خاصbuyer:
منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، تعرضت الليرة السورية لتقلبات حادة، فقد أدت العقوبات الاقتصادية وتراجع القدرة على الحصول على العملات الأجنبية إلى انهيارها بشكل تدريجي، وتراجع قيمتها أمام الدولار الأمريكي. أما بعد سقوط نظام الأسد فقد تقلبت الموازين، وأصبح العمل في سوق الأوراق المالية حراً، وامتلأت أسواق المحافظات الكبرى مثل العاصمة دمشق وحلب بتجار العملة مما أدى إلى نزول سعر صرف الليرة السورية من 16ألف ل.س مقابل دولار واحد، إلى 11ألف ل.س، وبعد نحو 8 أشهر من سقوط النظام بقي سعر الصرف متقارباً بين غالبية المناطق السورية.
وبحسب الباحث الاقتصادي “خورشيد عليكا” الذي كتب لموقعنا “Buyerpress” الإلكتروني: “هناك تضارب في المعلومات حول أسعار صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية، وتختلف الأسعار بشكل كبير بين المصادر الرسمية والسوق السوداء، وأيضًا بين المدن المختلفة.
ووفقا لمصادر متعددة، فإن السعر الرسمي الذي حدده مصرف سوريا المركزي في الثامن من آب الجاري بلغ 11ألف ل.س مقابل الدولار، في حين تراوحت أسعار السوق السوداء بين10,340 و10,380 ل.س. في دمشق، وحوالي 10,700 في قامشلو، مع فارق كبير يعكس عدم فاعلية السعر الرسمي في السوق الحقيقي.
وأوضح الباحث الاقتصادي أن عدم قدرة المصرف المركزي على التدخل تعود لعوامل متعددة؛ منها غياب احتياطي كافٍ من العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي يمنعه من التحكم في سعر الصرف، وتأثره بقرارات سياسية، إضافة إلى تأثره بما يسمى “حيتان السوق” الذين لديهم ارتباطات مع جهات سلطوية، بدلاً من أن يكون نتيجة لآليات السوق الحرة.
ولفت إلى أن الأسعار لم تنخفض بالمستوى المطلوب منذ سقوط نظام الأسد، ويرى أن السعر الرسمي للدولار الواحد، حسب المصرف المركزي، يجب أن لا يقل عن 15,000 ل.س. لكنه خُفِّضَ بقرارات سياسية بحجة تحسن الوضع الاقتصادي.
وأكد عليكا أن التحسن الاقتصادي المزعوم هو مجرد وهم، وأن الأوضاع المعيشية لا تزال صعبة للغاية بل أن رواتب الموظفين والعسكريين والمتقاعدين لا تكفي سوى أيام معدودة مع تأخر استلامها، لذلك من الصعب أن يتحسن الوضع الاقتصادي خلال الشهور القادمة، في ظل نقص السيولة المحلية وعجز الحكومة الانتقالية حتى عن طباعة عملة جديدة.
ونوه الباحث الاقتصادي على أن النهوض المالي يتطلب تحقيق توافق سياسي شامل يضمن مشاركة فعلية لجميع مكونات الشعب السوري من “الكرد والدروز والعلويين” في صياغة دستور جديد يلبي تطلعات الجميع دون استثناء، مما سيفتح الباب أمام الاستثمارات المحلية وتشغيل عجلة الإنتاج وتقليل الواردات وزيادة الصادرات، وهو ما سينعكس إيجابا على قوة الليرة.
كما يرى “عليكا” أنه من الصعب وجود مستثمرين حقيقيين في سوريا، لافتاً إلى وجود بعض المشاريع، مثل مشروع نقل الغاز من أذربيجان عبر تركيا إلى سوريا، لكن أغلبها لا يتجاوز كونه مذكرات تفاهم، تهدف لإيهام الشعب بأن هذه المشاريع قيد التنفيذ، لذلك سيبقى الوضع المالي والاقتصادي غير مستقر وفي تراجع مستمر.
وأشار إلى أن بعض مذكرات التفاهم هذه تتعلق بمشاريع تبلغ قيمتها 2 مليار دولار، في حين أن الشركة المنفذة لا تملك في رصيدها أكثر من 16,000 يورو، وهذا مجرد مثال يوضح صعوبة التوقعات.
وأضاف “عليكا” أيضاً عن مستقبل الليرة السورية بأنها مرتبطة بالوضع السياسي في البلاد، مشيراً إلى أن أي تقدم نحو الاستقرار السياسي سينعكس إيجاباً على الوضع الاقتصادي، وبالتالي على قيمة العملة المحلية.
واختتم الخبير الاقتصادي خورشيد عليكا حديثه بالقول: “كلما توترت الأوضاع، سيحجم السوريون في الداخل عن استثمار أموالهم، وكذلك المغتربون في الخارج. وهذا سيؤدي إلى توقف عجلة الاقتصاد والإنتاج. ونتيجة لذلك، ستفقد الليرة السورية المزيد من قيمتها، وسترتفع معدلات التضخم، خاصة في ظل تراجع المساعدات الأممية والإنسانية لسوريا.

التعليقات مغلقة.