ناشط سياسي بعثي كردي مستقل / فارس عثمان

35

فارس عثمان“عندما نناقش هذه القضية ونتعرض لها ليس القصد منها ابعاد أو اجتثاث البعثيين الكرد أو قطع الطريق على عملهم في الوسط السياسي الوطني أو الكردي في صفوف الحركة، ولكن يجب التأكيد على ضرورة ابعادهم عن مراكز اتخاذ القرار، لأنهم انضموا إلى البعث بحثاً عن مصالحهم الشخصية الضيقة، وحتى لا يكون المصير والقرار الكردي رهين الغرف السوداء والانتهازيين ومختلسي المال العام. أظن كل أحزاب الحركة والمنظمات الكردية تعاني من هذه الحالة ، وحتى لا تتحول إلى ظاهرة يجب التوقف عندها ومعالجتها قبل( وقوع الفاس في الراس)”. 

استوقفني أحد الأصدقاء وأخذني على طرف وقال لي بصوت منخفض (( عرض علي أحد الأعضاء القيادين في حزب كردي الانضمام إلى صفوفه، وتبوأ مركز مهم فيه . فأوضحت له بأنني بعثي .)). ثم قال لي وهو ينظر في عيني مباشرة بعد أن ذكر لي اسم الحزب: ما رأيك؟. فقلت لصديقي باسما: ولكن غالبية أعضاء ذلك الحزب يعرفون أنك بعثي وفوقها عضو عامل. فقال: الغريب أنه لم يطلب مني الاستقالة أو الانسحاب من حزب البعث. فأردت تغير الموضوع وسألته عن أحواله وعائلته ثم ودعته في حيرة. الغاية من هذه المقدمة الطويلة هي لتسليط الضوء على هذه الظاهرة، ظاهرة انضمام عدد كبير من الكرد البعثيين – كان هؤلاء بعثيين وبعثيين …ثم كرد بعثيين- إلى صفوف الحركة السياسية والثقافية الكردية، التي تحولت إلى آفة في الوسط السياسي الكردي في سوريا، فبعد الثورة السورية وبعد أن أختلط الحابل بالنابل، اندفع العديد من البعثيين والانتهازيين الذين كانوا يتجنبون حتى السلام على الحزبيين الكرد سابقاً إلى الانخراط في الوسط السياسي والثقافي الكردي وفي منظمات المجتمع المدني ومنظمات المرأة، وفي التنسيقيات والحركات الشبابية بعدما انضم الشباب إليها بكثرة، دون التدقيق في هوية أو انتماء أو ماضي هؤلاء، وقام البعض من البعثيين الكرد بتغيير اسمائهم واتخاذ اسماء حركية كردية رنانة، وأصبحوا بين ليلة وضحاها آباء القضية الكردي والمنظرين لها. علما أن غالبيتهم وخلال العمل في السلك الوظيفي الحكومي لم يدافع يوما داخل اجتماعاتهم الحزبية أو خارجها (( ليس بالدفاع عن القضية الكردية كقضية شعب، ولا عن حقوق الشعب الكردي )) حتى أنهم لم يدافعوا عن زملائهم وأصدقائهم الكرد في الوظيفة، وفي الحدود الدنيا لم يطالبوا بتحسين ظروف الحارات والمناطق الكردية ولو من الناحية الخدمية فقط. كممثلي لحزب البحث الحاكم، لا بل على العكس كان زملائهم في العمل يخشونهم أكثر من رفاقهم البعثيين العرب الذين كانوا ينتقدون الوضع والواقع كلما سنحت لهم الفرصة. وراح هؤلاء وبعد أن تبوأ العديد منهم مناصب ومراكز هامة في صفوف الحركة السياسية والثقافية ولتضليل الرأي العام الكردي ولإخفاء وطمس ماضيهم المشين والتغطية على انتهازيتهم يكيلون التهم للمناضلين الحقيقيين في صفوف الحركة الكردية، الذين تعرضوا للسجون والاعتقال والملاحقة ” عندما كان الانتماء إلى حزب كردي كالحامل لجمرة النار ليلا ونهارا “ويتهمونهم بمختلف النعوت من ” الجبن والتقاعس والتخاذل والراديكالية …” . وأن الحركة السياسية الكردية لم تنجز شيئا منذ تأسيسها وحتى الآن، وكان كل همها وهم أعضائها البحث عن المناصب ” الكراسي “. وللاختباء بين شريحة الشباب والمجتمع المدني يدعون يوميا قادة الحركة الكردية وكوادرها إلى التخلي عن مهامهم، وترك المجال لجيل الشباب (( بالطبع هم المقصدون بالجيل الشاب هنا)) . وهنا لا بد من الإشارة إلى دور المال السياسي خاصة بعد تحول الثورة السورية من ثورة سلمية تطالب بالحرية والكرامة إلى صراع مسلح فتح الطريق لتوغل كافة الجهات الاقليمية والدولية للتدخل في الشأن السوري السياسي والثقافي، وفي المجتمع السوري الاجتماعي تحت ستار المنظمات الخيرية والإنسانية مستغلين حاجة وعوز الناس، فأندس هؤلاء بين الجماهير الكردية التي التفت حول الحركة الكردية بمختلف تياراتها وتوجهاتها. يأتي هذا الكلام ليس لقطع الطريق على استقالة الكرد من حزب البعث العربي الاشتراكي والانسحاب من صفوفه، فالبعض انضم إلى هذا الحزب لأسباب ومنافع شخصية أو للدفاع عن مصالحهم، وتجنوا الاختلاط مع الوسط السياسي والثقافي الكردي، ولكن والحق يقال أن الكثير من الكرد البعثيين تصرفوا كبعثيين شوفينيين واستغلوا ذلك للتغطية على اختلاساتهم وسرقتهم للمال العام، والإساءة إلى زملائهم وأصدقائهم في العمل من خلال التقارير الملفقة. ومن هنا علينا أن نكون حذرين من هؤلاء الانتهازيين الذين يبيعون كل شيء وفي مقدمته الذمة والضمير، وألا نسمح لتضليلهم بالتأثير على مسيرة الحركة ونضالها في سبيل تحقيق أهداف ومطالب الشعب الكردي في سوريا. وختاما عندما نناقش هذه القضية ونتعرض لها ليس القصد منها مرة أخرى ابعاد أو اجتثاث البعثيين الكرد أو قطع الطريق على عملهم في الوسط السياسي الوطني أو الكردي في صفوف الحركة، ولكن يجب التأكيد على ضرورة ابعادهم عن مراكز اتخاذ القرار، لأنهم انضموا إلى البعث بحثاً عن مصالحهم الشخصية الضيقة، وحتى لا يكون المصير والقرار الكردي رهين الغرف السوداء والانتهازيين ومختلسي المال العام. أظن كل أحزاب الحركة والمنظمات الكردية تعاني من هذه الحالة ، وحتى لا تتحول إلى ظاهرة يجب التوقف عندها ومعالجتها قبل (( وقوع الفاس في الراس )).

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress  في العدد 16 بتاريخ 2015/4/1

التعليقات مغلقة.