حوار مع الشاعر السوري إبراهيم حسو
1- كيف بدأت كتابة الشّعر؟
لم أبدأ بعد, ولا أعرف إن كان للشعر افتتاحية أو خاتمة, مثول أو غياب, لا أحد أبدا يتذكر كيف كتب أول حرف شعري في حياته, ليس للشعر طريق نسير فيه أو نمزعه كما نمزع العدم, ليس الشعر طائرًا فارًا من قفص الله, نتصّيده ونجهز عليه كيفما تشاء الطبيعة نحن نعبر السماء بجناحين مضحكين, لم أبدأ بعد في التقاط الخريف من حياتي, ولم يبدأ الربيع ضاحكاً في كفي, ولكني أذكر دهشتي الخرافية الأولى وأنا أقرأ اسمي تحت كلمات تناسقت على شكل سطور مندفعة مؤطرة بمستقيم (عامود) في صحيفة محلية بليدة ما عرفت فرحة تعادل فرحة نشر تلك السطور تحت اسم (شعر) أكانت تلك بدايتي؟ لا . لا بداية هنا سوى بداية السؤال عن معنى أن تكون كاتب شعر, كاتب الكلمات الخبيثة وهي تتلقى علومها من هامشها من لا معناها وان كنت لا أفرق كثيرا بين أن تكون الكلمات طاهرة أو غواية عبث لا استئناس معها.
2- ما هو الشّعر؟
خليّة نحل متنقلة أحملها معي أينما قذفتني البرية بمثاقيلها, الشعّر أماّرة بالجحيم, ريح مسلسلة بإتقان لا دخل لله في تركيبتها ولا دخل للعين واليد في منبتها الترابية, الشعّر ورق الضباب الذي يزن الهواء بقبان الكمال الجروح, الشعر اتخذني أخاطر في حياتي مثلما خاطرت من قبل بموتي المتأوه, بالوجيز العجول: الشعر اضطراب الكون في هنيهة حب هادرة.
3- كيف تنظر إلى تجربة شعراء عامودا والقامشلي وما مستقبل هذا الشّعر؟
الفضاءُ لعوبٌ, يتسعُ للجميع من كتب وثرثر, من أحبس أنفاسه في كيس قمامة, و مضى في شرح قريحته لمن أحب, شعراء بالجملة على أطراف الكلمات ينذرون المستقبل بالطيش الموشوم الحذر, أسماء راكضة صوب نهارات الشعر(علي جازو) في استذكاراته الناطقة لأسماء الهواء والمعدن والخيال الفضفاض و(جولان حاجي) شاعر الندم والإشراق والمخيلة المدللة كبياض أنثى, و(منير دباغ) الترابي النسغ, شاعر الشك الأول في القامشلي اللاخضراء, فضاء بالجملة بخواءٍ محموم عالق بين كلمات شعراء يبّددون الِرقة والهنيهة على طاولات النهار كلها, شعراء بالجملة يمتحنون أقدارهم وأقدار الزمن بأقلام مسننة يفّضون فرج العبث بلا هوادة.
4- ماذا يعني لك سليم بركات؟
علمني الخبث والسهر الدؤوب, و حراسة اللغة والإجهاز, سليم بركات يعني لي البرزخ الشعري كله.
5- أنت الوحيد الذي كتب عن – وادي الديازيبام – و- الحجحجيك-؟
لا….. هناك من قرأ الديازيبام أكثر مني وكتب أفضل مني.
6- الشّعر والكتابة بشكل عام وحياتك الواقعيّة اليوميّة، أيّة علاقة بينها؟
أعيش كليهما الشعر والحياة معًا جنبًا إلى جنب, ووجهاً لوجه, أحب حياتي أكثر من الشعر, الشعر بالنسبة لي مثل صديق بعيد كلما رأيته ازددت تعلقاً به.
أسئلة شخصيّة..
– هل تستطيع أن تعيش في مدينة أخرى غير القامشلي؟
عشت في القامشلي مطمئناً الى حياتي هناك في العماد المعتم من فردوس الشعر, أكتره القامشلي وأموت عليها, قامشلي جسدي المعطل الذي أحمله معي كيفما استلمتني ساقاي الى الشعر.
– ماذا تفعل أيّام العطل؟
أزاول الحياة على عنجهيتها كما يزاول الرُماة قذف الأقدار الى مشيئاتهم, أتفرّجُ على أعضائي من خرم الباب لأخوض قتال الموتى في استرجاع فحولتهم التي أكلتها الدود وشربت, أحب أن اسمع الهواء وهو على مرمى بصري, أمتزج فيه كأنني سمكة أُخرجت من الماء للتو, لا عطلة ( للأوكسجين ) إذاً …
– إن أزعجك شخص ما، كيف تتصرّف؟
أقذف وسائد الخليقة كلها في وجهه وانصرف لمهدأة قاتلة, لإغفاءةٍ استرُ بها قيافة حنقِ لا ينفكّ بعجالةٍ زائلة. أحّبُ العنفَ بحكمةٍ و أكرهُ الهدأةً مجبولة بخذلان أو جبن بغيض.
– ما هي أكلتك المفضّلة، فصلك المفضّل، هل أصدقاؤك كلّهم شعراء؟
آكل الأخضر واليابس من غراميل العجول المنتعظة, البرغل المحلاة باليانسون وزهر الفلفل المصنوع من وريقات, منها وأكلة اللحم الضان والحمص والبصل من غير قلى اللحم والبيض مذهبة تكبر في الفصول المجمدة خصوصاً الدارصينى والفلفل والخولنجان وملح السقنقور وبيض السمك ولحم السمك الصغار وبرد توبل بالزنجيل والدارفلفل والفلفل والقرنفل والدارصينى ونحو ذلك واللفتيه والجزريه ومايقع فيه أدمغة العصـافير والحمـام والسماق واللبن والهرائس والجواذابات والأرز باللبن واللحم بلبن الضان والبقول الهليون والجرجيروالكرات والخرشف والنعنع. من الفصول : أحب الضباب الذي يجلبه الربيع عادة لنا ونحن في عز الشتاء.
– إن تمّ منعك عن ممارسة الشّعر، بماذا تشغل نفسك؟
بالصراخ المجيد, بالطيران حول حقول المغناطيس التي تحاصر حياتي منذ دهور, بالانتظار القبيح لأن يشرق الضباب لكي نلاعبه ونمرغ أنفه في الريح, أشتغل بالوقت أغيّر مواقيته, والأحرى أمهله دائماً المزيد من وقتي.
– كم مرّة وقعت في الحبّ؟
لا اذكر أبدا, لم أقع!!
نشر ت في صحيفة Bûyerpress في العدد 35 بتاريخ 2016/1/19
التعليقات مغلقة.