جنيف. وعدم الاعتماد على المظاهرات والاعتصامات في جنيف .
ورغم استبعاد وفد حركة المجتمع الديمقراطي “Tev-Dem” حتى الان من المشاركة في جنيف3 إلا أن هناك احتمال وجود أكثر من طرف كردي في المفاوضات مستقبلا في المفاوضات سواء من المجلس الوطني الكردي في سوريا أو حركة المجتمع الديمقراطي ((Tev-Dem)) أو الوفد النسوي المزمع مشاركته في المفاوضات ، وربما بعض الشخصيات الكردية المستقلة ضمن وفد المعارضة أو ربما في وفد النظام، لذلك لا بد من بذل الجهود لتنسيق المواقف والرؤى والاتفاق بين الجميع أو ” الغالبية بالتوافق” على آليات طرح القضية الكردية كقضية قومية ووطنية بحاجة إلى حل، لأنه من المستحيل حل الأزمة السورية دون إيجاد حل للقضية الكردية.
ولتوفير مقومات النجاح للمفاوض الكردي في جنيف ومهما بلغ حجم التمثيل سواء ابقي كما هو الآن ( أي مندوب واحد من المجلس الوطني الكردي ضمن وفد الائتلاف الوطني )، أو تم إضافة ممثلين عن حركة المجتمع الديمقراطي، أو ممثلين عن فعاليات المجتمع المدني لا بد من العمل سويا، وبشكل جدي لتنسيق المواقف والاعتماد على القواسم المشتركة التي تضمن حقوق الشعب الكردي في سويا، وتحقق آمال وطموحات هذا الشعب الذي تعرض لكافة صنوف القهر والاضطهاد منذ تأسيس الدولة الوطنية.
ومن هنا فالمذكرة والتواقيع وحتى ادراج القضية الكردية على جدول أعمال نيف3 غير كافية، وتحتاج إلى جهد دبلوماسي كبير وكثيف.
نتمنى ان يكون الوفد أو الوفود الكردية على قدر المسؤولية والآمال المعقودة عليهم.
نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 36 بتاريخ 2016/2/1
التعليقات مغلقة.