نظراتكَ تقتلني – جوان زورو
نظراتكَ تقتلني يا سيدي .. فلا تناقض بينها وبين نظرات الأسود التي ترصّد فريستها متأهبةً للقضاءِ عليها، وليست بعيدة عن نظرات الذئاب التي تتهيأ لمهاجمة القطيع، نظراتكَ تلعنني يا سيدي .. كلعنة أولمب تنزل على أبنائها بروقاً ورعوداً لا تترك حجرً على حجر، كلعنة زاغروس على أعدائها تهبط عليهم كهزةٍ توقد النار تحت أقدامهم، كلعنة شنكال على سفاحيها تهبطُ عليهم كالرصاص في لحظةٍ لا تسمع فيها همس البشر،نظراتكَ تُخيفني يا سيدي .. كما يخاف الثعبان من إبراز نفسه أمام الصقر مذعوراً من أن تفترسه بين حينٍ وآخر، وكما يخاف الفأر من أظهار نفسه أمام القط الجائع،نظراتكَ لا تفارقني يا سيدي .. كما لا يفارق الإنسان ظله و لا يفارق الشيطان عن وسواسه، نظراتكَ أوهنت ركبي يا سيدي .. وجعلت تأوهي تُكسر الجملودية في جسدي وتجعل مني قنوطاً بعد أن كنت مفعماً بأعراض النشاط والحيوية.
نظراتكَ تحملُ لي الأسى يا سيدي .. فهي سلبت لي أيام دهري ونبهتني من عَزْمي في المستقبل، أصبحت أخافُ على نفسي منك لأنك يوماً بعد يوم تزيد أحتقاركَ علّي بنظرةِ عينكَ الضيقةالتي لا أظهر فيها ألا كنقطة صغيرة زائدة .. أرجوك أن ترحمني يا سيدي .. فأنا لا أملك أي ذهب وجسدي من عملكَ أنهكهُ التعب وأصابع قدمي ما عدت أشعر به من لحظة تواجدي معك وركبي لم يلقَ الراحة منذ زمن، تعلمُ أني لست هنا برغبتي فقد تخطيتُ تلك الأسلاك بلا رغبة هارباً من الظلم والقهر، فقدتُ أيام دهري وتعطلتُ عن دراستي وها أنا أعملُ ليلاً نهاراً، وأعود بعد آخر الليل فالأرهاق قد هزمني والضعف قد نال من جسدي وأمضي مسلوب الحق من قِبلك يا سيدي، لا يصلني الا الفتات من عملي معك فأنت تستغل واقعي ووضعي وكوني لاجئا هنا لا حول لي ولا قوة، لكن أنت لست وحدك بهذا الجشع وأنا لستُ وحدي أتعامل بهذا الظلم، كما أن الأيام والزمن يشهدون لي على دوام الليالي التي قضيتها هنا في الضراء.
أرجوك يا سيدي خفف عني هذا الجحود الذي جعل أمسياتي الجميلة تتضمحلُ وتحل محلها أمسيات حالكة، كنت أحلم يوماً بأنك تنظر إلي برحابة وجهٍ الجميل حتى ولو بضحكة ساخرة سأتقبلك بـود لطيف وكنت سأبصم لك حينها بأنك من طبقة النبلاء وسأجزم أيضاً بأنني سأركعُ أمام بساطك الطاهر ولن أدوسها لكي تبقى طاهرة مني، فأرجوك ان ترحمني يا سيدي ..!
التعليقات مغلقة.