كشف القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، في حديث لموقع “المجلة”، عن حصول “تنسيق واضح” بين دمشق وطهران في محاولة دعم بعض ممثلي العشائر الموالين لهما، و”دخول تركيا على هذا الخط بدعم المجموعات السورية المسلحة التابعة لها”، لافتاً إلى أن الدول الثلاث أرادوا تخريب علاقاتنا الجيدة مع العشائر والمجتمع المحلي، عبر استخدام اللغة الطائفية، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك.، وأن “الأوضاع باتت مستقرة حالياً”، وذلك في إشارة إلى أحداث دير الزور الأخيرة.
وأوضح عبدي أن موسكو: “لا توافق على صيغة استغلال الأوضاع لصالح عمليات توسع تركية جديدة”. مشيراً إلى قيام روسيا بقصف فصائل مسلحة “حاولت الظهور كعشائر”، وأضاف أن أميركا لم تشارك في العمليات العسكرية ضد العشائر، إذ “لم نكن بحاجة لدعم أميركي، خارج الدعم الجوي (الاستطلاع)، في عملية إعادة الاستقرار وكنا واثقين من أن معظم السكان سيؤيدون حملة “تعزيز الأمن” التي أطلقتها قواتنا، وهذا ما حدث بالفعل”.
وفيما يخص التفاوض مع دمشق، قال “عبدي” إنه لا يرفض الذهاب إلى دمشق للتفاوض، غير أن الظروف لم تنضج بعد ولم نلمس أي بوادر للحل من قبل دمشق”.
وأكد عبدي أن “الإدارة الذاتية” تمثّل كل أبناء المنطقة ونقطة قوة قواتها تكمن في الحضور العربي الوازن في صفوفها.
وأضاف أن “قسد” هي “قوة مهنية ووطنية، ونحن نطالب بأن تصبح جزءاً من المنظومة الدفاعية السورية، وأن ينظم تالياً دورها وعملها بقانون… أما أي كلام عن (حل قسد) فيأتي لتعطيل أي حل سياسي ممكن، ولا يعكس أي جدية في الحوار”.
ونوه بأن: “الشروط المسبقة التعجيزية والتعويل على استدامة الصراع بالفوضى لن ينقذ النظام الحاكم في دمشق ولن يثمر أي حل، فإذا ماطل (نظام) دمشق في الحل، سيكون هو نفسه الخاسر الأكبر”.
وأشاد عبدي بنموذج “الإدارة الذاتية” وقال “لقد أثبت الواقع أن نموذج الإدارة هو الأنسب للحد من تغوّل المركز على بقية المناطق، وأن من حق السكان رسم سياساتهم المحلية وانتخاب ممثليهم بعيدا عن الوصاية والتهميش والإقصاء.
مؤكداً أن مستقبل الإدارة مرتبط بقدرتها على الحفاظ على تجربتها وتطويرها وتصحيح مكامن الخلل فيها، والدفاع عن هذه التجربة مهمة السوريين جميعاً.
فيما يلي نص الحوار كاملاً:
* كيف ترون الأوضاع الميدانية بعد التوتر الأخير مع العشائر شمال شرقي سوريا؟
– بداية لا بد من توضيح أن التوتر الأخير جرى في مناطق ضيقة، يمكن الحديث عن اضطرابات حدثت في خمس قرى بريف دير الزور الشرقي. لكن الأوضاع باتت مستقرّة ونسعى إلى إعادة تقديم الخدمات والوقوف عند مطالب الناس ومعالجة مشكلاتهم، لقد قطعنا وعدا في هذا الخصوص ونحن عازمون على تدارك كل المسببات التي أدت إلى حدوث تلك التوترات.
* لماذا قررت إزاحة “أبو خولة” من مجلس دير الزور العسكري؟
– سبق أن أصدرت قواتنا بيانا تحدثت فيه عن موجبات عزل أحمد الخبيل (أبو خولة) من مهامه، وقد جاء قرارنا بعد النظر في كثير من التقارير وشكاوى الأهالي ووجهاء المنطقة، وبناء على أمر اعتقال صدر عن النيابة العامة في شمال وشرق سوريا، وذلك بسبب ارتكابه العديد من الجرائم والتجاوزات المتعلقة بتواصله وتنسيقه مع جهات خارجية.
