زواج القاصرات ظاهرة تهدد بنية المجتمع

199
12575831_1206816865999824_2119490705_n
المحامي محمود عمر

مقدمة: لم يخلو من حالات فردية بحكم العرف والعادات إلا أن زواج القاصرات لم يتحول الى ظاهرة في مجتمعنا، إلافي السنوات الأخيرة والتي كانت من إحدى افرازات الأزمة السورية، وخاصة في مخيمات النزوح حيث أن ظروف الحياة القاسية والتي لا تناسب أسرنا جعلت من هذه الظاهرة تستفحل بشكل كبير

. فما المقصود بظاهرة بزواج القاصرات؟؟ وما هي أهم أسبابها؟ وآثارها؟ وما هي الحلول؟. قبل ان نخوض في ذلك لا بد أن نعرف الزواج وسن البلوغ . تعريف الزواج :عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعا غايته انشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل. المادة 1من قانون الأحوال السوري. اما سن البلوغ فقد لقي تعريفه جدلا واسعا بين فقهاء الشرع والطب والقانون وبين فقهاء القانون انفسهم، ففقاء الشرع يحددون هذا السن لدى الفتاة ببروز مظاهر الانوثة لديها ومن أبرزها الدورة الشرعية. بينما يرى الأطباء بأن ذلك غير كاف فلا بد ان يكتمل النمو الجسدي والعقلي لدى الفتاة حتى يمكن القول ببلوغها. وبين هذا وذاك جاء القانون ليحدد هذا السن و في معظم دول العالم بتمام الثامنة عشرة من العمر، ومن هنا يمكن تعريف زواج القاصرات بانه: زواج القاصرات :مصطلح يطلق على زواج فتيات لم يبلغن سن البلوغ.

اسباب ظاهرة زواج القاصرات: يمكن إعادة انتشار هذه الظاهرة الى مجموعة اسباب منها: 1ـ أسباب اقتصادية2ـ أسباب اجتماعية 3ـ أسباب سياسية وأمنية.

1ـ الأسباب الاقتصادية: ترتبط معظم الأسباب الاقتصادية بالفقر والحاجة حيث أن رب الأسرة وبعد هجراته المتكررة يصبح عاجزا عن تأمين مستلزمات الحياة اليومية لأفراد اسرته الكبيرة فلا يصدق بأن احدا يدق باب بيته طالبا يد احدى بناته ليجيب بنعم بصرف النظر عن التفكير بنتائج هذه الإيجاب. 2ـ الأسباب الاجتماعية :يأتي في مقدمة هذه الاسباب العرف والعادات ونظرة المجتمع الى ان الزواج ستر للفتاة وبخاصة ان ظروف الحياة في المخيمات لا توفر أدنى حدود هذا الستر، كما أن ازدياد عدد أفراد الاسرة وغياب الوعي وتفكك البنية التعليمية والجهل وعزوف الشباب عن الزواج والاستعمال الخاطئ لوسائل الإعلام ورغبة المراهقة من التخلص من مسؤولياتها وظاهرة البلوغ المبكر وارتفاع تكاليف تربية البنات والخوف من العار أو العنوسة وتقاليد المجتمع الذكوري والنظرة الدينية التي تحض على زواج الفتاة في سن مبكرة ورغبة الرجل الشرقي دوما في اقتناء فتاة صغيرة السن للزواج والتشريعات التي تجرم هذه الظاهرة جميعها من الأسباب التي تزيد من هذه الظاهرة. 3ـ الأسباب السياسية والأمنية: إن استمرار المأساة السورية يلقي بظلالها الكئيبة على مختلف مناحي الحياة وبخاصة في ظل غياب أي أمل بانفراج قريب مما يشعر الجميع في الداخل والمخيمات وبلاد الشتات بخيبة الأمل واليأس وهذه الظروف المقيتة والفلتان الأمني إضافة إلى الخلافات السياسية في مجتمعنا وغياب الاتفاق وازدياد التناحر ووجود الجماعات المسلحة الإرهابية في الأطراف والخوف على مصير الأسر ووجود التجنيد الإجباري وكون النساء عموما والفتاة على وجه الخصوص هي الحلقة الأضعف في النزاعات وخاصة المسلحة منها كلها عوامل تشجع على هذه الظاهرة.

  آثار زواج القاصرات: ان زواج القاصرة يعني ابتداء حرمانها من طفولتها وبالتالي حرمانها من العطف والحنان والرعاية في كنف الاسرة وحرمانها من التطور الطبيعي لحياتها وبخاصة في مجال التعليم ودفعها باتجاه عالم المرأة الغريب عليها فتراها منزوية مصابة بالقلق والاكتئاب غير مؤهلة للقيام برعاية زوج وعائلة مما يجعلها عرضة دوما للوم إن لم نقل الضرب كما أنها غير مهيئة من الناحية الجسدية للزواج مما يجعلها عرضة لأمراض عدة منها النزف والتمزق والعنف الجنسي والاجهاض المتكرر اذا ما حبلت كما أن الطفل الذي ينجبها يكون ضعيفا واهنا وعرضة للتشويه وسوء التغذية، كما أن الكثير منهن فقدن حياتهن أثناء الحمل أو الإنجاب لعدم اكتمال البنية الجسدية لديهن ومن نتائج هذا الزواج ازدياد حالات الطلاق وتفكك الأسر وحرمان العديد من الصغار من أمهاتهن كما أنه يزيد من حالات العنوسة في المجتمع لان القاصر قد اخذت فرصة فتاة اخرى ربما اكبر منها سنا وبالتالي فان هذا الزواج بالنتيجة يؤدي على مستوى المجتمع إلى تفككه وازدياد حالات الخصام بين أسره ويؤدي فيما يؤدي إليه إلى الجهل والأمية والتأثير السلبي على مستقبل الأجيال القادمة.

  اهم الحلول للحد من هذه الظاهرة: ربما يأتي في البداية التنمية الاقتصادية للأسرة وضرورة القيام بحملات وعي لبيان الآثار السلبية لهذا الزواج على الفتاة والاسر والمجتمع، ثم ضرورة ايجاد التشريعات الناظمة التي تجرم هذا الزواج ووضع عقوبات رادعة لكل من يشارك فيه ومن ثم تضمين مناهج التربية والتعليم لمواد تبين ضرر هذه الظاهرة وضرورة توعية الاسرة، وتحديد النسل وتهيئة المناخات الملائمة للزواج وتضمين مواد الاتفاقيات الدولية ذات الصلة في التشريعات الوطنية وبخاصة اتفاقية حقوق الطفل وسيداو واتفاقية مناهضة العنف ضد المرأة مع هذا وذاك يظل جميع هذه الحلول مؤقتة وترقيعية ولا تحل الظاهرة جذريا ما لم تقف المأسة السورية ونعيش في ظل دولة تقام على العدل والمساواة واحترام القانون يكون فيه الامتياز الاول والاخير للمواطن الانسان.

 

التعليقات مغلقة.