رموز الحزن والحنين على ضفاف الخابور

60

على ضفاف الخابورأخيراً وبعد خمسة عشر عاما, صدرت حديثاً المجموعة القصصية الأولى للكاتب والفنان التشكيلي الأستاذ ماهين شيخاني , والمجموعة من القطع الصغير , صادرة عن دار تموز للطباعة والنشر , وتحتوي على خمسة عشرة قصة تحمل العناوين التالية : ” الحدود ـ العواصم ـ المشهد ـ على ضفاف الخابور ـ التنهيدة الأخيرة مع الفجر ـ المدير ـ ليتني كنت السابع ـ جوكندا تسرق المعرض ـ الخطيب ـ الوصفة ـ محترم قبل الحصاد ـ المكالمة ـ اسمها والعيون ـ اذكروا محاسن موتاكم ـ الم وندم ” أما لوحة الغلاف فهي من تصميم الفنانة أمينة صلاح الدين .
يبدأ القاص ماهين شيخاني مجموعته بقول للمخرج السينمائي الكردي يلماز غوني : ( ليس الهدف من حياتي هو الفن .. بل تحرير شعبي من الظلم والاستبداد ) وبالفعل فقد كرّس قاصنا الجميل ماهين هذه المقولة , باحترافية عالية , وبعدسة فنان يلتقط مآسي شعبه من الواقع ليخرجها إلى الواقع عبر قصص جميلة وبلغة بسيطة وواضحة , بالإضافة إلى استخدام الرمزية وتوظيفها في قصصه بإتقان , لقد عالج ماهين في قصصه عدة مشاكل واجهها الشعب الكردي في سورية منها : التقسيم الذي فرضه سايكس بيكو في قصة الحدود , أما في قصة ليتني كنت السابع يسرد لنا الكاتب عن القمع والتعذيب الذي كان موجوداً في منطقته بشكل كبير , كذلك يتطرق إلى الغربة والهجرة ومشكلة الحيار في قصة ” اسمها والعيون” وكيف فرقت العادات والتقاليد البالية بين قلبين, حيث يهاجر الشاب بعيداً عن حبيبته التي تعرضت للحيار من قبل ابن عمها.
لقد أدهشنا شيخاني في قصصه الممتعة , والتي تحتوي في طياتها معالجة وافية لمشكلات مجتمعه من الناحية السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية في قصة ” محترم قبل الحصاد ” , وحاول أن يسلط عليها الضوء ويكشفها للقارئ مستخدماً الرموز في بعض الأحيان والمباشرة بلغة واضحة سلسة تحمل مشاعر إنسانية عذبة تعبر عن وجدان الكاتب العالي التي تحمل روح شاعر بكل معنى الكلمة , فعوالم كاتبنا مدهشة وخاطفة للخيال لتقود القارئ إلى مكامن التفاصيل الصغيرة في حياتنا لنكتشف معه بأن ما هذه التفاصيل الا كل العمر وكل الأحلام التي تتحقق في حزن عميق أو بسعادة مطلقة , فمع خيال وأفكار ماهين لا حدود للمكان ولا حدود للزمان وعلى القارئ أن يتوقع كل شيء بين سطور هذه المجموعة القصصية , وأخيراً ليس أمامنا غير أن نبارك لكاتبنا العزيز ماهين شيخاني في باكورة أعماله المطبوعة ونتمنى له دوام التقدم والنجاح وأن ترى مخطوط مجموعته القصصية التي تحمل عنوان ” الرائحة ” ومجموعته الشعرية التي تحمل عنوان ” لا أملك سوى القلب ” النور قريباً ليصل إلى يد القراء لنزين بها رفوف المكتبات التي تحضن هكذا كتب قيمة وتقبلها من صفحتها الأولى إلى الأخيرة دون حدود.

 رضوان محمد أمين

التعليقات مغلقة.