روجآفاي كردستان جيوغرافيا وتاريخيا
” أي مصطلح آخر غير روجآفاي كردستان سيكون في خدمة أعداء الشعب الكردي وإنكارا لحقيقة كردستان الكبرى”.
بدون النظر في عمق الحقيقة الاجتماعية والتاريخية للشعوب وأوطانها، سيكون من المحال خوض تجربة النقد الاصطلاحي للواقع الجيوغرافي والديموغرافي لها، إذ أن أي نقد اصطلاحي غير معتمد على الحقيقة لأي شعب أو مجتمع كان، سيكون بمثابة فقاعة هوائية تخرج من بحر الحقيقة التاريخية لذاك المجتمع،ولن يغير في واقعها الاصطلاحي شيئا سوى إملاء الفراغ الذي أحدثته تلك الفقاعة؛ وهذا يشمل الواقع الجيوغرافي والديموغرافي لكردستان أيضاً، ومن خلال التفكير في تجليات المجتمع الكردي تاريخياً؛ نجد إن هذا الشعب كان جزءاً لا يتجزأ من ايكولوجية وجيوغرافية تلك الأرض التي عاش عليها آلاف السنين، وظل متشبثاً بها رغم ما تعرض له من ممارسات القمع والإبادة وإنكار للوجود، من قبل الأنظمة المتسلطة عليه أرضاً وشعباً؛فعلى نقيض الشعوب الأخرى، فقد دافع هذا الشعب العريق عن وجوده وثقافته ولم يستسلم؛ بل عمل على التكيف مع الواقع الإيكولوجي لكردستان، من خلال اعتماده على التنقل والترحال بين منطقة وأخرى داخل الوطن الأم، مستغلا بذلك المناخ المتنوع لكردستان،مما جعل هذا الشعب يعتمد مصطلح(Germyan-Sermyan) أساساً له في عمل الزراعة وتربية المواشي؛ ورجآفاي كردستان كانت بالنسبة لجبال طوروس الكردستانية؛ مناطقاً وسهولاً دافئة أي (Germiyan)، وكان الكرد يستخدمون تلك السهول الخصبة في فصل الشتاء للرعي والزراعة، ويعودون للجبال صيفاً، مع بقاء بعض القبائل المستقرين فيها؛وقد أبدع الكرد في هذا السياق؛ حيث كان لهم حساباتهم الخاصة المتعلقة بالأرصاد الجوية البدائية آنذاك، وكان امتداد تلك السهول تبدأ من ديريك شرقاً لتصل عفرين غرباً، بعرض خمسون إلى مائة كم،واستمر الكرد في روجآفا على هذه الحالة حتى نهاية الحرب العالمية الثانية؛ مع تغير ديموغرافي مفتعل من قبل الأنظمة الشوفونية العربية والتركية في مناطقها التاريخية، كجرابلس، وكري سبي، وجبل كزوان ومحيطها، ولاحقاً الحزام العربي؛أما الشيء الملفت للانتباه، فهو إن الكرد في روجآفاي كردستان، وبعد الاتفاقيات الدولية المشئومة التي كانت أهمها اتفاقية( سايكس بيكو)1916، والتي أدت إلى تجزئة كردستان إلى أربعة أجزاء؛ لم يكن يلتزم بتلك الحدود المصطنعة،بين الانتداب الفرنسي في سوريا وتركيا؛ حتى نشاطهم السياسي والفكري كان يميل إلى الجزء الأكبر الواقع تحت سيطرة الدولة التركية، فنجد إن فعاليات ونشاطات جمعية خويبون التي تأسست عام 1927 عقب ثورة الشيخ سعيد البيراني في آمد كانت تتجه نحو الشمال أكثر، كون الجمعية لم تكن تضع بعين الاعتبار تلك الحدود المصطنعة، ولم تكن لدى الجمعية أي مشكلة سياسية مع العرب في سوريا حتى ظهور حزب البعث واستلامه لمقاليد الحكم في سوريا عبر انقلاب عسكري، ليبدأ معها المسألة الكردية في سوريا ويتأسس على إثرها أول حزب سياسي بقيادة العم أوصمان صبري.
حيث لم يلفظ الكرد أبدا مصطلح الحدود، فقد كان يعتمد مصطلح Binxet û Serxt” “، أساسا لتحديد تواجده في المنطقة، وهذا مثبت من خلال تعامل كرد روجآفا التجاري والاجتماعي مع المدن الكردستانية الواقعة تحت سيطرة الدولة التركية، ومنها مدن: جزره،نصيبين،ماردين،آمد،رها،عنتاب؛ لهذا لم يكن لروجآفاي كردستان وعبر تاريخه الاجتماعي والسياسي أي مصطلح يعرف به جيوغرافياً، غير مصطلح( Serxet û Binxet) ، وهذا ما لمسناه من أجدادنا؛ وإذا اعتمدنا مبدأ خطوط الطول والعرض لخارطة كردستان الكبرى،سنجد إن محورها يكون مدينة “موش”، وبناءاً على ذلك نكون في الجزء الجنوبي الغربي لكردستان الكبرى، ولن يؤثر شيئاً في الواقع السياسي للحركة الكردية إذا اختصر هذا المصطلح إلى غرب كردستان أو روجآفاي كردستان فقط؛ وأما مصطلح ( باشوري بجوك)، فقد استخدمه لاحقا الناشطون الكرد لمدة لا تتجاوز الخمسة عشرة عاما، أي من بداية التسعينيات من القرن المنصرم حتى بداية القرن الحالي، وكان من أبرز من يستخدم مصطلح باشوري بجوك هم مناصري حزب العمال الكردستانيPKK ، كون الأحزاب السياسية الأخرى كانت تستخدم مصطلح “كرد سوريا”، أو “كردستانا سوري”، وهذا مثبت في وثائقهم التنظيمية وتقاريرهم السياسية حتى الآن،مع العلم إن أي مصطلح آخر غير روجآفاي كردستان سيكون في خدمة أعداء الشعب الكردي وإنكارا لحقيقة كردستان الكبرى.
نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 31 بتاريخ 2015/11/15
التعليقات مغلقة.