“Seyidê xetê” أقدم سائق تكسي عمومي في قامشلو
العم محمود عبد الكريم سيد خلف والملقب بـ “سيد الخط” رجل في العقد السادس من العمر يعمل سائقاً منذ ما يقارب الثلاثين عاماً؛ شوارع مدينة قامشلو الصغيرة عرفته وحفظت ملامحه عن قرب, لمست فيه حسن أخلاقه وحبه لمهنته التي زاولها منذ عام 1973.
راح العم محمود يسرد لـ صحيفة “Bûyerpress” ذكريات رافقته أثناء ممارسة مهنته كسائق تكسي, حيث شكلت باب رزق له ولعائلته المكونة من عشرة أولاد.
يقول العم محمود : “أهل المدينة يلقبونني بـ “سيد الخط ” فأنا أعمل في هذه المهنة منذ زمن طويل, حيث كان عدد سيارات الأجرة – حين بدأت هذه المهنة – محدودة وبحدود الخمس والثلاثين سيارة, وهي من موديل 51- 56 شوفرلي, وكانت ذات ألوان مختلفة من ” أبيض, رمادي, أزرق” أما اللون الأصفر الموحد لسيارات الأجرة فقد عُمل به في العام 1988, كما كان معظم السائقين حينها من الكرد, وأنا تعلمت مهنة قيادة السيارة بداية من قيادة ” الموتور ذو ثلاثة دواليب” .
ويتابع: “إن معظم سائقي سيارات الأجرة كانوا من الكرد وبعضاً من الأخوة المسيحيين, ملكية هذه السيارات كانت تعود لنا, اشتريت سيارتي من محافظة حماة بمبلغ 35 ألف ليرة سورية, وأول سفرة قمت بها بسيارتي الجديدة كانت إحدى الأعراس في مدينة عامودا. كنت أعمل على خط العنترية, وكانت أجرة الراكب الواحد ربع ليرة سورية بينما كنا نتقاضى لقاء التوصيلات الخاصة ضمن المدينة ليرة سورية فقط, أما السفرة إلى مدينة عامودا فكانت بـثلاث ليرات ونصف, بينما كنا نتقاضى عشرة ليرات لقاء سفرة إلى مدينة ديريك”.
وبنبرة يشوبها حزن ذهب العم محمود إلى القول:” كنا جميعاً في ذلك الوقت سعداء وتربطنا علاقة جيدة وصادقة مع جميع السائقين الذين كانوا يعملون على الخطوط الرئيسية في المدينة, هذا عدا التكاليف البسيطة التي كنا ندفعها لقاء إصلاح الأعطال التي كانت تلحق بالمركبات”.
قصّة خلّفت أثراً سيئاً في ذاكرة العم محمود عندما استغله أحد الركاب حين طلب منه إيصاله إلى مدينة الحسكة مُدعياً أن أخاه معتقل لدى الشرطة العسكرية, ليهرب الراكب بعد أن قصد باباً خلفياً لمقر الشرطة العسكرية, وحاول العم محمود اللحاق به إلى حيي غويران والعزيزية ولكن دونما جدوى, وعاد أخيرا إلى المدينة, بينما كانت الساعة قد قاربت منتصف الليل.
وبعد أربعين عاماً من عمله كسائق بقي العم محمود محباً لمهنته التي أعانته على تربية عشرة أولاد أكملوا تعليمهم من كدح والدهم الذي دأب على تأمين ما تحتاجه عائلته الكبيرة دون أي ملل أو كلل, رغم أن الحياة زادت من أعباءها عليه حين أصبح معيناً لأولاد أخيه الذي استشهد في حرب تشرين, فما نالت منه هذه الأعباء, ولايزال إلى هذه الساعة يمارس مهنته كسائق.
نشر في صحيفة Bûyerpress في العدد 18 بتاريخ 1/5/2015
التعليقات مغلقة.