عندما «يغضب» اللاجىء السوري في الأردن

106

21qpt698يتحدث سائق التاكسي الأردني علي لي شخصيا بمرارة وحماس عن الحادثة التي واجهها عندما ركبت معه لاجئة سورية مع خمسة أطفال كانت تحمل شحنة كبيرة من المساعدات.
عند عبور السيارة التاكسي بركابها من امام أحد «المولات» التجارية المعروفة في العاصمة عمان أطلق السائق من باب الدعابة عبارة وصف فيها المول التجاري بأنه «في الواقع مركز تجاري سوري» بسبب الكوبونات التي تقدمها اللجان الدولية للاجئين عبر نفس المركز التجاري.
غضبت اللاجئة السورية من الملاحظة وإندفعت في وصلة «ردح» عامة وشمولية أمام السائق ضد الأردن والأردنيين متمنية أن لا ينتهي العام الحالي إلا وقد عاش الأردنيون نفس تجربة بلادها .
اللاجئة بكل الأحوال مثقلة بالهموم ومنفعلة لكن خطابها يعكس إحساسا عاما بالمرارة يجتاح حتى بعض المؤسسات الرسمية خصوصا وان الإيقاع السوري يفرض نفسه على كل المساحات في الحالة الإجتماعية الأردنية.
قبل عدة أيام تنامت حالة العداء في المجتمع الأردني جنوبي البلاد ضد السوريين بعد مقتل شاب أردني من مدينة الكرك على يد أربعة شبان سوريين في مدينة العقبة خلال مشاجرة .
المشاجرة حصلت أصلا بسبب خلاف على الرزق مما يعني بأن الكادر السوري وصل لأقصى جنوب المملكة حيث الميناء الوحيد للأردن في العقبة بالقرب من الحدود مع سوريا.
قبل ذلك تحدث أحد مسؤولي الأمن في مخيم الزعتري أمامي وفي جلسة عامة عن عجوز سورية أصرت على الحصول على شحنتين من المساعدات لأغراض المتاجرة بها، وعندما رفض الأمن الأردني السماح لها بالدخول إلى الغرفة المخصصة جلست في ساحة عامة وخلعت ثوبها بطريقة درامية وبدأت تصيح بصوت مرتفع وسط اللاجئين وتتهم الأمن الأردني بمحاولة الإعتداء عليها.
المشهد الذي رسمته اللاجئة العجوز إنتهى بإحراق عدة خيام وفوضى عارمة وقوات درك وتظاهرة جماعية وجرح عشرة أشخاص نصفهم من رجال الدرك.
في مشهد ثالث عاينته شخصيا وأمام مدير للتربية والتعليم في إحدى ضواحي العاصمة عمان حاولت فتاة سورية صغيرة السن إقناع المدير بالموافقة لها على الإنضمام وفورا لصف الثانوية العامة في مدرسة حكومية أردنية رغم أنها لا تملك اي وثيقة تفيد بأنها كانت في الصف الذي يسبق الثانوية.
الرجل تحدث بهدوء أمامي مصرا على أنه لا يستطيع الموافقة على طلب اللاجئة السورية اليافعة وان أوراقها تقول بأنها ينبغي أن تقبل في الصف الأول ثانوي فقط فغادرت الشابة المكان وهي تصيح وتدعو الله أن يحرق الأردن بمن فيه.
..مثل هذه الحوادث تتكرر يوميا وسط ما يصفه بعض الموظفين الأردنيين بمحاولات إبتزاز وإختلاف مشاكل من قبل اللاجئين السوريين وبصورة متكررة.
بكل الأحوال مثل هذه التصرفات الشاذة لا تمثل جميع اللاجئين السوريين ولا يمكن تعميمها لكنها تتكاثر خصوصا مع ظهور «جريمة شبه منظمة» سورية الطابع والأبطال خصوصا في مدينة إربد شمالي البلاد.
مؤخرا فقط إعترف الأمن الأردني بأن معدلات الجريمة زادت وبأن بوصلة الجرائم تشير لوجود إنحرافات مسجلة بإسم الديمغرافيا السورية تحديدا.
مثل هذه المعطيات لا تتحدث عنها السلطات الإدارية والأمنية علنا لكن بدأ المواطنون يشتكون عموما من تأثيرات اللجوء السوري على معدلات البطالة ومستويات المعيشة العامة وكلفة الحياة اليومية خصوصا مع ظهور آلاف العمال السوريين المهرة في كل الأنحاء والمدن والقرى الأردنية وخصوصا في مجالات الزراعة ورعي الأغنام وصناعة الألبان والأجبان اليدوية.
وفقا للزميل الصحافي محمد الخطايبة تضاعفت الأوتار العاطفية في مناطق شمال المملكة خصوصا بين السوريين وأهلهم في سوريا مع بروز حالات تضامن تعاطفية وبعض المظاهر الإيجابية في تأسيس صناعات حرفية ومهنية ساهمت في تحريك الإقتصاد المنزلي.
لكن بالنسبة لمصادر أخرى يحصل اللاجئون على رواتب ومخصصات مساعدات من المجتمع الدولي وينافسون ايضا بالتوازي على المهن الصغيرة والتجارية .
الإيجابيات أيضا موجودة على الصعيد الإجتماعي لكن الديموغرافيا السورية تعبث بكل الأوراق الأمنية والإقليمية والسياسية وكذلك الإقتصادية وحسب رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي لابد من التوقف بصورة متأملة ومعمقة لتقييم ودراسة تأثيرات اللجوء السوري على الواقع الأردني .
السائق الذي بدأت حديثي به نفسه يبلغني بأن مشروع زواجه شخصيا تأجل للعام الثاني على التوالي بعدما فقد القدرة على إستئجار غرفتين في عمان للزواج بسبب الإرتفاع الحاد جدا في أسعار إيجارات المنازل حيث يفضل ملاك المنازل التأجير للسوريين بأضعاف المبلغ الذي يقبل به المواطنون .
حتى سوق العمل تأثر سلبا لأن العامل السوري وهو من العمال المهرة في كل الأحوال يقبل بنصف أو حتى بثلث وفي بعض الأحيان بربع الأجرة التي يقبلها الأردني .
السوريون في عمان العاصمة ينافسون الشباب الأردني حاليا بحدة على بعض المهن البسيطة مثل «كونترول الباص» أو «الحلاق» او تصليح الأحذية إضافة للمساعدة في البيع بالمتاجر وفي كل أنواعها وخصوصا محلات المواد الغذائية والحلويات وبيع القماش الملابس.
محصلة القول بأن مسألة الديمغرافيا السورية بدأت تثير القلق والجدل وسط الأردنيين.

بسام البدارين / عن القدس العربي

التعليقات مغلقة.