انعكست ثورات الربيع العربي سلباً على المسيحيين والمسلمين على حدٍّ سواء، ولكنها كانت أشد وطأة على المسيحيين , وقدمت صورة ضبابية لمستقبل مسيحيي المشرق لما ترتكبه الجماعات الاسلامية المتطرفة منذ اندلاع هذه الثورات؛ بدءاً من الهجمات التي شنتها جماعة إخوان المسلمين في مصر في 14 أغسطس2013 حيث قام المعتدون بإحراق عشرات الكنائس وممتلكات المسيحيين الأقباط ومررواً بتهجير المسيحيين العراقيين على يد الجهاديين وطردهم من بيوتهم والاستحواذ على ممتلكاتهم وأموالهم وتهديد حياتهم , وحادثة اختطاف الأب باولو في 29يوليو عام 2013 في مدينة الرقّة التي كانت تسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بشكل كامل؛ أثر كبير على العوائل المسيحية في سورية حيث أدى توسع التنظيمات المتطرفة في مدينة الرقة ودير الزور إلى هجرة موسعة لهذه العوائل ونزوحهم إلى الدول المجاورة والمدن الأكثر أمنا في سوريا ووقوفاً عند الجريمة التي ارتكبتها جماعة داعش بحق العمال الأقباط المصريين على مرأى من العالم حيث نفذت فيهم عقوبة الإعدام ذبحاً هذه الحادثة التي كان لها وقعاً كبيراً على العالم.
رصدتصحيفة”Bûyerpress“ بعض القراءات الكردية لما ارتكب بحق الأخوة المسيحين على يد الجماعات الاسلامية المتطرفة في خضم ما يسمى بثورات الربيع العربي السيد جوان الكردي” مخرج سينمائي” أكد في مستهل قراءته بأن تنظيم داعش لم يكن صناعة عبثية بفكر الغرب الذي خطط بهندسة سياسية بارعة لزرع هذا السرطان المُزمن في جسد الشرق اﻷوسط, الذي يتهالك و يسقط يوما فيوما في اتون أحقاد وحروب أهلية وأوضح السيد جوان بأن هذا السرطان انعكس سلباً على المنطقة برمتها وتعود بالإيجاب في خدمة أجندات ومصالح الغرب الذي يسعى إلى ضرب المسلمين بالمسلمين وتشويه صورة الإسلام أمام الرأي العالمي وهذه ليست سياسة جديدة في تاريخ الصراع الأمريكي في استعباد الشّعوب وإضعافها عندما مارست هذه السياسة في ضرب الاسيوي بالاسيوي والفيتنامي بالفيتنامي في فترة احتلالها لفيتنام، حيث أكد السيد جوان بأن كل ذلك هدفه استنزاف شعوب المنطقة في صراعات وحروب طائفية واقليمية تجعلها ضعيفة سياسيا و بنيويا واقتصاديا، فتكون النتيجة الطبيعية أن تدفع جميع شعوب المنطقة فاتورة هذه السياسات الدولية والإقليمية وتكون ضحية الأحقاد الدينية والحروب الطائفية و ما نشاهده من مسلسل المجازر والفظائع الوحشية التي ترتكب بيد هذه التنظيمات المتطرفة ليس إلا برهانا.
كما أشار في قراءته إلى تخاذل المجتمع الدولي الذي اغمض الطرف عن مشاكل الشرق الاوسط في بداية أزمتها ويحاول ان يحفظ ماء وجهه كمنقذ في بعض الآحيان علما بأن كل ما حدث من مصائب و فظائع بحق الاخوة المسيحيين و الإيزيدين والكرد كان من الممكن تفاديها لو كانت هناك إرادة غريبة جادة لاستئصال هذه التنظيمات المتطرفة قبل أن يستفحل أمرها وتنتشر كالنار في الهشيم ليؤكد بأن المجتمع الدولي بشكلٍ أو بأخر شريكة في اراقة دم هذه الشعوب والاقليات التي تباد بدم بارد على أيدي التطرف العالمي لأنها ما تزال تتخبط في سياساتها و قراءتها لجذور المشكلة في الشرق الذي ابتلي بداء التطرف و الاستبداد.
وخلص السيد جوان في قراءته، الإشارة إلى تماسك النسيج البنيوي مشبهاً إياها بالفسيفساء الاجتماعي الذي يوسم المناطق والمدن الكردية مؤكداً بأن تجربة العيش المشترك والاخاء الكردي المسيحي العربي منذ القدم ورغم كل ما تتعرض له البلاد من مخططات تآمرية فانه ما يزال مثالا يُحتذى في اللحمة الوطنية و دليل على الإرادة الواعية بالعيش المشترك والمصير المترابط.
تقرير: فنصة تمو
التعليقات مغلقة.