خير سلف وبؤس خلف

23

خير سلف وبؤس خلفجزيرة كريت اليونانية مسقط رأس الكاتب والمفكر اليوناني الشهير نيقوس كازانتزاكيس (1885 – 1957) صاحب المقولة الشهيرة : “واجبنا … أن نقف أمام الهاوية بكبرياء”. وهنا أود أن أسرد حكاية صغيرة لراعٍ كريتي عاد من الحرب بعد أن حارب كالأسود وعندما تلّقى ورقة ثناء على أعماله الباسلة مدّ الراعي يده ومزّق الثناء وألقاه في النار وقال: قل لهم: إنني لم أحارب كي أتلّقى هذه الورقة, لقد قاتلت كي أصنع تاريخا, قل لهم لا أريد أيّ جزاء, حاربت لأنني كنت أريد ذلك, هذا هو العمل الأول في حياتي …”
هكذا تكون البطولة ولا يحتاج صاحبها إلى ثناء, وأبطال الكرد لم يكونوا أقل بطولة من ذاك الراعي البسيط ولم ينتظروا يوما أيّ ثناء على أعمالهم, حاربوا في الجبال وفي العراء , تحدوا الجوع والعطش وبطش الأعداء, استشهدوا بشموخ وفرحة النصر ترتسم على وجوههم, سطروا بدمائهم ملامح الحرية, وأكدوا ولائهم للوطن, واليوم أحفاد أولئك الأبطال يناضلون لا لنيل الحرية بل ليحصلوا على المراتب والكراسي الذهبية, يتناحرون فيما بينهم في خضم ثورة دامية حيث الحرية بين قاب قوسين وأدنى وهم يخيبون الآمال, يفعلون عكس ما يقولون, يمارسون السلطة الوهمية والاقصاءات المجحفة بحق غيرهم في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة إلى التكاتف والوحدة, وهنا أتوجه إلى المجلس الوطني الكردي الذي لم يعد له أيّ أثر سوى اسمه الوهمي وجسمه المترهل, أين أنتم يا من تملكون القرارات في مصير شعبكم, تعقدون اجتماعات علنية فتصبح سرية بصمتكم ولا تتوصلون إلى قرارات حاسمة أو بديهية بسبب الخلافات التي لا تستطيعون حلها وهي ليست إلّا خلافات شخصية وحزبية ضيّقة والتي بسببها فاح ريحكم, منذ انعقاد المؤتمر الثاني للمجلس لم يظهر أيّ بيان لكم سوى بعض التصريحات النارية لسكرتير من هنا وقياديّ من هناك, ولا تحتوي التصريحات سوى التهجم على فلان أو الادعاء بسلامة المجلس وقوته, في كل يوم أنتم في دولة وفي كل دولة تنسون الثورة, في ذهابكم وإيابكم الفرحة تملأ أعينكم في حين أنّ الدموع تملأ عيوننا ونحن نبكي في كل يوم ألف مرة, نبكي بؤسنا وفقرنا, نبكي الأمل الذي بات بين أيديكم وأيديكم في جيوبكم, نبكي قلة حيلتنا وتشرذمنا من حزب إلى عشرات الأحزاب المتناقضة في لا شيء.
فهل سيظهر لنا راع لا يقبل الثناءات ولا الإقصاءات؟؟!! وأين أحفاد بيشمركتنا البواسل؟؟!!
فلنتذكر القول التكريتي الشهير الذي يقول: “عد إلى حيث فشلت وغادر من حيث نجحت”
أحضرت أمثلة يونانية كي نعتبر منها لأننا لم نعتبر إلى الآن من حكمائنا وعقلائنا وأبطالنا الكرد. فهل من مجيب؟؟!!!
عبدالحكيم أحمد محمد- تربه سبي

التعليقات مغلقة.