إضاءات ومقترحات حول المؤتمر القومي الكردي / نارين متيني

36

نشكرتنزيل السيد كاك مسعود البارزاني على جهوده المبذولة لانعقاد هذا المؤتمر, ونتمنى الإفراج العاجل للزعيم عبدالله اوجلان, والشفاء للمام جلال الطلباني.

إن المتعمق في التاريخ يجد أن الفرصة لا تتكرر والشعب الكرديّ من أكثر الشعوب حاجة للاستفادة من تاريخه المرير والمسطر بدماء أبناءه، ونحن الان أمام تغييرات جيوسياسية مقبلة نتيجة تضارب المصالح الدولية وتقاربها، والأمر الذي شئنا أم أبينا يضعنا أمام مستقبل جديد لما يسمى بالشرق الأوسط الكبير أو”الشرق الأوسط الجديد” وأصبح واضحا للعيان ولا يختلف عليه اثنان أن ملامح تلك الخارطة أصبحت أمرا واقعا. إن تعقيد القضيّة الكرديّة أتى من كون الكرد شعب يعيش على أرضه التاريخية، تلك الأرض التي شاءت المصالح الدولية تقسيمها الى أربعة أجزاء(سايكس بيكو, سيفر, لوزان ) وارتأت القوى العالمية أن من مصلحتها طمس تلك القضية العادلة والحقـّة حتى لا تتضارب مع مصالحها الاستراتيجية ولكن كل هذا لم يخمد تعطش هذا الشعب العظيم واشتياقه للحرية, ربما اكتسب قساوته في النضال من قسوة جباله، فلم يبخل على مدى سنوات في العمل من أجل نيل حريته.

وفي هذه المرحلة التاريخية أثبت الزعيم الكردي كاك مسعود البارزاني أنه الحاضنة التاريخية للقضية الكردية في الأجزاء الكردستانية الأربعة والدرع الحصين لتطلعات وآمال الشعب الكردي ونتيجة عمل دؤوب ومثمر تكلل بالنجاح, وهذا العمل سيسجل له التاريخ بأحرف من نور يضاف إلى مجده ومجد عائلته الكريمة في خدمة الكردايتي عندما بادر مشكورا الى انعقاد مؤتمر قومي كردي يجمع الكرد من جميع أجزاء كردستان الأربعة, ومنذ شهور تناقلت وكالات الإعلام خبرا مهما أثلج صدور الكرد في كافة أجزاء كردستان وخارجها مفاده أن هناك مؤتمر قومي كردي سيقيم في كردستان الجنوبية يجمع كل الكرد ويضعهم أمام قرارات تاريخية ومفصلية، وبالفعل تم تشكيل لجنة تحضيرية من إحدى وعشرون عضوا في مدينة صلاح الدين وتم وضع آليات عمل لذلك المؤتمر المزعم انعقاده والمكون من 600 عضو موزعين على الشكل التالي 45% للأحزاب السياسية 30 % منظمات مجتمع مدني 10% شباب 10 % مستقلين والباقي للكرد من الاردن ولبنان واوزبكستان وكازخستان, واللافت في الموضوع أنه تم تخصيص 40% من المقاعد الستمائة للنساء وهذا في الحقيقة قرار صائب يحفظ للمرأة الكردية حقها ويقدر ويثمّن عظمتها وتاريخها النضالي وما قدمته من تضحيات. وكما نعلم أن فكرة انعقاد هكذا مؤتمر راودت الزعيم عبدا لله اوجلان منذ بداية التسعينات حيث استفاد أثناء تواجده في البقاع اللبناني ومخالطته للفصائل الفلسطينية من التجربة الفلسطينية وما يسمى ( المجلس الوطني الفلسطيني ) الذي أسسه الحاج امين الحسيني عام 1948 وتم تجديده في سنة 1964، وكون التجربة الفلسطينية والكردية متقاربتان نوعا ما يمكننا أن نهيب بالمؤتمرين الكرد المجتمعين في المؤتمر القومي الكردي أن يستفيدوا من تجارب المجلس الوطني الفلسطيني حتى لا يقعوا في نفس الأخطاء التي وقع فيها ذلك المجلس المذكور، تلك الأخطاء التي لا مجال لذكرها ومناقشتها هنا.

بما أن هذا المؤتمر يشكل حلقة مفصلية في مستقبل الشعب الكردي كونه يشكل حبل نجاة ويرسم خطوطا عريضة لمستقبله، نقترح بعض النقاط المهمة والتي نرجو من المؤتمرين أخذها بعين الاعتبار:

1-       دعوة كل الاحزاب والتيارات الكردية ومعاملتها على حد سواء وعدم تغيب وإقصاء أي طرف كان.

2-       أن لا يكون أعضاء اللجنة التحضيرية أعضاء في المؤتمر حتى لا يكون لهم تأثير على قرارات المؤتمر.

3-       أن لا يصبح المؤتمر ساحة للتجاذبات وصراعات الأحزاب السياسية وبذلك يصبح المؤتمر مؤتمرا للأحزاب فقط ويستبعد فيه الشباب والمستقلين.

4-       مناقشة الظروف الصعبة التي تمر بها كردستان الغربية وتقديم حلول اسعافية عاجلة على أرض الواقع يحفظ صموده وتمسكه بأرضه ولا يجعله شعب مخيّمات خارج أرضه التاريخية وأن تقدم له تلك المساعدات على أرضه وليس في مخيّمات.

5-       نرجو أن لا تصبح قرارات هذا المؤتمر الذي عقد عليه الشعب الكردي الكثير من الآمال العميقة كقرارات الجامعة العربية مجرد حبرٍ على ورق.

6-       أن تكون قرارات هذا المؤتمر فورية وجدية وتنفيذها واجبا مقدسا ولا يحتاج لمؤتمرات لاحقة لأن معاناة الشعب الكردي لا تكفي لانعقاد مؤتمرات أخرى.

7-       وضع قانون يسمى بقانون جرائم وطنية يحاسب بمقتضاه أحزاب وتيارات سياسية كردية يتنافى وعملها مع المصلحة الكردية العليا.

8-       انتخاب لجنة حكماء من المثقفين والأكاديميين وهذه اللجنة تقوم على حل الخلافات الكردية – الكردية وتوحيد الصف الكردي.

وفي الختام نشكر السيد كاك مسعود البارزاني على جهوده المبذولة لانعقاد هذا المؤتمر، ونتمنى الإفراج العاجل للزعيم عبدالله اوجلان حتى يشارك الشعب الكردي فرحته القريبة بكردستان موحدة حرة، والشفاء العاجل للمام جلال الطلباني، كما نرجو من اللجنة التحضيرية القيام بواجبها على أكمل وجه ووضع المصلحة الكردية نصب أعينها ونتمنى من المؤتمرين تغليب صوت العقل وأن يسمعوا صوت الشعب الكردي التواق للحرية.

 

 

التعليقات مغلقة.