القصة القصيرة الروسيّة الساخرة

182

يقدم كتابالتقاط (القصة القصيرة الروسيّة الساخرة)، للمترجم الدكتور نزار عيون السود، نماذج فريدة لمساق هذا الأدب المهم الذي يطغى في روسيا منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى اليوم. ويقول المترجم:
(السخرية سلاح ذاتي، يستخدمه الفرد للدفاع عن جبهته الداخليّة ضد الخواء والجنون المطبق، إذ إن السخرية، رغم هذا الامتلاء الظاهر بالمرح والضحك والبشاشة، إلا أنها تخفي خلفها أنهاراً من الدموع). والقصص التي ضمها الكتاب عائدة لخمسة عشر كاتباً من بينهم: ميخائيل زوشنكو، بوريس سمسونوف، بانتيليون روماموف، سيمون آلتوف.. وغيرهم.
الأدب الساخر (بحسب المترجم)، فن له أصوله وقواعده الكتابيّة، فمن حيث المضمون يتسع الأدب الساخر لنقد أي موضوع من مواضيع الحياة العامة والخاصة، كالمواضيع السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة وغيرها. والسخرية فن شعبي، قريب من الجماهير. إنها سلاح الضعيف في مواجهة الطغاة والنفاق والفساد.. والأدب الساخر، يبث عناصر التشويق، باقتباسه قصة خفيفة معروفة، أو بيت من الشعر، أو مثل شعبي.
يرى الكتاب أن ثمة علامة فارقة تميز الأدب الروسي هي ازدهار الأدب الساخر فيه، أو ما يمكن أن ندعوه مجازاً بأدب العدسة المكبّرة، وهو عادة ينمو ويزدهر في مراحل التحولات الثوريّة..
والتغيرات الاجتماعيّة الكبيرة، ولم يشذ الأدب الروسي عن هذه القاعدة، إذ ازدهر هذا النوع من الأدب في السنوات العشر الأولى التي أعقبت ثورة أكتوبر عام 1917، وفي أعقاب (البيريسترويكا) وانهيار الاتحاد السوفييتي، وفي الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
والسخرية والفكاهة (كما يُشير الكتاب) فن أصيل، وأدب عريق التقاليد، عميق الجذور لدى جميع الشعوب، وحظي بتقدير عديد من النقاد والأدباء والفلاسفة، ومنهم الفيلسوف الألماني هيغل الذي يرى أن السخرية تمس بالتناقض وتجسده، وتُعبّر عنه، وتقارن الظواهر المتناقضة، بعضها ببعض، وتوضح المفاهيم، وتلقي الأضواء عليها من خلال تناقضاتها.
كما عبّر مكسيم غوركي عن تقديره الكبير للأدب الساخر، وبرز ككاتب ساخر في قصصه الساخرة، في مرحلة ما قبل الثورة، مثل: مدينة الشيطان الأصفر، حكايات روسيّة. وقَدّر الناقد الأدبي الروسي ميخائيل باختين الأدب الساخر تقديراً رفيعاً، ورأى في الضحك صيغة عظيمة الأهميّة، قوية التأثير.

بيان الإمارتيّة

التعليقات مغلقة.