الإنسان في فلسفة الأسطورة
نايف جبيرو
فلسفة الإعلام:
إذا كانت الفلسفة أم العلوم كما يراها الفلاسفة فإن الأعلام شريك كل العلوم, السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والأدبية، وغيرها من العلوم. والأعلام بصورة عامة مصطلح يطلق على أية وسيلة أو تقنية، أو منظمة، أو مؤسسة تجارية ربحية أو غير ربحية ،عامة أو خاصة، رسمية أو غير رسمية, مهمتها نشر الأخبار ونقل المعلومات إضافة إلى مهام متنوعة أخرى كالترفيه والتسلية.
من المعروف أن التكنولوجيا التي تقوم بمهمة الإعلام والمؤسسات التابعة لها تطلق عليها اسم وسائل الإعلام, أو ما أطلق عليه في العصر الحديث بـ السلطة الرابعة, للإشارة على تأثيرها البليغ والواسع في الدول الديمقراطية, على اعتبار أنها السلطة التي أخذت على عاتقها مهمة مراقبة عمل السلطات الثلاث, التشريعية، والتنفيذية، والقضائية, وإظهار مدى تقيد تلك السلطات بالمهام الموكلة إليها, ولكن كيف؟؟ ولماذا السلطة الرابعة!!؟ وهل أدت وتؤدي دورها بنزاهة وحيادية والمستقاة من اسمها كسلطة رابعة.
بالعودة إلى تاريخ نشوء الإعلام وبداياتها, أو ما يسمى بـ السلطة الرابعة والسلطات الثلاث أخرى (آنفة الذكر), ومبدأ الفصل بين تلك السلطات, والتي وضع أسسها رجل القانون والفيلسوف الفرنسي مونتسكيو في كتابه /روح القوانين/ عام 1748م, قد يتفاجأ البعض بأن الإعلام وإن سمّي بالسلطة الرابعة فقد كانت تُمارَس منذ أن وجد الإنسان العاقل على وجه الأرض, أو ما قبله من تاريخ البشرية والذي سمّي فيها الإنسان بالإناسي, أو أشباه الإنسان التي غادرت الأشجار وعاشت على الأرض وساروا أولى الخطوات نحو تكوين ما ندعوه الثقافة, والذي يجري اكتسابه اجتماعياً لا غريزياً, ويتم نقله بين الأجيال بالتعلم, الأناسي الذين اكتشفوا النار وبدأوا باستخدامه منذ 500,000عام، بدأت أشكالها تنحو نحو الشكل النياندرتالي الذي وجد آثاره في منطقة دسلدورف بألمانيا, وهو أقرب شكل إنسي قريب منا إلى حد بعيد.
ولم يكن استخدام الإنسان للنار في تلك العصور في إحدى أوجهها إلّا وسيلة من وسائله الإعلامية في التخابر وتعيين أماكن التواجد في ظلمة ليالي الطبيعة الموحشة, إلى جانب لجوئه في استخدام الرموز والإشارات واللمس والنظر والأصوات، وفيما بعد استخدام الحيوانات كالحمام الزاجل, والكتابة على الرقيّات والألواح الفخارية, بعد اكتشاف الكتابة المسمارية في العهد السومري, أو تلقين أحد الخدم أو العبيد نص رسالة, ومن ثم فصل رأسه عن جسده, حينما كان أحد الأباطرة في العهد الإغريقي يود إيصال نص رسالة ما إلى أحد الشخصيات الهامة من آبائه أو أجداده المتوفين, أو تلقين أحد العبيد بنص رسالة ملحقة ثم فصل رأسه عن جسده, حين نسيان شيء هام لم يتم ذكرها في متن الرسالة الأصلية.
إنّ التاريخ يخبرنا بأن الإعلام قد تم ممارسته (وإن لم يكن بهذا الاسم الصريح), كوسيلة من وسائل إيصال ونقل المعلومات بين المجتمعات البشرية, أو ضمن المجموعة البشرية الواحدة, كما تم استخدامه كوسيلة من وسائل التأثير على عقول البشر في معتقداتهم الدينية والأثنية والفيزيولوجية عبر التاريخ الطويل, ولكن ليس بالشكل الذي يتفق مع الحقيقة والواقع, وإنما لأغراض استراتيجية، وأيديولوجية، وبنيوية، وفكرية، وعقائدية، ومجتمعية، كما هو الحال في عصرنا الراهن……الخ. تركت آثاراً هائلة على ضحاياها, والتي كان من شأنها تغيير المجرى الحقيقي لطبيعة المكونات التاريخية والمجتمعية عبر آلاف السنين, ونظراً لأهمية الدور الذي قام ويقوم به الإعلام عبر التاريخ الطويل للبشرية ولا يزال, وما له من آثار بالغة الأهمية في حياة الشعوب في ماضيها وحاضرها ومستقبلها, سنحاول في هذه الدراسة إلقاء الضوء على الدور المميز للإعلام من خلال فلسفة الأسطورة, وبصورة خاصة على الجانب المتعلق بحياة المرأة المكون الأساسي للوجود, كيف كانت وما آلت بها الحال نتيجة هذا الدور المؤثر على حياتها ووجودها ومكانتها المجتمعية.
التعليقات مغلقة.