المقامة الشامية – محمّد الصاري
حدثنا علي بابا والسندباد فقالا: عندما ضاقت علينا الرحاب وتقطعت بنا الاسباب ركبنا على البساط السحري الى اين لا ندري
حتى وصلنا بغداد قيل انها بلد عجب تعلمنا منهم الشعر والادب فراعنا ما كانت عليه العرب وماكان
من بطولات المتنبي في الشعر وروعة القباني في النثر و من احتقارالفرذدق لجرير والعشق عند عنترة وجميل
الى عظمة التوحيدي في الامتاع والمؤانسة وجمال ادب المجالسة
ومما اعجبنا وبجمال رونقه شدنا صبح الاعشى في صناعة الانشا للقلقشندي وكتاب النوادر للاندلسي
ومعاجم اللغة كما في تهذيب اللغة للازهري و الصحاح للجوهري
كما قرأنا في جمهرة خطب العرب خطب قس بن ساعدة في قومه:
أيها الناس اسمعوا وعوا من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آت آت ليل داج ونهار ساج وسماء ذات أبراج
ونجوم تزهر وبحار تزخر وجبال مرساة وأرض مدحاة وأنهار مجراة إن في السماء لخبرا وإن في الأرض لعبرا
وقول الخنساء لاولادها في معركة القادسية :يا بني أنتم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ووالله الذي لا إله غيره
إنكم لبنو رجل واحد كما أنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم ولا هجنت حسبكم
ولا غبرت نسبكم وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب العظيم في حرب الكافرين واعلموا أن الدار الباقية
خير من الدار الفانية فإذا أصبحتم غدا فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين ولله على أعدائه مستنصرين
وتعلمنا من الخطب في الكتب عند العرب
ان أحكم الناس من صمت فأذكر ونظر فاعتبر
وأحلم الناس من عفا إذا قدر وأجمل إذا انتصر
وأنعم الناس عيشا من تحلى بالعفاف ورضى بالكفاف
وأبغض النساء القتاتة الكذوب الظاهرة العيوب العابسة القطوب السبابة الوثوب
التي إن ائتمنها زوجها خانته وإن لان لها أهانته وإن أرضاها أغضبته وإن أطاعها عصته
وأحب النساء التي إن أحسنت إليها شكرت وإن أسأت إليها صبرت
ثم قال علي بابا حملتنا السنون والايام الى مدينه كانت تدعى الشام يعيش اهلها في وئام
انبت الله فيها المرعى ثم قسمه اكلا لكل فم بقلة ومن الماء جرعة كالمطر تحيي البشر وتورق الشجر ويطلع الثمر وينبت الزهر
فعاش اهلها في كرامة ونعيم وسلامة
لكن لا نعمة إلا ومعها بؤس ولو كان يميت الناس الداء لأحياهم الدواء
الى ان اصبح رجالهم لا يرعون المحارم ولا يرتدعون عن المظالم يتباهون بالعز الباذخ والحسب الشامخ
فاخذهم ذو الجلالة بذنبهم وصب عليهم سوط عذاب
فسال الدم بين اولاد العم وتكالبت عليهم الامم من اين لانعلم
وتابع علي بابا قائلا:
فناديت اخاي السندباد وبكينا على تلك البلاد وما اصابها من غضب رب العباد
ومضينا سريعا على البساط ننشد النجاة الى مدينة تسمى الرباط
وقبل ان يغادر ويركب البساط ويسافر قال :
اعلم أن خشية الله تجتمع في امرين في طاعته واجتناب معصيته
وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله ولولا ذلك لم تكن لكم بهم قوة
فإن استويتم في المعصية كان لهم الفضل عليكم في القوة
والسلام ختام
محمد الصاري
التعليقات مغلقة.