* ما دور دمشق في تحرك العشائر؟
– سعت دمشق إلى نشر الفوضى شرقي الفرات عبر التحريض الإعلامي المتواصل، ومحاولة زج مجموعات مسلحة ذات صبغة عشائرية تابعة لها في معركة ضد قواتنا. كشفنا في وقت سابق عن مخططات للنظام للسيطرة على مناطقنا عبر تشكيل عصابات من المسلحين في الضفة الأخرى من الفرات، لكننا تعاملنا بسرعة وحزم لوقف محاولات عبور تلك المجموعات إلى الضفة الشرقية.
* هل حصلت اتصالات بينكم وبين دمشق بعد التوتر الأخير؟ وما نتيجته؟
– لم يحصل أي اتصال بيننا وبين دمشق بشكل رسمي.
* هل تعتقدون أن هناك تنسيقا بين دمشق وأنقرة وطهران في دعم العشائر؟
– يمكن الحديث عن تنسيق واضح بين دمشق وطهران في محاولة دعم بعض ممثلي العشائر الموالين لهما، إلّا أن تركيا أيضا دخلت على هذا الخط وبدأت بدعم المجموعات السورية المسلحة التابعة لها باسم العشائر. وقد شهدت مناطق خارج دير الزور، في منبج، وتل تمر، وعين عيسى، محاولات جدية لشن هجمات موازية على مناطقنا. يمكن الحديث عن وجود رغبة لدى الأطراف الثلاثة في استغلال أبناء بعض العشائر في تنفيذ أجنداتهم، تلك الأجندات، وإن اختلفت، إلّا أن غايتها واضحة تتمثل في توجيه ضربات لقواتنا وهدم الصيغة المتفق عليها من قبل مكونات المنطقة والتي تتمثل في الإدارة الذاتية، هم أرادوا تخريب علاقاتنا الجيدة مع العشائر والمجتمع المحلي، عبر استخدام اللغة الطائفية، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك.
* هناك من يقول إن العرب مظلومون شمال شرقي سوريا. ما ردكم؟
– لا يمكن الحديث عن قومية مظلومة وأخرى ظالمة في مناطقنا، نرفض هذا المنطق وهذه الاتهامات بشدة، فـ”الإدارة الذاتية” تمثّل كل أبناء المنطقة ونقطة قوة قواتنا تكمن في الحضور العربي الوازن في صفوفها. بصراحة، يمكن الحديث عن مناطق، وليس جماعات، تعرضت لمظالم، جراء إرهاب داعش ونقص الموارد والخدمات ومحاولات ضرب استقرارها من قبل أطراف عديدة. نحاول بشكل جدي حل مشكلات السكان في المناطق التي تعرّضت لظروف صعبة، وأكرر هنا أننا قطعنا وعدا في معالجة تلك المشكلات بأسرع وقت.
* كيف كان موقف روسيا في التصعيد الأخير؛ هل ترون قصفها العشائر في ريف منبج دعما لكم؟
– الحقيقة روسيا لم تقصف العشائر كما تفضلتم، بل قصفت المجموعات المسلحة التي حاولت الظهور كعشائر هذه المرة، هي قامت بالحفاظ على هدوء الجبهات وحاولت قطع الطريق أمام تمدد المجموعات المسلحة الموالية لتركيا والتي حاولت الاستفادة من الأحداث الأخيرة. لا يمكن القول إن روسيا دعمتنا بقدر ما يمكن القول إنها لا توافق على صيغة استغلال الأوضاع لصالح عمليات توسع تركية جديدة؛ وخاصة أن لدينا تفاهمات قديمة مع روسيا للحفاظ على استقرار هذه المنطقة إبان انسحاب التحالف الدولي من غرب الفرات 2019؛ ويبدو أن روسيا غير موافقة على أي تغيير في مناطق نفوذها غرب الفرات.
* ماذا عن أميركا؟ هي فقط نفذت طيران استطلاع لكن لم تدعمكم عسكريا. ما تفسيرك؟
– لم نكن بحاجة لدعم أميركي، خارج الدعم الجوي (الاستطلاع)، في عملية إعادة الاستقرار، كنا واثقين من إمكانيات قواتنا وقدرتها على مواجهة التوترات الأمنية الحاصلة، وكنا واثقين من أن معظم السكان سيؤيدون حملة “تعزيز الأمن” التي أطلقتها قواتنا، وهذا ما حدث بالفعل.
* ممثلو أميركا اقترحوا التوسط بينكم وبين العشائر. ماذا يعني هذا؟
– نتشارك مع الولايات المتحدة مسألتين في هذا السياق، الأولى هي استكمال مهامنا المشتركة في ضمان هزيمة داعش، والحفاظ على استقرار المنطقة. مقترحات ممثلي أميركا تأتي في هذا السياق لتدعيم مواقف “قسد” كشريك في محاربة داعش، وهو ما لمسناه في تصريحات المسؤولين الأميركيين الذين جددوا التزامهم بالشراكة مع “قسد”، وعادة ما نتبادل مع الجانب الأميركي الاضطرابات والمشاكل التي تحدث في المناطق التي قمنا بتحريرها معا.
* رئيس الأركان في الجيش الأميركي مارك ميلي قام بزيارة إلى شمال شرقي سوريا، كيف كانت تلك الزيارة؟
– زيارة رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي جاءت لغرض متابعة أوضاع القوات الأميركية في المنطقة، ولأجل الاطلاع على سير العمليات لضمان هزيمة داعش والالتقاء مع أعضاء الخدمة الأميركية. الزيارة جددت الثقة بأن الشراكة بين “قسد” وقوات التحالف الدولي ما زالت متينة وأن العمل ما زال مستمرا لضمان هزيمة داعش.
* هل تعتبرون هذه الزيارة بمثابة ضمانة للوجود الأميركي؟ هل أبلغكم بذلك؟
– عمليا تشكل مثل هذه الزيارات رفيعة المستوى تجديدا لالتزامات واشنطن فيما خص استكمال العمل على هزيمة داعش، وتعكس أهمية المنطقة في استراتيجية واشنطن الأمنية، وهذا ما يتفق عليه الأميركيون من أن استقرار المنطقة وضمان عدم عودة داعش مرتبط ارتباطا مباشرا بتعزيز قدرات قواتنا واستدامة دعمها.
* تراجعت حدة التهديدات التركية بعملية عسكرية شمالي سوريا. ما تفسيركم؟
– كنا نتمنى أن يكون سبب تراجع التهديدات عائدا إلى اقتناع المسؤولين الأتراك بأن التهديد بالحرب يفاقم مشكلات المنطقة. لكن تراجع أنقرة عن تهديداتها مبني على صعوبة حصولها على ضوء أخضر أميركي أو روسي، وبالتالي هناك حاجة للتوقف عن مثل هكذا سياسة جربتها تركيا خلال السنتين الماضيتين بشدة، أعتقد أن أوضاع تركيا الداخلية وأزمتها الاقتصادية تحول دون المضي في هكذا تهديدات تسيء لعلاقاتها بالدول الكبرى وتحديدا الولايات المتحدة، كما أن عودة العلاقات العربية (الخليجية) التركية ساهمت في توقف تركيا عن استفزاز دول المنطقة والسعي لتوسيع مناطق احتلالها في سوريا. ونتطلع لإيقاف هذه التهديدات كليا ومستعدون لأي حوار يخدم استقرار المنطقة وإيجاد حل للأزمة السورية وخاصة المناطق المحتلة من قبل تركيا وضمان عودة سكانها الأصليين.
* زاد التوتر الأميركي- الروسي شمال شرقي سوريا، ربما بسبب أوكرانيا، كيف انعكس ذلك عليكم؟
– لا تزال التوترات في الحدود الدنيا أو لنقل إنها منضبطة. نسعى أن لا تصبح مناطقنا ساحة للتنافس الدولي والإقليمي، علاقاتنا مع القوتين ترسمه مصالح سكان مناطقنا ومصلحة الشعب السوري، لذا وكطرف سوري نحاول أن لا تنعكس الخلافات والصراعات الدولية على مناطقنا أو أن نكون جزءا من صراعات ذات صبغة دولية.
* كيف توازنون العلاقة بين الجيشين الأميركي والروسي؟
– علاقتنا مع الجيش الأميركي مؤطرة في الحرب على داعش وحماية المنطقة وأمنها، أما في المناطق التي لا توجد فيها قوات أميركية وتتبع لنفوذ روسيا، فإننا نحاول أن نقيم شكلا للتنسيق كي تستقر تلك المناطق وأن لا تصبح عرضة للفوضى والإرهاب. علاقاتنا واضحة فنحن لا نؤيد الوقوف مع طرف ضد آخر، غايتنا الحفاظ على هذا الجزء من سوريا إلى حيث الوصول لحل سياسي عادل ينهي أزمة البلاد.
* لماذا ترفضون الذهاب إلى دمشق رغم الضغوط الروسية؟ وما شروطكم للاتفاق مع دمشق؟
– لا نرفض الذهاب إلى دمشق لكن الظروف لم تنضج بعد ولم نلمس أي بوادر للحل من قبل دمشق أو الاستجابة والمرونة تجاه مبادراتنا، وقد سبق أن طالبنا الروس بالمساعدة في الوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة السورية المتنامية. نحن نطلب أن تقبل دمشق بحل سياسي واقعي ولأجل ذلك طرحت الإدارة الذاتية مبادرة لحل الأزمة السورية في أبريل/نيسان الماضي، ولم تتلقَ أي رد من دمشق، هذا يعني أن دمشق لا تزال مصرة على سياسة العناد ورفض أي طروحات واقعية تنهي الأزمة وتساهم في إحلال السلام والاستقرار.
* دمشق كانت قد اشترطت حل “قسد” وانضمام أفرادها إلى الجيش، ما موقفكم؟
– “قسد” قوة مهنية ووطنية، ونحن نطالب بأن تصبح جزءا من المنظومة الدفاعية السورية، وأن ينظّم تاليا دورها وعملها بقانون خاص يأخذ بعين الاعتبار التضحيات العظيمة التي قدمتها قواتنا في حماية السوريين من الإرهاب، وقدرتها على حماية مناطقها بكفاءة عالية. أما أي كلام عن “حل قسد” فيأتي لتعطيل أي حل سياسي ممكن، ولا يعكس أي جدية للحوار. الشروط المسبقة التعجيزية والتعويل على استدامة الصراع بالفوضى لن ينقذ النظام الحاكم في دمشق ولن يثمر عن أي حل، فمهما ماطل (نظام) دمشق في الحل، سيكون هو نفسه الخاسر الأكبر.
* ماذا عن مستقبل “الإدارة الذاتية”؟ وما موقفكم من اقتراح دمشق باللامركزية؟
– مستقبل الإدارة مرتبط بقدرتها على الحفاظ على تجربتها وتطويرها وتصحيح مكامن الخلل فيها، الدفاع عن هذه التجربة مهمة السوريين جميعا فقد أثبت الواقع أن نموذج الإدارة هو الأنسب للحد من تغوّل المركز على بقية المناطق، وأن من حق السكان رسم سياساتهم المحلية وانتخاب ممثليهم بعيدا عن الوصاية والتهميش والإقصاء. مقترحات دمشق تتحدث عن إعادة تدوير قانون الإدارة المحلية الحالي والتعديل عليه بشكل يخدم السلطة المركزية، بمعنى أن اقتراحات دمشق لا تتحدث عن شكل حكم لا مركزي لا من قريب ولا من بعيد.
التعليقات مغلقة.